مصر: هستيريا «إخوانية» لتسريع بناء دولة القمع

27-03-2013

مصر: هستيريا «إخوانية» لتسريع بناء دولة القمع

على عكس ما توقعه أو تمناه «الإخوان المسلمون»، ربما يكون أمر ضبط وإحضار خمسة من أبرز الناشطين المعارضين للتحقيق معهم، بتهمة التحريض على حرق مقر «الإخوان» في جبل المقطم، الخطوة الأخيرة الحاسمة في محاولات الإطاحة بالنائب العام المستشار طلعت عبد الله، الذي عُيّن منذ خمسة أشهر بقرار مخالف للقانون أصدره الرئيس المصري محمد مرسي، حتى باتت المعارضة تصفه بـ«نائب عام مرسي».
وحده علاء عبد الفتاح، قرر من بين المعارضين الخمسة الامتثال لقرار الضبط والإحضار، فذهب ظهر أمس إلى دار القضاء العالي في وسط القاهرة، حيث يوجد مكتب النائب العام، برفقه زوجته الناشطة منال حسن، وطفلهما الوحيد، وفريق من المحامين. وهناك وجدوا تجمعا كبيرا للمئات من المعارضين، بعضهم جاء تضامنا معه شخصياً، بينما جاء آخرون للتضامن مع أحمد عيد، أحد أبرز شباب الثورة الذين حركوا التظاهرات في 25 كانون الثاني العام 2011، والذي صدر بحقه أيضا أمر ضبط وإحضار، لكنه لم يمتثل له. مصريون يحملون لافتات تحمل أسماء الناشطين المطلوب القبض عليهم أمام دار القضاء في القاهرة، أمس (رويترز)
داخل غرفة التحقيق، رفض عبد الفتاح، وهو أحد رواد التدوين السياسي والاجتماعي في مصر، الإجابة على أسئلة المحقق، مؤكداً عدم اعتداده بحيادية النائب العام، ومطالبا بانتداب قاضي تحقيق خاص للنظر في الاتهامات الموجهة إليه ولغيره من المعارضين، لينتهي الأمر بصرفه بشكل مؤقت من دار القضاء العالي لحين استكمال التحريات، وهو السبب الذي
جعل عبد الفتاح يتحدث ساخراً، قائلاً لـ«السفير» إن «الصرف المؤقت هذا، يعني اعترافا ضمنيا من النائب العام بأن القضية ملفقة، لأنه كيف له أن يصدر أمرا بضبطي وإحضاري، والتحريات غير مكتملة؟ ولا توجد أدلة بالأساس على اتهامي؟».
لكن سخرية علاء هذه انقلبت إلى غضب، عندما علق على بيان أصدره النائب العام عقب الإفراج عنه، وجاء في هذا البيان أن «عبد الفتاح أنكر علاقته بحسابه الخاص على موقعي تويتر وفايسبوك، واللذين تضمنا مشاركات منسوبة إليه تحرض على حرق مقر جماعة الإخوان المسلمين».
وقال علاء «هذا بيان كاذب. أولا لأنني لم أتحدث بالأساس إلى المحقق. وعندما قدم لي أوراقا قال إنها تشمل ما جاء على لساني على فايسبوك وتويتر، رفضت النظر إليها أو الإجابة بالسلب أو بالإيجاب، لأنها أوراق يسهل التلاعب فيها».
واضاف «نحن فعلنا ما يسمى قانونياً بدحض الأدلة، وفي كل الأحوال فسأتخذ إجراءً قانونيا ضد النائب العام بسبب هذا البيان، وسيكون هذا الإجراء أمام المجلس الأعلى للقضاء - أعلى جهة قضائية في مصر - أطالب فيها بإحالة النائب العام للصلاحية، أولاً لأنه أصدر أمراً بضبطي وإحضاري من دون وجود أدلة، وثانيا لأنه أصدر بيانا كاذبا بحقي».
