قانون قيصر وتداعياته الإقتصادية والسياسية على سورية

29-12-2019

قانون قيصر وتداعياته الإقتصادية والسياسية على سورية


هل حقاً يصحُّ للمسؤول السياسي، أن يصرِّحَ إعلامياً، أن قانون قيصر ليس له تأثير على الشعب السوري؟!!!
هذا القانون الذي صدَّقَه الرئيس الأمريكي ترامب ، صُدِّقَ خصيصاً بهدف معاقبة الدولة السورية ..فما بالك عندما تسمع من شخص يجامل ويحابي ، قائلاً: إننا لا نعترف بالقيصر الأمريكي إنما فقط بالقيصر الكبير بوتين ..!
وتسمع رأي من شخص آخر: ومهما كانت الآثار علينا قاسية؛
فإننا سننتصر..
بينما وصف أحد المستشارين في مجلس الوزراء، أن عقوبات قيصر ستكون مؤلمة، وستترك أثراً سلبياً على معيشة السوريين؛ وخاصة في مرحلة إعادة الإعمار.

يرى الكاتب؛ ومن خبرته الأكاديمية والدولية ، أن تصريح المسؤول السياسي الكبير؛ يجب أن يعتمد على قراءة تحليلية ودراسات لمركز استراتيجي وطني؛ في مثل هذه الحالات.
عندما يقتنع صاحب القرار (السياسي) ؛ بناء على النتيجة العلمية البحثية ؛ أنه لن تكون هناك آثار على الشعب... عندها؛ يحقُّ له أن يصرح إعلامياً بذلك .
وخلاف ذلك يكون هذا التصريح كمسكنات ومنشطات لا تجدي ولا تنفع ، بل قد تضر أحياناً إذا زيد استعمالها.

بعد الاطلاع على العديد من الآراء والتوقعات والتنبؤات والتصريحات.. أحببت أن أدون الملاحظات التالية :

- قرار قيصر هو قرار أمريكي بحت؛ وليس له صبغة أممية . ولكن وبالتأكيد ستكون وتظهر له آثارا اقتصادية على سورية.. إضافة للدول الحليفة لسورية .

- بقراءة متأنية لقرار " قيصر" ؛ يمكن الاستنتاج ببساطة، أن هذه الآلية من الضغط الاقتصادي على سورية وبهذه العقوبات الشرسة ؛ تحمل هدفاً وغاية لتحقيق آثار سياسية وضغط على الدولة السورية .

- بالطبع ؛ ستظهر آثار قرار وقانون " قيصر" على الدول والشركات؛ من خلال إعادة الإعمار؛ وخاصة الدول الحليفة لسورية .
من خلال تقييد التعاملات المالية والاقتصادية( تصديرواستيراد ..الخ) . لأن القانون يقضي بفرض عقوبات وقيود على الأفراد والشركات المتعاملة مع سورية .

- من السهولة بمكان التوقع ؛ بأن قانون " قيصر" سيترك أثراً واضحاً معنوياً على تذبذبات سعر الصرف؛ والتحويلات البنكية؛ وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية ، يترافق معه ارتفاع في المستوى العام للأسعار.. وهذا بدوره سينعكس سلباً على الوضع المعيشي للمواطنين ( طبعاً ..ما لم تتخذ إجراءات سياسية وحكومية عاجلة للحد من آثار قانون "قيصر") ..

- قد يظن البعض، أن قانون قيصر آثاره محدودة، ويمكن تجاهله ... مقارنة بما تعرضت له سورية سابقا من عقوبات اقتصادية وحصار في الماضي .
لكن يجب التمييز بين آليات الحصار عن بعد وقانون تطبيق " قيصر" عن قرب، وما يتبعه من تجميد للأموال وتقييد لعمليات التنمية والاقتصاد .

وأكرر ..أنا شخصياً أرى، أن الهدف الأساس من قانون "قيصر"
هو: اقتصادي في المدى القصير؛ وسياسي على المدى البعيد .
وهو موجه لتطبيق بعض الضغط على روسيا؛ كبلد حليف وصديق، كي تصبح عراباً لبعض التنازلات السياسية المتوخاة .
وفي حال حدثت التنازلات السياسية ( وهذا ما يرغبه ويتمناه الجانب الأمريكي - الاسرائيلي ).. وتحت المظلة الروسية ..عندها؛ ستكون آثار قانون " قيصر" محدودة ..
وقد تنعكس الآلية ..فقد يحصل تحسن في الوضع المعيشي للمواطنين. وستظهر الآثار الإيجابية على الاقتصاد السوري ..ويظهر عندها الانتعاش بشكل عام في القطاعات الاقتصادية .
وإلا... فالآثار المتوقعة في غياب التنازلات السياسية ستكون غير مرضية وهذه وجهة نظر شخصية .

- في هذه المرحلة الحرجة من واقع الاقتصاد السوري ..وأهم خطوة إسعاف للمواجهة هي محاربة قياصرة ودواعش الداخل؛ من حيتان المال وضباع الأسواق ...محاربتهم بشكل حقيقي وبإرادة سياسية .أولئك الذين يتاجرون بالقوت السوري ودم السوريين....
لأن محاربتهم أهم بكثير من قانون "قيصر ".

هذا القانون " قيصر"؛ ما جاء إلا شكلاً من أشكال ذر الرماد في العيون؛ ومحاولة إخفاء الجرائم الأمريكية على الأرض السورية.. وسرقة النفط السوري على سبيل المثال .
بكل بساطة ..وفي كل الظروف ، المتضرر من قانون "قيصر" الأمريكي و قياصرة الداخل هو الشعب السوري؛ وليس المسؤولين السوريين وتجار المال .

- بالتأكيد؛ سيكون لقانون " قيصر" أثر واضح اقتصادي على الحصة المالية المتوقعة للجانب الروسي؛ من المساهمة بإعادة الإعمار السوري؛ حسب فلسفة المصالح الكبرى بين الدول.

- والأهم في هذا السياق؛ اعتماد مبدأ الشفافية في مخاطبة الجمهور السوري؛ وتبني الأسس البراغماتية في معالجة المشكلات الاقتصادية؛ من أجل الحد من آثار العقوبات الاقتصادية.. والتي تلخص ب:
إدارة الموارد السورية واستغلالها بالشكل الأمثل ( الموارد المالية ؛ البشرية ؛ الطبيعية....الخ. ).
وإعادة تشحيم عجلات عملية الإنتاج والتنمية في سورية ..ومنها الصناعات التحويلية. وتشجيع الإقراض.. والمشاريع التنموية الريفية الصغيرة.....الخ
- وأخيراًوليس آخراً؛ محاربة الفساد الذي هوسرطان التنمية الاقتصادية.

 

نورالدين منى

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...