زهير وعمار أحدهما باع خصيته ليفتح محل تجاري والآخر كليته للسفر

07-12-2022

زهير وعمار أحدهما باع خصيته ليفتح محل تجاري والآخر كليته للسفر

“زهير” 32 عاماً، ليس أول ولن يكون آخر شاب سوري يلجأ لخيار بيع خصيته لقاء مبلغ من المال يسد به عوزه وحاجته. إذ تعتبر عملية تجارة الأعضاء البشرية في “سوريا” من الأمور التي باتت شائعة في البلاد بشكل شبه علني، والتي تحدثت عنها سابقاً صحف محلية شبه حكومية مثل صحيفة البعث.


ومع تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد والتضخم الهائل في الأسعار بفعل الحرب وما تلاها من عقوبات غربية، ساءت أوضاع جميع شرائح المجتمع السوري خصوصاً الفئات الفقيرة والأكثر فقراً. الأمر الذي دفع معيلين كثر لخيار بيع أعضائهم لقاء لقمة العيش.

و”زهير. خ” من حي “القيمرية” في “دمشق” قرر بيع خصيته مع صديقه “عمار. ب” 36 عام من حي ركن الدين الذي قرر بيع كليته هو الآخر.

وقد جاءتهما الفكرة كما يقول “زهير” لسناك سوري من صديق لهما: «لقد أخبرني صديق أن شخصاً يبحث عن كلية، وهو سمسار لبناني. في الخامسة والأربعين يدعى “أبو علي” يعمل في دمشق، ويبدو أنها مهنته، فراودتني الفكرة لأنها ستضع حلاً لجميع مشاكلي».

اتفق “زهير” و”عمار” مع السمسار بالفعل لقاء مبلغ 20 ألف دولار أميركي للخصية الواحدة و20 ألف دولار للكلية الواحدة.
وعن الطريقة للبيع يقول “زهير”: «عندما أبلغنا السمسار بقبولنا الفكرة، أخبرنا أن إجراء العملية سيكون في بيروت، وبالفعل قام بنقلنا إلى العاصمة اللبنانية. وأجرى لنا العملية رغم إننا غير مسموح لنا مغادرة البلاد، لكنه (دبّر القصة بمعرفته)».

المخاطر الجسدية والنفسية على المتبرع

قد يعاني المتبرع في كثير من الأحيان من مضاعفات صحية ونفسية على المدى البعيد قد تؤثر على نمط حياة المتبرع وأسرته بشكل سلبي.

الطبيب “همام رحمة” وهو أخصائي تناسلية قال حول مخاطر التبرع بالأعضاء في المستقبل: «إن عملية استئصال خصية واحدة. لا يؤثر بشكل سلبي على الأداء الجنسي أو الخصوبة و لا يسبب العقم إذا كانت الأخرى سليمة، لكن قد يكون هناك أثر على القدرة على الإنجاب قد يصل في بعض الأحيان إلى نسبة 30 %».

وأضاف الطبيب “رحمة”: «المتبرعين بالكلى قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالفشل الكلوي في المستقبل بدرجة أعلى قليلًا. مقارنة بمتوسط خطر الإصابة بالفشل الكلوي لدى بقية الأشخاص. كما أنهم معرضون لنزيف دموي واسترواح صدري والتهاب رئوي وانسداد معويّ (Ileus) بالاضافة إلى الجلطات الدموية ومضاعفات الجرح وأحياناً الموت».

لكن أكثر ما يثير القلق هو ما يتركه التبرع بالأعضاء من اضطرابات نفسية في الصحة العقلية للمتبرع. إذ غالباً ما قد يواجه المتبرع مشاكل نفسية حادة وكذلك يزيد من القلق والحقد ما يجعله فرداً غير نافع لمجتمعه.

عانى “زهير” من أزمة نفسية ولازال كذلك رغم نكرانه ذلك، فقد لقي معارضة شديدة من زوجته لأنها كما قال كانت تخشى أن يؤثر ذلك سلباً على صحته. لكنه قال وكأنه يواسي نفسه: «أنا متزوج ولدي ولله الحمد طفلين، وفي حال أثر ذلك على قدرتي على الإنجاب. فقد عوضني الله بطفلين أستطيع الآن أن أؤمن لهما حياة مقبولة بما أملكه من مال. ربما أبكيت زوجتي لفعلي هذا لكنها ستشكرني في الأيام القادمة حين يتحسن حالنا».