وخلال وجوده داخل غرفة التحقيق كتب علاء تدوينة قصيرة على «تويتر»، كشف فيها جانبا من أجواء التحقيق: «النائب العام شكله بيتصل بشيوخ القضاة المقربين للأخوان يسألهم يعمل ايه، ومنهم ناس بتتصل بمحامينا يجسوا نبض هنعمل ايه».
ورفض عبد الفتاح أن يكشف لـ«السفير» عن هوية هؤلاء القضاة قائلا «اكتفي بما كتبته على تويتر».
الثابت بالفعل في أوراق القضية، أنه لا توجد قضية، والأمر يبدو وكأن هناك مشكلة لدى النائب العام وفريق المحققين تتعلق بطريقة تعاملهم مع مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«تويتر»، إذ أن الأوراق التي تم تقديمها باعتبارها أدلة اتهام، تتضمن تعليقات من مستخدمين لتويتر على تدوينات قصيرة كتبها عبد الفتاح.
تدوينات عبد الفتاح لم تتضمن أي دعوات إلى حرق مقر «الإخوان»، وإنما بعض المعلقين كانوا يردون عليها بدعوات إلى معاقبة «الإخوان» بسبب قيامهم بالاعتداء على الصحافيين وصفع إحدى الناشطات أمام مكتب الإرشاد.
وفي هذا الإطار، قال علاء: «القضية تافهة بالأساس. مسخرة. وتقوم على كلام مرسل. وهناك شعور عام بأننا في مسرحية. ولذلك تقمصت دوري، وذهبت إلى النائب العام وأنا ارتدي ملابس بيضاء كتلك التي يرتديها المساجين، لأقول لهم أني مستعد للسجن.. فماذا أنتم فاعلون؟».
المسار القانوني لهذه القضية لايزال ملتبسا، فدفاع عبد الفتاح سيذهب إلى عدم دستورية قيام النائب بضبط واستدعاء معارضين، استنادا إلى الدستور الجديد الذي أقره «الإخوان» أنفسهم، والذي تشترط إحدى مواده أن يصدر أمر الضبط والإحضار من قبل قاض، والنائب العام لا يرتقي - بحكم القانون - إلى مصاف القضاة.
لكن النائب العام يملك الاستمرار في نظر القضية ما لم يصدر حكم قضائي ينص على عكس ذلك. ويمكن للنائب العام أيضا أن يحفظ أوراق القضية إذا أراد ذلك في أي وقت.
من جهة ثانية، وافق نواب «الإخوان» في مجلس الشورى، ومعهم حلفاؤهم من الأحزاب الإسلامية مثل «حزب الوسط» (الذي يضم «إخوانيين» سابقين) و«حزب البناء والتنمية» (الذراع السياسية لـ«الجماعة الإسلامية»)، بشكل مبدئي، على قانون التظاهر الجديد، الذي قدمته حكومة هشام قنديل تحت عنوان خادع هو «قانون حماية الحق في التظاهر».
ودافع نواب «الإخوان» بشدة عن القانون الذي يضع قيوداً عدة على حق التظاهر ويفتح الباب أمام الشرطة للقبض على المشاركين في التظاهرات واستخدام العنف المفرط معهم، من دون أن يفرق في ذلك بين تظاهرات لأسباب فئوية أو أخرى لأسباب سياسية.
في المقابل، اتخذت الأحزاب المدنية، وعلى رأسها «حزب الوفد» و«الحزب المصري الديموقراطي» و«حزب المصريين الأحرار» ( 8 في المئة فقط من مقاعد مجلس الشورى) موقفا رافضا للقانون واصفة إياه بأنه مكتوب بقلم وزير الداخلية المسجون حبيب العادلي، الذي عرف باستخدامه العنف لصد أي تظاهرات سلمية منذ توليه المنصب في العام 1997 وحتى الإطاحة به على خلفية «ثورة 25 يناير» العام 2011.

محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...