الخيـال كالبحـر اسمـح لطفلـك بخوضـه

23-12-2009

الخيـال كالبحـر اسمـح لطفلـك بخوضـه

هل قصة «جنية الأسنان» صحيحة؟ وماذا عن «بابا نويل»؟ قد تبدو هذه الأسئلة عادية. لكن الإجابة عليها في سن مبكر يعتبر «مؤشراً لتطور إدراك الطفل».
ولطالما اعتبر الأهالي أن «القصص الخيالية تعتبر وسيلة يهرب عبرها الأطفال من الواقع، وما أن يبلغوا سن الإدراك في عمر معين، حتى يباشروا بطرد الخيال للتعامل مع الواقع الملموس».
لكن خبراء تنمية الأطفال يؤمنون بشدة أن «للخيال دوراً في فهم الواقع»، معتبرين أن «الخيال ضروري للتعرف على عوالم وأشخاص لا يتعامل معها الأطفال بشكل مباشر، مثل التاريخ أو الأحداث التي تقع في الأجزاء الأخرى من العالم»، وهو بالنسبة للأطفال الصغار «وسيلة لسبر أسرار المستقبل، مثل المجال الذي يريدون امتهانه عندما يكبرون».
ويقول عالم النفس الأميركي بول هاريس، والأستاذ في كلية التربية في «هارفرد» أنه «في كل مرة تفكّر فيها بالحرب الأهلية أو الإمبراطورية الرومانية أو حتى الله، تستخدم خيالك»، معتبراً ان «الخيال حيوي لتأمل الواقع، وليس أمراً نحتاجه لبلورة أفكار وهمية».
وتقوم عالمة النفس في جامعة «تكساس» جاكلين وولي بدراسة «التفكير الخيالي»، وتبعاته على «حيوات الأطفال الوهمية»، والكيفية التي يميّز عبرها الأطفال بين الواقعي وغير الواقعي.
وهي تأمل بأن تتمكن من فهم كيف يتطوّر حس الإدراك عند الأطفال، لمساعدة العلماء لفهم تأخر هذا النمو أو الظروف التي تتسبب بإصابة الأطفال بأمراض مثل التوحد.
ويوضح هاريس أن هناك أدلة تثبت أن «الخيال يلعب دوراً مهماً خلال أداء الأطفال لعبة تبادل الأدوار، وهي لعبة لا يشارك فيها قط المتوحدون»، مشيراً الى ان «افتقار الطفل للنشاط الخيالي يؤثر على مساهماته في التواصل الاجتماعي».
وتبيّن للباحثة وولي، خلال دراستها، أن 70 في المئة من الأطفال بعمر 3 أعوام يعتقدون ان «بابا نويل» حقيقي. مع بلوغهم سن الخامسة، ترتفع النسبة إلى 83 في المئة. ولا تبدأ النسبة في التراجع إلا ببلوغهم عامهم السابع وما فوق. في سن التاسعة، ثلث الأطفال فقط يؤمنون بوجود بابا نويل.
هنا لا بد من التوقف عند سؤال: لماذا يدرك الأطفال في سن الثالثة أن بابا نويل قد يكون خيالياً، ليعودوا ويؤمنوا بوجوده كحقيقة، حتى بلوغهم سن الثامنة؟
تجيب وولي إن الأطفال في سن الثالثة «يميّزون بين الحقيقي والخيالي»، لكنهم، وحتى بلوغهم الثامنة، يصبحون أكثر عرضة للتضليل، جراء أحاديث الراشدين «المقنعة»، او عند وجود «دليل».
ودعت وولي الأهالي إلى «تشجيع أطفالهم على لعب الألعاب التي تتطلّب الخيال»، وألا ينهرونهم عندما يكتشفون أن لأطفالهم «أصدقاء وهميين»، لا بل أن يتعاملوا مع هؤلاء الأصدقاء وكأنهم حقيقة، إلى أن يتخلّى عنهم الطفل.
وشددت الباحثة على أهمية ألعاب مثل «الأزياء التنكرية» وقراءة القصص الخيالية، ناصحةً الأهالي الذين يواجهون «موقفاً صعباً»، كأن يسألهم طفلهم ما إذا كان بابا نويل حقيقة أم خيالا، بأن «يقيّموا مستوى الشك عند الطفل. فإذا تبين أنه يشك في حقيقة بابا نويل، ذلك يعني انه مستعد لسماع الحقيقة»، وإذا ما تأخر في إبداء الـــشك، «لا تقلقوا سيكتشف الحقيقة لوحده، كعالم صغير».


المصدر: السفير نقلاً عن «وول ستريت جورنال»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...