الماغوط وقاسيون أمام عدسة هالا محمد

26-02-2007

الماغوط وقاسيون أمام عدسة هالا محمد

فيلم / إذا تعب قاسيون / وبطله الشاعر /محمد الماغوط/ يجسدان عالماً على اتساعه عندما يتحدث الشاعر عن تجربة سجنه عام 1955م عن خوفه ومعاناته ,عزلته وفقره , إذ تفتح عوالم محمد الماغوظ أمامنا , بالكبرياء والتواضع بالخوف والشجاعة , بالحزن والفرح فتتسلل تلقائية في منتهى الشفافية عبر الفيلم الذي عرضه المركر الثقافي الفرنسي من اخراج الشاعرة / هالا محمد/ حيث انطلقت من قاسيون إلى غرفة الماغوط الضيقة بكاميرتها وتتتالى المشاهد واللقطات المختلفة في تراتبية فنية تحلق بشاعرية متألقة ناشرة فعلها الدرامي ,من خلال وثائق - إنسانية - حقيقة - يعلنها شاعر حر - أما المشاهد أتت متحررة من طغيان المكان الضيق باستخدام حلول اخراجية تعددت وتلونت تستثمر الإضاءة والزوايا والموسيقا والأشعار المختارة كي تنطلق إلى عوالم وعوالم بمفردات سينمائية شكلتها المخرجة كشاعرة تصوغ قصيدتها الجميلة بكثير من الحب فتتسابق إليها إنسانيات ومشاعر , عواطف وتفاصيل غنية إذ تحدث الماغوط عن الخوف والفقر عن المنع والحرية عن قصة حبه لزوجته , تحدث بحال الشاعر الثائر على كل شيء يبث محطات حياته الملونة ليبدو ممثلاً أتقن الحرفة وأبدع , يبكي بضعفه الإنساني عند الحزن ويضحك كالأطفال لمفارقة بسيطة , لنشهد عالماً متداخلاً بحق بين الإنسان والإبداع والحرية , حياة شاعر بعين شاعرة ,لذلك تجتاز المفردات فضاءاتها وتنطلق إلى آفات هي على حجم الحرية وقيمة الإنسان , وبقدر ما امتازت تلك التجربة بالخصوصية على نفس القدر كان اتساعها وعمقها وتكون العالم بأكمله يغزله الماغوط بقصائد وأشعار وابداعات رأى أساسها في السجن والخوف والمعاناة وقد اعتبر كل ذلك بواعث ابداعية فجرت ثروته الشعرية .‏

/ إذا تعب قاسيون/ مقاربات بديعة ربطت بين الوطن والقصيدة والإنسان ,حول الفيلم تحدثت المخرجة الشاعرة / هالا محمد/ فقالت : دخلنا التجربة بهدف الاستغزار للغة الإنسانية المتواجدة في الدواخل تلك اللغة المشتركة أصلاً بين الجميع فأظهر الفيلم / محمد الماغوظ/ إنساناً أحب الجمال فحتى البشاعة يحكي عنها بحب , تشعرك امتلاكها لحالات جمالية وقد تجلت روح الماغوط البرية وقدرته على صون تلك الروح ثم الحفاظ على انعتاقها الدائم , فمن شدة حبه للحرية لم يكن قابلاً للترويض فلا التكريمات ولاالترحيبات ولاالجوائز أثرت عليه ورغم ميزاته الشخصية ونزقه , احترم الماغوط فكرة الفيلم ورحب بها معتبراً أن التأسيس لحالة - فتح الملفات المحظورة - ضرورة في غاية الأهمية بشرط الابتعاد عن روح الانتقام والاقتراب من الحرص على التعلم , فاتفقنا على التيمة وحضرنا للفيلم على مدى ستة أشهر , وتعامل معي /الماغوط / كممثل يمتلك الحرفية الكاملة لإيصال مايريد .‏

وعن تأثر الرؤية الإخراجية بالرؤية الشعرية أكدت الشاعرة /هالا محمد / قائلة : يستفيد الإنسان من ثقافته وحسه الجمالي ومعرفته الحياتية التي تصقل روحه فتظهر آثارها في كل نواحي نتاجه الإبداعي فكوني شاعرة ساعد ذلك المخرجة في الاختزال والتعبير ,في التكثيف والبحث عن الإيقاع الخفي الذي يشبه نبض القلب عند الإنسان وآمل أن أتمكن من تحقيق هذه المعادلة ,فبالنسبة إلى اللغة الإنسانية هي الحامل الجوهري لكل القيم والمفاهيم , فالشعر يختزن الموسيقا والصورة والضوء ,يختزن أيضاً حالات الوعي واللاوعي , ودلالات تترك للقارئ وللزمن كشفها , قبولها أم رفضها ,السينما أيضاً تختزن نفس الحواس , الكثافة الإيقاع , البحث والبحث الإنساني , فعبر عملية بحثنا في هذه الحياة نبحث عن جوهر إنسانيتنا وعن مكان لنا , لعل هذ المكان هو الأثر الذي يطمح الإنسان بتركه قبل أن يغادر هذه الدنيا الجميلة , فالشاعرة ساعدت المخرجة ,والمخرجة ساعدت الشاعرة كما أنه في المتلقي والمشاهد شعراء مبدعون عن سؤال / تصنيف الفيلم / من وجهة نظرها أكدت المخرجة قائلة:‏

يمكننا اعتباره فيلماً اجتماعياً أو ثقافياً او اقتصادياً أو سياسياً ,ففي النهاية كل شيء يرتبط بالسياسة تلك التي تساهم في صنع حياتنا , وإن تقصدت ألا أقترب من أي كلمة في السياسة , فالهدف رفع ذلك ا لسقف المستعار الذي يضيق على الحرية , فالجمال موجود في الحرية وتقييده يقتنص الكثير من ملامحنا الإنسانية .‏

آنا عزيز الخضر

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...