أما زوجته فكان لها موقف مختلف، تقول «رفضي لما قام به زوجي هو خشيتي أن يؤثر ذلك على حياته، فعائلتي خارج البلاد وإن حدث له مكروه من سيهتم بنا».

وأضافت الزوجة لـ”سناك سوري” مفضلة عدم ذكر اسمها: «قبل موعد العملية كان زهير متوتراً وخائفاً، ومع ذلك كان مصراً على إجرائها. وها قد مضى على عمليته بضعة أشهر لكنه بات شخصاً مختلفاً، عصبي ومنعزل، ودائماً على وجهه علامات القلق والاكتئاب».


يحاول “زهير” و”عمار” اليوم أن يعيشا حياتهما بشكل شبه طبيعي، فقد قام “زهير” بافتتاح محل تجاري في حي قريب من منزله، وانطلق في عمله هذا منذ مدة قصيرة. ويأمل أن يكون انطلاقة جديدة له ولعائلته، في حين يتجهز صديقه “عمار” للسفر إلى أوروبا لأنه يرى أن أي عمل هنا لن يؤتي أي ربح في ظل تقلب السوق وانتشار الفقر والمجاعة.

وكشفت تقارير محلية أن معدل الفقر في سوريا بلغ 90 في المئة بين عامي 2020 و2021 وفقاً لرئيس مكتب الإحصاء المركزي شفيق عربش. حيث قال في حديثه لإذاعة (شام إف إم) أن واقع الأمن الغذائي في البلاد مهدد حالياً، وكلما انخفض ساهم بزيادة معدل الفقر.

وأضاف وفقاً لإحصائيات أجريت بالتعاون بين “المكتب المركزي للإحصاء” وبرنامج الغذاء العالمي، أن “نحو 8.3 في المئة من الأسر تعاني من انعدام شديد بالأمن الغذائي. و47.2 في المئة يعانون من انعدام متوسط، في حين يتمتع نحو 39.4 في المئة بأمن غذائي مقبول، ولكنهم معرضون لانعدامه مع أي صدمة تتعلق بارتفاع الأسعار”.

هذا الواقع دفع سوريين كثر داخل البلاد للبحث عن طرق بديلة للعيش في هذه البلاد فتزايدت أعداد المهاجرين رغم مخاطرها، في حين جنح كثر للسرقة والنهب وبيع أعضائهم.

هذا وقد تزايدت عمليات بيع الأعضاء والاتجار بها في السنوات الأخيرة حتى تحولت إلى ظاهرة مقلقة، كشفت عن وجود سوق سوداء تقود وتنظم عمليات البيع. والملفت أنها باتت تمارس بشكل علني، حيث بلغ الفقر مبلغه بأن بات المتبرعون يعلنون عن بيع أعضائهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومعرفاتهم الشخصية وكذلك ملصقات على الشوارع ويضعون أرقام هواتفهم للاتصال بهم. وهو أمر يكشف مدى ضعف القوانين المحلية التي تجرم بيع الأعضاء والمتاجرة بها.

الإتجار بالاعضاء في التشريع المحلي والدولي

وفقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، تتم تجارة الأعضاء غير الشرعية عند إزالة الأعضاء من الجسم بغرض معاملات تجارية. وأن الدفع من أجل الحصول على الأعضاء البشرية من المرجح أن يأخذ ميزة غير عادلة بالنسبة للفقراء والفئات الضعيفة وبالتالي التبرع يؤدي إلى التربح والاتجار بالبشر.

وبذلك كل الدول حول العالم أصدرت قوانين ناظمة تهدف إلى منع المتاجرة غير القانونية بالأعضاء في السوق السوداء، سواء عن طريق الحظر الصريح أو من خلال التشريعات التي تدقق في هوية المتبرعين والمستفيدين وعن الطريقة التي تتم بها عملية الزرع.

ووفق القوانين الجزائية السورية ذات الصلة، تم إصدار المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2010 لمنع الاتجار بالأشخاص ونصت المادة 17 منه على إنشاء إدارة خاصة في وزارة الداخلية لمكافحة هذه الجرائم التي تعتبر تجارة عالمية غير مشروعة تديرها عصابات دولية وشبكات إجرامية تمتد خيوطها إلى أكثر من بلد. في حين أن القانون السوري رقم 30 لعام 2003، يتيح التبرع بالأعضاء من الأقارب وغير الأقارب.

 

سناك سوري – شاهر جوهر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...