أراد أن يأخذ دور الشرطة فمات بطعنة عابرة
تشير التحقيقات الجارية في هذه القضية، إلى وصول جثة المغدور عبد الله إلى مشفى دوما، إثر طعنه بسكين حيث نظمت شرطة مشفى دوما الضبط رقم /429/ بالحادثة، وبالتحري تبين وجود خلافات سابقة بين المدعو كمال وبين المغدور عبد الله وشقيقه أمجد الذي كان مصاباً بطلق ناري وغائباً عن الوعي في المشفى، وقد أفضى لأقاربه بعدما استعاد وعيه، واسترد عافيته، بأنه يعرف هوية من أطلق النار عليه مشيراً إلى المدعو كمال، وبدأت الشرطة تبحث عن المذكور غير أنه وبذات يوم وقوع هذه الحادثة شاهد ذوو المصاب أمجد المطلوب كمال في الحارة، وحاولوا الاتصال بالشرطة لإلقاء القبض عليه، ولكن الشرطة رفضت حسب أقوال الشهود، الحضور إلى مكان تواجد المطلوب وإنما طلبوا من ذوي المصاب الحضور إلى المركز حيث رافقتهم دورية من المخفر إلى الحارة، وما إن شاهد كمال ذوي المصاب برفقة رجال الشرطة في الحارة حتى فر هارباً باتجاه الوادي، فذهب قسم من ذوي المغدور برفقة عناصر الشرطة من جهة، بينما ركض شقيق المصاب أمجد المدعو عبد الله، وراء المتهم معتقداً أن عناصر الشرطة تؤازره من خلفه، ما جعل المطلوب يستفرد به حيث طعنه طعنة كانت (القاتلة) وولى الأدبار،
في تلك الأثناء كانت عناصر الشرطة برفقة ذوي المصاب يبحثون في اتجاه آخر عن المطلوب عبد الله الذي سبق أن فقدوا أثره، كما افتقدوا شقيق المصاب أمجد الذي كان قد لحق بالرجل المطلوب- منفرداً- وراحوا يبحثون عنه، حيث وجدوه بعد ساعة ملقى في الوادي وهو مضرج بدمائه، فقاموا بإسعافه على مرحلتين، مرة في سيارة الشرطة ومن ثم في سرفيس إلى مشفى دوما حيث وصل إليها مفارقاً الحياة.. وقد بين ضبط الشرطة الكشف القضائي والطبي على جثة المغدور تعرضه لطعنة ناجمة عن أداة حادة، مانجم عنها جرح بطول 4سم على مستوى الضلع الرابع والأيسروبعمق يصل إلى العضلة القلبية وعرض (1،5) سم ماأدى إلى الوفاة نتيجة النزف الشديد ولم يلاحظ حسب تقرير الطبيب الشرعي أي أثر لجبر أو شدة على الجثة هذا وبعودة رجال الشرطة إلى مسرح الحادثة في اليوم التالي وجدوا أداة الجريمة (السكين) وعلبة دخان، وقداحة وشحاطة عائدة جميعها للجاني الذي أفاد لدى فرع الأمن الجنائي بريف دمشق في الضبط رقم 659 قائلاً: بينما كنت قرب البساتين بعربين شاهدت ذوي المصاب أمجد شقيق المغدور عبدالله وحصلت بيننا ملاسنة كلامية وشاهدت بعدها سيارة دورية المخفر وبضمنها عدة عناصر فركضت باتجاه خندق كنت ألوذ به ضمن البساتين وفي الوقت الذي ضلت عنه دورية الشرطة وفقدت أثره، ظل المغدور عبد الله يركض خلفه- منفرداً- وهو شهر موس كباس (على حد قوله) وقام بشتمه حيث التفت إليه وأشهر عليه بدوره موس كباس كان بحوزته ماجعل المغدور عبد الله يبادر إلى ضربه وإصابته في إبهام يده اليسرى ماجعله يرد عليه، (حسب إفادته) بطعنة في الصدر ثم لاذ بالفرار...
ويؤكد المقبوض عليه كمال أنه لم يكن يقصد قتل المغدور وإنما فقط الدفاع عن نفسه وهو يلوذ بالفرار.
