(ضيعة ضايعة) كوميديا بيضاء قاربت الفنتازيا !

29-11-2008

(ضيعة ضايعة) كوميديا بيضاء قاربت الفنتازيا !

يذهب المخرج الليث حجو نحو أماكن تصوير الفنتازيا في سورية، لكنه لا يبني خياماً أو مضارب في غابات الساحل السوري، ولا يرتجل قبائلَ من طراز الجوارح والنمور والكواسر.

كما أنه لا يخترع أسماءً لسيد القبيلة مكنياً إياها بالبرتقالي والأزرق والبنفسجي، بل يأتي صاحب «الانتظار» إلى قرية حقيقية هابطاً عليها من الفضاء الخارجي بكاميرا ذكية ورشيقة بالاتكاء على سيناريو الكاتب«ممدوح حمادة». ‏

يذهب الليث إلى الريف السوري، ولعل الاستعارة التي يقدمها المخرج بالهبوط على هذه القرية من الفضاء الخارجي تضعنا مباشرة في التخييل المرير للواقع، فكأنه يريد أن يقول إننا أمام شيء حقيقي جداً إلى درجة الوهم، أمام شخصيات بسيطة ومعزولة وتعيش هناءاتها وتعاساتها المتعددة من خلال حكايات تصل أحياناً مستوى غريباً من السذاجة والبساطة. 
 إن مستوى الخفة هنا ليس من قبيل التفكه والمفاكهة فقط، فالشخصيات المكتوبة تبدو متشابهة ومضمومة إلى بعضها من خلال اللهجة التي أعطت المسلسل لوناً محلياً خاصاً، وساهمت في تعميق عزلة الشخصيات المنفية في ضيعتها الضائعة«أم الطنافس» وحالت بالفعل بين واقع موجود وجوهري، وما وصل إلينا وكأنه خيالٌ علمي، فالكاميرا الهابطة على سكان هذه القرية زادت المسافة ونمذجت بشكلٍ حاسم للنأي والغرابة والجدة، مع أنها سوّغت لنا كل الأسباب كي نصدق أن ما يجري ليس من قبيل الطرافة، بل من قبيل وحشة الناس الذين يعيشون في أم الطنافس، ليبقى المخفر والمختار الرمزين الوحيدين لارتباط هذه البلدة بمكان ما، أو بمسمى ديموغرافي أو اجتماعي محددين، زاد في ذلك الترجمة الحرفية لمعاني الكلمات على الشاشة، والتلويح الذكي أن هذه البلدة موجودة، وهؤلاء البشر موجودون أيضاً، وأنواع أفراحهم وعقوباتهم الجسدية هي من صميم العالم العربي، فالغمز المتواصل على الغيبية واللامبالاة لم تكن من نسج خيال الكاتب أو الممثلين، بل من الواقع الذي قارب حد الفنتازيا دون أن يضاف عليه أي من تسميات الغرابة والمبالغة، سوى أنه قدم الكاركتر عبر القدرة العجيبة للممثل للابتعاد كلياً عن التمثيل الشخصي الذي يميز أداء الممثل السوري، لذلك كان بإمكاننا أن نرى الجهد الحقيقي لهذا الممثل معافى تماماً من التشاوف والتظارف الفج والتساخف المجاني. ‏

إنها شخصيات يكتبها الممثل بكلتا يديه وروحه. ‏

لعلها المرة الأولى الذي نشاهد فيها ومنذ زمن بعيد عملاً تلفزيونياً يقدم الترفيه والفرجة والنقد الخفيف في آنٍ معاً على هذا النحو، وعلى هيئة كوميديا بيضاء لا تعادي اليومي أو تحرف مساراته، لكنها تريد أن تقول وبشكل كلي: إن ثمة أماكن نظيفة رغم الكهرباء والطرق الدولية، أماكن يشبه فيها الإنسان الطبيعة الذي يعيش على ضفاف أنهارها الأولى، تحت فيء الشجرة وفي كنف البيوت الحجرية المطلة على البحر، والمكسوة بقشرة الحاجات والرغبات الإنسانية، لكن السؤال: هل هذا هو الريف السوري الآن؟ أم أن هذه العزلة المضروبة عليه في المسلسل إشارة لقرى هجرها أصحابها تحت ضغط الفقر، وبنزوح غير مسبوق نحو العاصمة طلباً للعمل والحياة والفرصة؟ ‏

أين اختفى الناس القدماء؟ أين اختفى العمل الأول لأناس تلك الضيع؟ أم بات الفلاح الزارع من كلاسيكيات القرون المنصرمة؟ ‏

سامر محمد اسماعيل

المصدر: تشرين

التعليقات

لماذاهذاالكم الهائل من التهريج المجاني بلهجةريفية ثقيلة اعيد صياغتهاعشرات المرات منذ أول عمل سينمائي رسائل شفهيةونحن نذكر اسخف عمل قدمه عباس النوري وسوزان نجم الدين كان باسم على مااعتقدفرصة العمر.كفاناهذاالعرض الرخيص من المسلسلات المنحطة التي تسقط الانسان في سخافات تجعله في المحصلة على شاكلتهاوكأننانريد للانسانناهذاأن يصبح فارغامن المضمون والحتوىليست بافكارجديرة مايقدم أنهامجردكلام فارغ ومشوه للهجةالريف السوري أرجو من المشرفين على اضحاكنا الاهتمام أكثر بمشاكل المجتمع وتعقيداته بعدما تغللت في عروقنا ثقافة المجتمعات الأقوى وصرنامجرد ارقام استهلاكية لاطعم لها ولالون

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...