أورانوس.. كوكب الغاز العجيب

03-09-2014

أورانوس.. كوكب الغاز العجيب

يُستبعد كوكب أورانوس دائماً عند التفكير في الرحلات الفضائية إلى الكواكب المجاورة، لكن هناك اليوم محاولات جادة لزيارة ذلك الكوكب العملاق، المليء بالغازات السامة، للتعرف على الكثير من أسراره.
لقد أرسلت مركبات فضائية إلى كل من كواكب الزهرة والمريخ وزحل وعطارد والمشتري، كما أن هناك مركبة في طريقها إلى بلوتو. أما أورانوس، فكانت المرة الوحيدة التي حظي فيها باهتمام عابر، عندما مرت المركبة الفضائية «فوياج 2» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية بالقرب منه، وهي في طريقها إلى أقصى حدود النظام الشمسي في العام 1986.
سمي أورانوس على اسم الإله أورانوس باليونانية القديمة، في الميثولوجيا الإغريقية. لم يتم تمييزه من قبل الحضارات القديمة على أنه كوكب، رغم أنه مرئي بالعين المجردة، وذلك نظراً لبهُوته وبطء دورانه في مداره. وأعلن وليام هرتشل عن اكتشافه في 13 آذار من سنة 1781، موسعاً بذلك حدود الكواكب المعروفة لأول مرة في التاريخ. كما كان أورانوس أول كوكب يتم اكتشافه من خلال التلسكوب.
لا يستحق أورانوس في الواقع سمعته الكئيبة، فهو في الحقيقة أحد أكثر الكواكب التي نعرفها إثارة، وغرابة أيضاً. ويقول عالم الكواكب في جامعة أوكسفورد، لاي فليتشر، إن «لكوكب أورانوس مكانة بارزة، فهو الأكثر غرابة بين أنواع الكواكب التي لدينا»، موضحاً أنه «ليس لدينا سطح صلب على أي من هذه الكواكب العملاقة. وليست هناك حدود قاطعة، ولا يوجد شيء تقف عليه أو تبحر فوقه، لكن هناك تحول مستمر من الغازات إلى السوائل، إلى بعض المواد الصلبة».
ويُعدّ كوكب أورانوس الذي يبلغ حجمه 60 ضعفاً من حجم الأرض، كتلة مضغوطة من الغازات السامة، التي تتضمن غاز الميثان والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين، التي تحيط بنواة صخرية صغيرة. ويحيط به 26 قمراً صغيراً، وبضع حلقات باهتة اللون، بالإضافة إلى مجال مغناطيسي ضعيف، ويبدو الكوكب وكأنه مقلوب على جانبه.
وكما هو معروف، يميل كل كوكب ميلاً طفيفاً عندما يدور حول نفسه، وهو ما ينتج عنه فصول السنة المختلفة، لكن، على عكس بقية كواكب المجموعة الشمسية، يدور أورانوس على محور يشير مباشرة إلى اتجاه الشمس، وهو ما يصفه فليتشر بأنه «غريب بالفعل».
ويضيف فليتشر: «تخيل عالماً يستمر فيه الشتاء لنحو 42 سنة أرضية، ولا ترى الشمس خلال تلك الفترة لمرة واحدة.. سيكون لديك ذلك الوضع الذي لا ترتفع فيه درجة حرارة الغلاف الجوي لعشرات السنين، ما يؤدي إلى ظهور خصائص لذلك الغلاف الجوي مثيرة للاهتمام حقاً».
ينتمي فليتشر إلى فريق عالمي يعتقد أن كوكب أورانوس «أهمل لفترة طويلة». ويعكف هذا الفريق على تنفيذ مشروع بتكلفة 600 مليون دولار لمصلحة «وكالة الفضاء الأوروبية»، الذي يهدف إلى إرسال مسبار فضائي خلال السنوات العشر القادمة لاستكشاف السبب وراء غرابة كوكب أورانوس على هذا النحو.
وستكون مهمة المسبار دراسة الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للكوكب، بالإضافة إلى التقاط صور تفصيلية له. كما سيقارن العلماء بين الغازات المتجمعة منذ القدم في الغلاف الجوي لأورانوس، وتلك الموجودة في الغلاف الجوي لكوكب الأرض أو المشتري، وذلك على أمل التوصل لفهم أفضل للظروف التي كانت سائدة عندما تشكل النظام الشمسي.
ويكمن السبب وراء أن أورانوس لم يحظ إلا بمهمة فضائية واحدة في أن أي رحلة إلى هذا الكوكب تمثل أمراً في غاية الصعوبة. فالكوكب يبعد عن الشمس نحو ثلاثة مليارات كيلومتر، أي حوالي 20 مرة ضعف المسافة بين الشمس والأرض. ومعنى ذلك أن أي سفينة فضاء ستستغرق 15 عاماً لتصل إليه!
ولأن ضوء الشمس ضعيف جداً على بعد تلك المسافة، فإن المركبة الفضائية تحتاج، بالإضافة إلى ألواح الطاقة الشمسية، إلى مفاعل نووي لتوليد الطاقة، وهو ما لا يسهل بناؤه وتشغيله.
وهناك أيضاً مشكلة التواصل والحصول على المعلومات من سفينة فضاء تبعد كل تلك المسافة. فهل تزود السفينة بصحن هائل لبث الموجات؟ أم يصنع لها جهاز استقبال ضخم على الأرض؟ أو ينفذ الأمران معاً؟
 لا يزال الأمر بمثابة حلم بالنسبة إلى فليتشر، إذ يقول: «أنا أجلس الآن في مكتبي كباحث في الثلاثين من عمري، وآمل أن أظل في موقعي كباحث عندما أصبح في الستين، أي عندما تصل سفينة الفضاء إلى هناك!»

(عن «بي بي سي»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...