الهدف الليبي في منظور حلف الناتو

23-02-2011

الهدف الليبي في منظور حلف الناتو

الجمل: بحلول الساعات الأخيرة من مساء الأمس، دخلت الأزمة السياسية الليبية نفق التدويل وذلك بفعل التطورات الجديدة التي حدثت بشكل متزامن على مستوى مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية: فما هي أبعاد وملامح تدويل الأزمة الليبية؟ وما هي القراءات لحقيقة النوايا الدولية المعلنة وغير المعلنة إزاء الأزمة الليبية؟ وهل نحن أمام سيناريو إدارة الأزمة السياسية الليبية بما يؤدي لحلها، أم نحن أمام سيناريو لإدارة الأزمة بأزمة أخرى بما يؤدي إلى وضع أزموي جديد في المنطقة خاصة وأن شبح نموذج "إدارة الأزمة بالأزمة" ما يزال حاضراً بقوة في الساحة العراقية؟!
* المجتمع الدولي والأزمةالزعيم الليبي معمر القذافي في خطابه الأخير مساء أمس السياسية الليبية: توصيف المعلومات الجارية
مارست أزمة الاحتجاجات السياسية المزيد من حضورها القوي في كافة المحافل السياسية والإعلامية الدولية بما أدى إلى حدوث المزيد من التصعيدات السياسية الدولية والإقليمية الجديدة، وفي هذا الخصوص فقد حدث مساء الأمس تطوران جديدان هامان:
•    قرار مجلس الأمن الدولي: تقول التقارير والمعلومات بأن مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة مغلقة ظهر الأمس –بتوقيت نيويورك- وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى النقاط الآتية:
-    حدوث خلافات بين أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة الكبار حول بنود مشروع القرار التسعة، وفي هذا الخصوص اعترضت الصين على البند الذي طالب المجتمع الدولي بالعمل من أجل فتح التحقيقات ومن ثم فقد تم تعديل هذا البند ببند آخر يطالب الحكومة الليبية بوضع حد لعمليات استخدام العنف، وفي هذا الخصوص أشارت التسريبات إلى أن الموقف الصيني سببه حساسية بكين إزاء "مبدأ السيادة الداخلية" وضرورة التزام المجتمع الدولي بمبدأ حق الحكومات في القيام بأعمال السيادة دون أي تدخل خارجي من أي طرف حتى لو كان الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
-    حدث  خلاف بين أعضاء المجلس ورئيس الوفد الليبي عبد الرحيم شلقم الذي أعلن بوضوح بأنه لم يقم بتسليم مجلس الأمن الدولي أي طلب رسمي يعطي المجلس الحق في عقد اجتماع لبحث الأزمة الليبية، وقد تبين أن السفير الليبي الدباشي الذي يتولى نائب شلقم في الأمم المتحدة قد استغل فرصة عدم وجود عبد الرحمن شلقم يوم الاثنين بمدينة نيويورك وقام بإعدادطلب موجه لمجلس الأمن الدولي بضرورة القيام بالنظر في أمر الأزمة السياسية الليبية، وعلى الفور، تم استلام الطلب وأعقب ذلك مباشرة قيام بريطانيا بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يتكون من 9 بنود من بينها البند الخاص بإجراء التحقيقات الدولية، هذا وتجدر الإشارة إلى أن عبد الرحمن شلقم عندما عاد إلى نيويورك، وعلم بأمر الطلب، أعلن على الفور رفضه لخطاب الطلب وعن تأييده ودعمه لنظام الرئيس معمر القذافي، ولكن برغم ذلك، فقد أعلنت دوائر مجلس الأمن الدولي بأن الطلب الليبي قد تم استلامه بالفعل، وأن مجلس الأمن الدولي لن يتراجع طالما أنه بدأ في الإجراءات والترتيبات، إضافة إلى أن السفير الدباشي هو الشخص المفوض بتمثيل ليبيا في مجلس الأمن الدولي طالما يكون عبد الرحمن شلقم غير موجود.
•    قرار أمانة جامعة الدول العربية: أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن تعليق عضوية ليبيا في جامعة الدول العربية والأمانات التابعة لها، وذلك بالاستناد إلى المعلومات والتقارير القائلة بأن النظام الليبي يقوم حالياً باستخدام العنف المفرط ضد المواطنين الليبيين.
بالاستناد إلى ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي وقرار جامعة الدول العربية تكون الأزمة السياسية الليبية قد دخلت ضمن نفق التدويل، وحالياً، وبرغم أن مفوضية الاتحاد الأوروبي لم تقم بإصدار أي قرار بشأن الأزمة الليبية، فمن المتوقع أن تسعى خلال الفترة القصيرة القادمة للقيام بإصدار قرار مماثل مع ملاحظة أن قرار المفوضية الأوروبية يمكن أن ينطوي عليه المزيد من التداعيات الفائقة الحساسية، ليس على النظام الليبي وحسب، وإنما بقدر أكبر على بلدان واقتصاديات القارة الأوروبية نفسها والتي تعتمد بقدر كبير على إمدادات النفط والغاز الليبي.
* تدويل الأزمة السياسية الليبية: إلى أين تمضي القاطرة؟
