ليبيا والتطورات الدراماتيكية لقضية ممرضات الإيدز

28-07-2007

ليبيا والتطورات الدراماتيكية لقضية ممرضات الإيدز

الجمل:     دار صراع وخلاف طويل بين ليبيا والاتحاد الأوروبي حول تنفيذ أحكام الإعدام في الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، وكانت ليبيا أكثر تشدداً في التأكيد على نزاهة المحاكمة وحماية سيادتها القانونية والدستورية.
• التطورات الدراماتيكية:
فوجئ العالم بقرار ليبيا تخفيف أحكام الإعدام ضد الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، الذين كانوا يشكلون شبكة تقوم بواحدة من أكثر الجرائم العالمية بشاعة ووحشية، فقد تبين وثبت للسلطات الليبية بالأدلة الدامغة واعتراف المتهمين الصريخ بأنهم كانوا يقومون بحقن الأطفال الليبيين بجرعات الدم الملوثة بفيروس الإيدز، على النحو الذي ترتب عليه إصابة أكثر من 600 طفل عربي ليبي بمرض الإيدز، توفي منهم حوالى 300 وبقي الـ300 الآخرين في صراع موجع ينتظرون مصيرهم المحتوم.
وقبل أن يستوعب الناس صدمة القرار المفاجئ، تناقلت وسائل الإعلام في تطور دراماتيكي آخر، صور الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني (الذي قررت بلغاريا منحه الجنسية والهوية البلغارية خلال فترة وجوده في السجن بانتظار الإعدام) وهم ينزلون في مطار صوفيا العاصمة البلغارية، وسط عاصفة من الحفاوة والفرحة الشعبية، على النحو الذي جعل من وصولهم إلى مطار بلغاريا أشبه بوصول الأبطال المحاربين!! وتجدر الإشارة إلى أن الممرضات البغاريات والطبيب (البلغاري الجنسية) الفلسطيني الأصل، تم ترحيلهم من مطار طرابلس إلى مطار صوفيا على متن طائرة الرئيس الفرنسي الجديد نيكولاس ساركوزي، وكان على متن الطائرة (سيدة فرنسا الأولى أو بالأحرى سيدة قصر الإليزيه سيسيليا ساركوزي)والتي رافقت المجموعة حتى صوفيا، على النحو الذي أضفى طابع المجد الحفاوة (الرئاسية)، لوصول (المجرمين وقتلة الأطفال) إلى بلغاريا.
• ماذا وراء القرار الليبي:
أعقبت هذه التطورات الدراماتيكية، تطوراً دراماتيكياً جديداً في السياسة الخارجية الليبية، والعلاقات الفرنسية- الليبية، وذلك بقيام (الزوج) الرئيس الفرنسي الجديد نيكولاس ساركوزي بزيارة للعاصمة الليبية التقى خلالها مع العقيد معمر القذافي الذي وافق على (القرار الشجاع) بتخفيف الحكم وإعادة المجرمين وقتلة الأطفال الليبيين إلى بلدهم.
واليوم نشرت وكالة اليونايتيد برس تقريراً حمل عنوان (صفقة نووية ليبية- فرنسية أغضبت ألمانيا)، ويقول التقرير بأن الصفقة النووية التي تمت بين ساركوزي والعقيد القذافي قد أصابت ألمانيا بـ(الصدمة)، بشكل سوف يترتب عليه المزيد من التوتر في العلاقات الفرنسية- الألمانية.
ويوضح التقرير قائلاً بأن الزعماء الألمان من كافة الأحزاب والاتجاهات هاجموا وانتقدوا ساركوزي بسبب تأييده للزعيم (الاتوقراطي) الليبي معمر القذافي بأن فرنسا سوف تقوم ببناء مفاعل نووي في ليبيا.
وقد صرح الزعيمان الليبي والفرنسي بأن المشروع النووي سوف يهدف إلى تحلية مياه البحر وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب.
وقد صرح غيرنوت إيرلر نائب وزير الخارجية الألماني بأن هذا المشروع يمثل إشكالية سياسية بالنسبة لألمانيا التي سوف تتضرر مصالحها بشكل مباشر.
تقول المعلومات بأن شركة سيمنس الألمانية العملاقة تملك 34% من حصة أسهم شركة أريفا النووية الفرنسية التي سوف تقوم ببناء المفاعل، وسوف تتضرر هذه الشركة الألمانية بسبب انفراد الجانب الفرنسي بالصفقة مع ليبيا.
كذلك قام راينهارت بويتكوفر زعيم حزب الخضر الألماني باتهام ساركوزي بالتهور والطيش والنزعة (القومية الاجتماعية المتطرفة) ووصف الصفقة بأنها تمثل وضعاً اشكالياً مثيراً للتساؤل لجهة قضايا ومسائل السياسة الأمنية.
وعموماً، لقد كانت ليبيا تعمل في تطوير برنامجها النووي ولكنها تخلت طواعية عن ذلك وقامت بتفكيك برنامجها وتدمير كل شيء أمام (شهود العيان) الأمريكيين وموظفي وكالة الطاقة الذرية العالمية والاتحاد الأوروبي.
القرار الليبي حول تخفيف أحكام الإعدام بحق قتلة الأطفال العرب الليبيين، والذي تبين بعد 24 ساعة من صدوره أنه كان قرار إطلاق سراح أثار امتعاض الكثيرين، بما في ذلك الليبيين أنفسهم، وقد نقلت وكالات الإعلام العالمية صور عشرات الأطفال الليبيين وهم يحملون شعارات تقول (الموت للمجرمين قتلة الأطفال).
ويبقى التساؤل: هل سيقوم ساركوزي ببناء مفاعل نووي لليبيا، أم أن الأمر مجرد كذبة تندرج ضمن أطروحة (الكذب النبيل) التي روج لها المفكر اليهودي ليوشتراوس، وتبناها كل من جورج بوش وطوني بلير كمبرر لنشر الأكاذيب التي سبق أن بررت لهم غزو العراق، ثم عادوا لاحقاً إلى الاعتراف –دون أدنى حرج- بأن ذلك لم يكن صحيحاً.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...