طمس الهوية

28-07-2010

طمس الهوية

كيف يمكن للأستاذ الجامعي أن يفرق بين طالبتين منقبتين, إحداهما كسولة والأخرى متفوقة, فلا يعطي لإحداهما علامة الأخرى.. وكيف لمراقب الامتحانات أن يتأكد أن هذه المنقبة هي صاحبة البطاقة التي تتقدم بها للامتحان, أو يعرف أنها لاتضع في أذنها سماعة موبايل .. وكيف للطالبات, عندما تدخل منقبة إلى بيت الخلاء معهن, أن يعرفن أنها امرأة وليست رجلاً يتلصص عليهن.. وكيف للأساتذة المهدَدين أن يعرفوا أن هذه المبرقعة التي تدخل إلى دروسهم لا تضع رشاشاً تحت جلبابها السميك.. وكيف يمكن للناس أن يعرفوا أن هذه المنقبة التي دخلت بيت رجل هي أمه أو أخته وليست جارته أو صاحبته.. وكيف لشرطي المرور أن يعلم أن هذه المنقبة هي صاحبة الشهادة التي تبرزها له.. وكيف للمجتمع الجامعي أن يتقبل طالبة تعتبر أنها كلها، بمافيه صوتها، عورة تتطلب الستر والإخفاء!؟  النقاب كيس شكوك والتباس وتوجس...
       سيدي هل تود أن تشتري شيئاً مخبأ داخل كيس أسود؟ إن الوجه المخبأ كالدين المخبأ.. وإخفاء الوجه هو طمس لهوية صاحبه, وهو تقليد يهودي كانت تستخدمه النساء المحرومات من الرجال فيجلسن منقبات على قارعة الطريق لاختيار عابر سبيل يقضي حاجتهن دون أن يُعرَفن, وقد وردت في التوراة بعض هذي الحكايات.. ولم نسمع أن النساء في المجتمع الأموي أو العباسي كن يخفين وجوههن, كما لم نسمع عالم دين محترم يحض على النقاب, ومن حق الأفراد قبل المؤسسات رفض المبرقعات.. والمدافعين المبرقعين الذين مافتئوا, في معرض دفاعهم, الحديث عن (المشلطات) على الرغم من أن غالبية طالبات الجامعات، مثل الطلاب, يرتدين ثياباً محتشمة وعملية مقررة منذ ربع قرن .. وإذا كان حقاً قد صدر قرار منع المنقبات من ارتياد الجامعات فهذا يعني أن الدولة قد بدأت بالإقتراب من الصدق بعد طول نفاق وممالأة..
   الوجه هوية المخلوق وقدرة الخالق المبدع الذي خلق الإنسان على مثاله وصورته.. نعم لإسلامٍ قوي وظاهر ولا لإسلام مختبئ وخائف وشكاك.. هكذا نتشارك مع العالم حياة اليوم بدلاً من استعادة الأمس. أمس المماليك والعثمانيين, عندما كانت المرأة ملغاة من الحياة العامة, ولم يكن للبرقع أن يعوقها طالما أنها تقبع خلف أبواب ذكورها المرعوبين من الفتنة ..

تنويه: في الجزء الأول من كتابنا "نساء سوريا" يظهر جلياً أن حركة الحداثة والمساواة بين المرأة والرجل قد بدأت بعد الاستقلال، عندما تخلصت بنات الأسر الإسلامية العريقة من إسار النقاب والحجاب والخروج من المنزل للعلم والعمل والمشاركة في بناء الإستقلال.. أولئك النساء الرائدات في القضاء والطب والتدريس والصحافة والموسيقى، هن من دفعن الضريبة عن الأجيال اللاحقة، فتحية لهن وبؤساً لمن يخربون إنجازاتهن اليوم ..

 نبيل صالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...