ساحل العاج: خروف أضحية.. مقابل التدريس

23-01-2015

ساحل العاج: خروف أضحية.. مقابل التدريس

قبل عقود، كان الخروف وسيلة تقارب بين الهيكل التربوي وبيئته، غير أنه تحوّل إلى ظاهرة مثيرة للجدل، لاستبطانها نوعاً من الفساد والرشوة.
وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كان العاجيّون الذين يتطلّعون للحصول على وظيفة مدرّس في التعليم الابتدائي، يذبحون خروفاً، تيمّناً بما يعتبرون أنّه سيجلب لهم الحظ، ولكن بمرور الزمن، تخلّت هذه «العادة» الاجتماعية عن سمتها العفوية، لتدخل حيّز الحسابات الضيّقة و»الرشوة»، فتحمل عن جدارة اسم أضحية «الخروف التربوي».
وقبل عقود، كان آباء الطلبة الذين يستعدون لإجراء مناظرة «مركز التنشيط والتكوين التربوي»، لمزاولة التدريس في المرحلة الابتدائية، أو لخوض المسيرة في السلك التحضيري، يوفّرون مساهمة مالية خاصة لشراء خروف يتم تقديمه في شكل «هدية» للمفتش الذي يراقب الامتحانات، وهي هبة يقع تطعيمها في بعض الأحيان بمبلغ مالي لشراء وقود لسيارته الصغيرة.
أما اليوم، فيبدو أنّ «الخروف التربوي» حصل على حلّة جديدة، إذ ليس هناك أي أثر لحيوان حيّ، بل إنّ كلّ ما يمكن أن يتراءى للعيان في احيان كثيرة هو حفنة من الصكوك المصرفية، غالبا ما يضطرّ المتطلع للتدريس إلى تسليمها شخصياً للمستشار التربوي - أو الوسيط - الذي يضمن عملية صرفها للمفتش، بحسب شهادات متفرّقة لعدد من المتربصين الذين عايشوا هذه التجربة.
ويكتسح حلم دخول الوظيفة العمومية أذهان جلّ الشباب العاجيين من حاملي الشهادات العليا، وذلك منذ الحصول على شهادة الباكالوريا (الثانونية العامة). غير أنّ تجسيد هذا الحلم يمرّ وجوباً عبر بوابة «الخروف التربوي»، لأنّه وحده يفتح أمام هؤلاء الشباب الراغبين في خوض حياة مهنية مستقرة، أبواب النجاح، وفقا لبعض الأفكار السارية في المجتمع العاجي.
ترا بي كلوفيس يعمل مدرّسا، وقد اعترف بأنّه كان عليه المرور من البوّابة نفسها، قائلا «كان عليّ دفع مبلغ بقيمة 30 ألف فرنك افريقي (67 دولاراً)، وذلك حين أنهيت دراستي في سوبري (جنوب غرب) في العام 2004، فقد كان عليّ الحصول على خروف اضطررت لابتياعه لأحد المفتشين».
مدرّسة أخرى طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، أكّدت أنّ عدم تقديم «الخروف» يؤدّي «آليا» الى الرسوب، وهو ما يتسبّب في تأخير موعد تخرّج الطالب من دفعته إلى مدّة تصل الى العام.
وأضافت، في السياق ذاته، أنّه حدث أن طلب من شقيقتها التي تعيش في مدينة كافوب دابنغورو في مقاطعة اندانيي الشرقية بدفع 98 ألف فرنك افريقي (ما يعادل 217 دولاراً)، وهو طلب «مجحف» أثار حفيظة المدرّسة، وجعل نبرة صوتها ترتفع فجأة متسائلة: «كيف ومن أين سيتم جمع هذا المبلغ الكبير لطالب؟ كيف يتصرف أبناء العائلات الفقيرة إزاء هذا الوضع؟ يجب على وزارة التعليم الوطني والسلطة عموما التحرّك، إذ لا يمكننا الاستمرار على هذه الشاكلة».
ودقّ المدرّس ديابي فوسيني ناقوس خطر آخر، حيث أكّد أنّ ظاهرة «الخروف التربوي» باتت رائجة بين الجميع في كافوب، بل إنّ بعض القصص تشهد انعطافات «مأساوية»، مضيفاً أنّ المسؤولين يرفعون التحدي في وجه هذه الظاهرة، ولكن القضية سرعان ما تحفظ من دون تتبّع في ظل غياب البراهين والحجج الدّامغة على جريمة الرشوة.
من جهته، قال رئيس ديوان وزيرة التعليم كوياتي عبدولاي إنّ وزارة الإشراف التربوي أحدثت خطة، تم بموجبها وضع عدد يتراوح بين اربع إلى خمس حالات فساد مالي من هذا النوع قيد التحقيق.
وبرغم تأكيد سلطة الإشراف على عدم التسامح مع من تثبت إدانته، إلاّ أنّ هذه الظاهرة لا تزال منتشرة في الأوساط التعليمية بشكل لافت، حتى أنّ شهادات أكّدت أنّ الظاهرة تحوّلت إلى ما يشبه الفساد المالي ودخلت حيّز «الرشوة».


 («الاناضول»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...