غير أن هيئة المحكمة الناظرة في هذه الدعوى لم تعتبر تلك الطعنة -مجرد طعنة (عابرة) للهروب، وكشفت عن نية الطاعن بإزهاق روح المغدور، من خلال مكان وعمق الطعنة التي وصلت حتى القلب وأرتأت هيئة محكمة الجنايات الثانية بريف دمشق محاكمة المتهم كمال وفقاً لقرار الاتهام رقم 358 في القضية أساس 1060 الصادر عن السيد قاضي الإحالة بريف دمشق الذي تضمن من حيث النتيجة اتهام المدعى عليه كمال بجنايتي القتل قصداً والسرقة الموصوفة (حيث كان المتهم قد اعترف لدى فرع الأمن الجنائي بريف دمشق بأنه أقدم على سرقة مايقارب سبعمئة كغ لوز من مزرعة أحد الجوار، وقد تم استرجاع كامل الكمية من قبل الشرطة قبل تصريفها) في حين نفى المتهم إقدامه على سرقة قطع تبديل سيارات من محل المدعي أدهم، قائلاً: إن ادعاء أدهم عليّ بسرقة قطع تبديل سيارات غير صحيح.
ولدى مثول المتهم أمام محكمة الجنايات المذكورة طلب وكيل جهة الادعاء إلزام المتهم بدفع تعويض ثلاثة ملايين ليرة سورية بعد تبديل الفاعلية الجرمية إلى القتل العمد.. بينما طلب ممثل النيابة العامة، تجريم المتهم وفق قرار الاتهام الصادر عن قاضي الاحالة.
في حين تقدم وكيل المتهم بمذكرة دفاع خطية جاء فيها «أنه لولا ممارسة المغدور في هذه القضية لدور الشرطة لما كانت هذه الجريمة حيث إن موكله (أي المتهم) كان أثناءها في حالة ذعر، ولم تكن نية القتل متوفرة لديه، وقد دلّ الدفاع على ذلك بأقوال الشهود، وتقصير رجال الشرطة وماورد في ضبطهم من تناقض لجهة الاسعاف.. وأضاف: إن أركان القتل القصد غير متوافرة في هذه القضية وخاصة (النية) وطلب تأسيساً عليه تبديل الوصف الجرمي وفق المادة /536/ من قانون العقوبات العام، وإعلان براءة موكله من جرم السرقة الموصوفة، كونه لم ينهض الدليل اليقيني الذي يمكن الركون إليه لتجريم موكله لهذه الجهة، وإن اعترافاته الأولية ناجمة عن الشدة والاكراه، وقد أنكر ذلك قضائياً بعد أن أفاد المدعي(صاحب المسروقات) بأنه تم القبض على السارق الحقيقي وأنه لم يشاهد موكله أثناء السرقة وإنما شاهد شخصاً آخر ذكر له اسم المتهم كما شاهد سيارة كانت تقف بجوار المزرعة وفيها سائق لم يتأكد من هويته.. وبناء عليه فقد أصدرت هيئة محكمة الجنايات الثانية بريف دمشق قرارها رقم 388في الدعوى أساس 110 المتضمن بالاتفاق: تجريم المتهم كمال تولد 1970 بجناية القتل قصداً وفق المادة /533/ من قانون العقوبات العام، ومعاقبته لأجل ذلك بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة...
وإعلان براءته من جناية السرقة الموصوفة لعدم كفاية الأدلة بحقه.
مع منحه الأسباب المخففة التقديرية الناجمة عن طلب المتهم الشفقة والرحمة بعد تأكيده في محضر استجوابه الإداري أمام هيئة المحكمة أنه لايوجد لديه أي دافع لقتل المغدور.ولم يكن ينوي أصلاً قتله بل تخويفه بعد أن لحق به منفرداً عن عناصر الدورية، وبادره بالضرب بالسكين.. وبحيث أصبحت عقوبته الأشغال الشاقة مدة اثنتي عشرة سنة مع احتساب مدة التوقيف وإلزامه بدفع مبلغ مليون ل.س لورثة المغدور، كتعويض عن الضرر المادي والمعنوي اللاحق بهم.. ومنعه من الاقامة مكان وقوع الجرم مدة توازي عدد سنين محكوميته..
ملك خدام
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد