مسيحيو إدلب: لا صلاة على قتلاهم

11-04-2015

مسيحيو إدلب: لا صلاة على قتلاهم

يتضرع احد الناجين من إدلب للسماء علها تساعد الجيش السوري على تحرير المدينة من المجموعات المسلحة، حتى يحفظ منزله الذي غادره تاركاً فيه شقاء عمره وذكريات عائلته. فالأخبار الواردة إليه من هناك تشير إلى أن «جبهة النصرة» كتبت على واجهة المنزل «نصراني»، وإذا لم يعد له أصحابه خلال عشرة أيام ويدفعون الجزية سيصبح غنيمة لمقاتلي الجبهة.
لم يكن مسيحيو إدلب يعتقدون أن مدينتهم ستسقط خلال المعارك، حتى أن بعضهم لم يغادر المدينة مع المغادرين خلال موجة النزوح التي أعقبت المعارك، فاستيقظوا صباحاً ليجدوا المجموعات المسلحة وقد احتلت المدينة.مسيحيتان تتفقدان كنيسة قرية السمرة في ريف اللاذقية بعد تحريرها من المجموعات المسلحة
وتقول سيدة، في العقد السابع من العمر، «لقد شاهدتهم صباح السبت من على شرفة منزلي وهم يهدمون صليب كنيستنا، ومن ثم دخلوا إليها وحطموا محتوياتها وخطفوا الخوري (إبراهيم فرح) وصيدلانيا شابا. هذا المشهد دفعنا إلى إمضاء الوقت مشعلين الشموع حول تمثال السيدة العذراء في بيوتنا محتضنين أطفالنا».
وتؤكد السيدة أنهم أخذوا الأيقونات من الكنيسة، وهي ذات أهمية رمزية تاريخية وروحية بالنسبة إلى الأهالي، الذين آلمهم جداً ما تعرضت له كنيستهم.
وعاشت بعض العائلات المسيحية أياماً في المدينة بعد أن خضعت لسيطرة «جبهة النصرة». ويقول ناجون، إن الشخصين اللذين قتلا من عائلة الخال تعرضا لأكثر من 40 طلقة، وعليهما آثار كدمات نتيجة الضرب الذي تعرضا له، وقد منعت الصلاة عليهما في الكنيسة ودفنا في حديقة منزلهما، بعد أن تعاون من تبقى من النساء والرجال المسيحيين على دفنهما. كما أن منزلهما، المؤلف من ثلاثة طوابق، تحول إلى مقر للمسلحين ونهبت محتوياته.
المسلحون فور دخولهم استثمروا العائلات المتبقية في إدلب إعلامياً، وأجبروا سيدة على تصوير مقطع فيديو تمتدح فيه معاملتهم للمسيحيين. وفي غفلة من المجموعات المسلحة قررت العائلات الهرب بالتنسيق مع بعض المسلمين في المدينة، حيث تعاونوا على الهرب والوصول إلى محافظة حماه.
عشرات السنين قضاها مسيحيو إدلب من دون أن يضيق عليهم أحد، وفي يوم وليلة وجدت النساء أنفسهن يرتدين خماراً وجلباباً. وتقول إحدى السيدات ان «بعضنا كان قد استعد لمثل هذا اليوم، واشترى ثياباً ملائمة تقريباً، وعندما كنا هاربين قالوا لنا أن هيئة الإسلام لا تظهر علينا، لكن السماء وقفت معنا وأعمت عيونهم عنا».
الحي الذي ارتبط منذ عقود بالعائلات المسيحية، جرده المسلحون من مسيحيته، ووضعت «النصرة» على بعد أمتار من الكنيسة أعلامها فوق أحد المنازل، واتخذته مقرا «للمحكمة الشرعية» التي أقرت احتجاز الأب إبراهيم فرح، كاهن كنيسة السيدة العذراء للروم الأرثوذكس، ليضاف اختطافه إلى سجل «النصرة» الحافل باختطاف المسيحيين، ومن بينهم الراهبات.
وكانت إدلب تحتضن قرابة 179 عائلة مسيحية. ووفق مصادر خاصة فإن 85 في المئة من العائلات نجت من المدينة، وعرف مصيرهم، فيما مازال مصير باقي العائلات مجهولاً.
وتشير المصادر من إدلب إلى أن عشرات الجثث تنتشر في الشوارع، بعضها مقطوع الرأس وأخرى مصابة بطلق ناري. وقد قام الهلال الأحمر في إدلب بدفن قرابة 300 جثة في مقبرة جماعية قبل يومين. واختلطت دماء المسلمين والمسيحيين في هذه المقبرة، حيث احتضنت جثامين عائلات تصفهم «النصرة» بالشبيحة كانوا قد ذبحوا إثر الهجوم.
وتقدر خسائر المسيحيين المالية في إدلب بمئات الملايين، لكنهم يؤمنون أن ما ذهب يمكن أن يعوض، فالمهم أن تعود مدينتهم التي ارتبطوا فيها كارتباط الروح بالجسد ورفضوا مغادرتها، رغم المخاطر الكبيرة التي كانت تحدق بهم. ويقول شقيق مقاتل مسيحي مع الجيش في إدلب «لدينا ثقة كبيرة بأننا سنعود إلى حينا ونقرع أجراس كنيستنا من جديد».
يذكر أن الجيش السوري يعمل على إقامة طوق حول المدينة تمهيداً لدخولها. وتقول الأنباء الواردة من هناك إن هجومه على إدلب بات وشيكا.

بلال سليطين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...