اليوم العالمي للصحة

07-04-2007

اليوم العالمي للصحة

في «اليوم العالمي للصحة»، اعتبرت كلمة المديرة العامة في «منظمة الصحة العالمية» مارغريت شان الأوبئة بمثابة التهديد الأبرز للبشر، واتّخذت من وباءي «سارس» وانفلونزا الطيور مثلين على ذلك. إلا أن الوباءين وثيقا الصلة بحال البيئة، خصوصاً الاحتباس الحراري المُسبب للسخونة المتصاعدة للكرة الأرضية. انطلق الوباءان من الصين، وتحديداً من المناطق المحيطة ببحيرة «غاندونغ»، لأن متغيّرات المناخ أخلّت بنظام عيش الطيور، وخصوصاً توازنها مع بقية الكائنات الحيّة، ما أدى الى ظهور فيروسات غير مألوفة فيها.

وأضافت كلمة شان بُعداً اجتماعياً الى المُتَغَيّر المناخي، بإشارتها الى أثر العولمة في نشر الأوبئة المستجدّة، اي ان المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، في مُكوّناته كافة، يملك اليد الطولى في مجال صحة البشر. إذاً، هناك ترابط لا يمكن تجاهله، بين صحتي الإنسان والأرض. ويزيد في «سخونة» الحديث عن علاقة الإنسان بمحيطه، أنه جاء بعد أيام من تفجير القضاء الأميركي فضيحة كبرى، عبر إقرار المحكمة العليا بخطأ سياسة إدارة الرئيس جورج بوش حيال المناخ. ودانت المحكمة رفض «الوكالة الأميركية لحماية البيئة»، تنظيم انبعاثات ثاني اكسيد الكربون وغيره من غازات التلوث التي تساهم في تغيير المناخ. واعُتبر الأمر إدانة لسياسة بوش في هذا الصدد، خصوصاً الموقف السلبي من معاهدة «كيوتو» للحد من انبعاث غازات التلوث المُسببة للاحتباس الحراري. وعقب القرار، صدرت انتقادات حادة من حلفاء أميركا في أوروبا لخروج بوش عن إجماع العالم في شأن المناخ.

في الثاني من نيسان (ابريل)، عقدت «منظمة الصحة العالمية» ندوة متخصصة في سنغافورة خلصت الى صوغ شعار اليوم العالمي للصحة 2007، وهو «الاستثمار في الصحة لبناء مستقبل أكثر أماناً»، كما أطلقت مركزاً للتنسيق (في سنغافورة) هدفه تحسين الأمن الصحي العالمي. وتحدّثت عن ضرورة التنبّه لموجات الأوبئة المتعاقبة التي تنتشر عالمياً بسرعة غير مألوفة، إضافة الى المخاطر التي يشكلها الإرهاب البيولوجي. ومن المتعارف عليه أن العولمة ساهمت في نشر أوبئة مثل «سارس» عبر الكثافة في حركة تنقل البشر والاتجار بالحيوانات، وانفلونزا الطيور، إثر التكاثر المنفلت لحظائر التدجين المُكثف في الصين وجوارها بالترافق مع انفتاحها على الأسواق العالمية.

هكذا، ظهر «البُعد الأمني الدولي» لصحة الإنسان في الاحتفال باليوم العالمي للصحة. وفي هذا السياق، تحدثت شان عن تطلعها للبدء في تطبيق «لوائح الصحة العالمية» في حزيران (يونيو) المُقبل، التي تُركز على التعاون الدولي وتبادل المعلومات وتعزيز نُظُم مراقبة الأمراض وانتشارها، وتعزيز آليات الإنذار عند حدوث موجة عالمية من أي وباء، بهدف مواجهتها على الصُعُد المحلية والإقليمية والعالمية.

ومن الواضح أن تلك الأفكار ترسم صورة المرض كخطر قابل للتسرب عبر الحدود، ما يقتضي التحوّط في إجراءات المُراقبة والمكافحة. وتُشبه تلك الصورة الحديث عن الإرهاب والحرب عليه، بالطريقة التي هيمنت عالمياً منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. هل يقود ذلك الى التشاؤم بأن يُشبه مآل مُكافحة الأوبئة «الحرب ضد الإرهاب»، أم يبقى الأمل أن تُحقق أيدي العلماء في مواجهة الأوبئة ما عجزت عنه أيدي الساسة في شأن الإرهاب؟ لننتظر ونر.

أحمد مغربي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...