اندفعت قوة زخم الأزمة السياسية الليبية بما أدى إلى إطلاق طاقة هائلة من العنف السياسي، والذي تقول كل المؤشرات بأن طاقته تفوق بأضعاف حجم الأزمة الجارية حالياً في الداخل الليبي، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
-    تحدثت بعض التسريبات عن ضغوط أمريكية تتعرض لها إدارة الرئيس أوباما لجهة القيام بإنفاذ سيناريو التدخل العسكري الأمريكي العاجل ضد ليبيا، وهو مشروع تم وضع مخططاته منذ أيام إدارة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان على خلفية أزمة خليج سرت والمواجهات العسكرية الأمريكية-الليبية، ومحاولة أسراب الطائرات الحربية الأمريكية القيام بقصف مقر الزعيم الليبي معمر القذافي ومحاولة "دكه" من الجو. وتقول التسريبات بأن السيناتور الديمقراطي-اليهودي الأمريكي والزعيم البارز في جماعات اللوبي الإسرائيلي جو ليبرمان والزعيم الجمهوري البارز جو ماكين المرشح الجمهوري الرئاسي، والذي أعلن استعداده والتزامه في حالة فوزه بالرئاسة شن حرب نووية شرق أوسطية من أجل حماية أمن إسرائيل، يقودون الآن حملة داخل الكونغرس الأمريكي للقيام بالضغط على الحكومة الأمريكية  من أجل التدخل، إضافة إلى قيام السيناتور الديمقراطي جو ماكين بحملة تطالب الإدارة الأمريكية بإعادة فرض نظام العقوبات الأمريكية والدولية ضد ليبيا.
-    تحدثت التسريبات عن ترتيبات سوف يسعى حلف الناتو من خلالها القيام باحتلال ليبيا على غرار احتلال صربيا واحتلال أمريكا للعراق وأفغانستان، وذلك تحت مبررات قيام حلف الناتو بتحقيق ثلاثة أهداف هي: حماية السكان المدنيين الليبيين، حماية الأمن في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط، حماية المصالح الأوروبية.
على خلفية التطورات والأحداث والوقائع الجارية، من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط تشهد في الوقت الحالي بعداً سياسياً مزدوجاً ينطوي على جانبين في غاية الأهمية:
•    عملية احتجاجات شعبية في العديد من دول الشرق الأوسط: تونس، مصر، البحرين، اليمن، ليبيا، الجزائر، المغرب، الأردن والعراق.
•    عملية سرية تقوم بها أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والغربية لتوجيه فعاليات هذه الاحتجاجات بما يبقي على حلفاء محور واشنطن-تل أبيب ويضعف خصوم هذا المحور.
وتأسيساً على ذلك، فإن أبرز أهداف محور واشنطن-تل أبيب يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
-    إنفاذ سيناريو الإبقاء على السلطات التونسية بطاقمها الحالي طالما تستطيع المحافظة على توجهات السياسة الخارجية التونسية المرتبطة بفرنسا وأمريكا وإسرائيل مع ضرورة تقديم الدعم لهذه السلطات لجهة تحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية.
-    إنفاذ سيناريو الإبقاء على السلطات المصرية الحالية أو استبدالها بسلطات تتكون من طاقم يكون أكثر التزاماً بإنفاذ بنود اتفاقية كامب ديفيد بالتعاون المصري-الأمريكي في الشئون السياسية والدبلوماسية الشرق أوسطية.
-    حماية ألأنظمة الخليجية والأخرى الحليفة لأمريكا من الانهيار والعمل لإنفاذ ذلك من خلال حثها على إجراء الإصلاحات الممكنة لجهة إرضاء الجماهير وفي نفس الوقت عدم الإصرار بالمصالح الحيوية الأمريكية المتمثلة في السيطرة على الموارد وحماية أمن إسرائيل.
أما ليبيا فالمطلوب حالياً، توظيف التصعيدات السياسية الجارية بما يتيح توفير المبررات والذرائع اللازمة لجهة قيام قوات حلف الناتو باحتلال ليبيا وذلك بالتعاون مع أمريكا، بما يؤدي إلى ابتزاز موارد النفط والغاز الليبي، ويحول ليبيا إلى قاعدة متقدمة لحلف الناتو في مناطق شمال أفريقيا، وتقول المعلومات والتسريبات بأن مشكلة إنفاذ هذا المخطط سوف تصطدم بالموقف التركي وذلك لأن قرارات حلف الناتو يجب أن يتم اتخاذها بالإجماع، وهو الإجماع الذي لم تستطع أمريكا الحصول عليه بسبب الرفض التركي عندما سعت إدارة بوش لاستخدام حلف الناتو في عملية احتلال العراق.
وتقول المعلومات والتسريبات بأن هناك احتمالات كبيرة لجهة اعتراض أنقرا على قيام حلف الناتو بغزو واحتلال ليبيا، ولكن، لما كانت السياسة هي فن الممكن، فمن يدري، ربما توافق أنقرا وتحصل على المكافأة التي انتظرتها طويلاً وهي عضوية الاتحاد الأوروبي، وحل الأزمة القبرصية بما يرضي تركيا!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...