العطلة المدرسية.. بين تردي الوضع الاقتصادي وضياع الوقت..!

02-07-2008

العطلة المدرسية.. بين تردي الوضع الاقتصادي وضياع الوقت..!

ما إن تبدأ العطلة المدرسية حتى يسارع العديد من الآباء إلى استغلال وقت فراغ أطفالهم في أعمال ومهن يدوية، قد لا تتناسب نهائياً مع أعمارهم الصغيرة ومنها أعمال زراعية وصناعية شاقة وصعبة، تبعد الطفل كثيراً عن المستوى الدراسي وقد تؤدي به إلى انعكاسات سلبية خطيرة مردها إهمال المدرسة ونسيانها وعدم الالتفات إلى متابعة دراسته (أي حدوث تسرب مدرسي) وذلك لانغماسهم في تأمين متطلبات الحياة الصعبة مع آبائهم وانشغالهم بالأعمال التي اختيرت لهم.. 
 خميس صلان معاون مدير مدرسة قال: العطلة المدرسية هذه مهمة للطفل كي يأخذ فسحة من الراحة والاستعداد للمرحلة الجديدة الأكثر أهمية وحسما، وهي فترة يجب استغلالها بشكل ناجح ومدروس لارتياد الدورات التعليمية والتثقيفية والتأهيلية وخاصة في دورات تعلم الحاسوب والتقوية في اللغات الأجنبية (الانكليزية والفرنسية) مضيفاً: صحيح أنها فترة قصيرة إلا أنها تساعد الطفل في خدمة دراسته إذا ما أحسن استغلال الوقت بكل دقائقه، فالواجب على الأهل ألا يجبروا أولادهم على العمل في هذه الفترات القصيرة سواء العطلة بين النصفين أو العطلة الصيفية، فأعمارهم ما زالت صغيرة وهي لا تتناسب إطلاقاً مع مشقات وأعمال السوق، هذا فضلاً عن أن الطفل يعتبر أن هذه العطلة من حقه وعليه أن يأخذ الراحة المناسبة لقضاء حاجاته وهواياته الأخرى التي لم يستطع أثناء الدراسة ممارستها والقيام بها.

كثير ممن التقيناهم قالوا: الوضع الاقتصادي المتردي لبعض الأسر هو السبب الرئيسي في خروج أولادهم إلى سوق العمل في هذه الإجازات القصيرة وخاصة العطلة المدرسية بل هو سبب أساسي أيضاً في عدم التحاقهم بالمدارس، فالفقر عامل سلبي يقف وراء عدم التحاق البعض من أطفال المدرسة، فهذا والده عاجز عن العمل لا يستطيع الإيفاء بمتطلبات المنزل، وذاك من عائلة فقيرة ينتظر العطلة بفارغ الصبر حتى يعمل ويساعد أباه في تأمين الحاجيات البيتية، وهناك طفل آخر يعيل أسرته لأن والده متوفى وهو أكبر إخوته، وآخرون كثيرون لم تساعدهم مشقات الحياة الصعبة في استقرارهم الدراسي، حيث إنهم لا يكادون يصلون إلى مستوى دراسي مبكر، حتى يتركوا مدارسهم دون أي تفكير، وهؤلاء جميعاً للأسف حالت أحوالهم الفقيرة والمأساوية دون دراستهم وليعيشوا في حرمان عاطفي وأبوي منذ الصغر.

أحمد العلي اختصاصي اجتماعي ومرشد نفسي قال: الطفل بالحقيقة بحاجة ماسة إلى الإجازة للراحة وهي تلعب دوراً هاماً في كسب مهارات وإبداعات جديدة وخاصة في أشياء مفيدة تطور مستواه الدراسي والتعليمي، ولكن الذي يحدث كما يقول السيد أحمد إن الأسر والعائلات تترك أولادها للشوارع واللعب بشكل فوضوي وغير مدروس وخاصة جلوسهم أمام التلفاز لساعات طويلة دون تحديد الوقت لهم أو البرامج التي سيختارونها في المشاهدة، الأمر الذي لا يحقق أي فائدة من هذه العطلة إلا ضياع الوقت والانصياع إلى ما يفرضه مناخ العائلة من مهن وأعمال سلبية تقف عثرة في تقدم و تطور الطفل، هذا ناهيك إذا ما كان جو العائلة مشحوناً ومفككا بين الوالدين وبالتالي الأسر تكون مصيرها الفشل والضياع للأولاد، لذلك لابد من تقديم التوعية والإرشاد والمساعدات إن وجدت على مستوى الأسر الممتدة والأسر الكاملة كبديل أول من الوالدين في التنشئة والرعاية الأسرية، وتدعم الأسرة في هذا المجال مع التشديد على أهمية اللعب والتعليم للطفل ونمائه العاطفي والبدني السليم وتوفير الألعاب بوسائل مبتكرة وحديثة تتناسب مع عقله وعمره، بالمقابل علينا عدم ترك الأولاد لأهوائهم الخاصة ومنها ضياع الوقت في أماكن اللهو والعبث والتسلية مثل الانترنت ومراكز اللعب لأنها لا تتلاءم نهائياً مع أعمارهم وقد تؤدي بالطفل إلى مخاطر لا تحمد عقباها، فالمراقبة الدائمة للطفل واجبة على الأهل جميعاً دون استثناء ولاسيما أن دُور الإصلاح باتت مملوءة بالأحداث وهي نتيجة أخطاء لم يعرف الأهل أسبابها إلا متأخرين ما أثر ذلك على مستقبلهم.

نادر عبيدات محام قال: وقت الفراغ من الأسباب الرئيسية لحدوث المشاكل الأسرية، ولاسيما بين الأطفال والشباب وذلك في حال عدم وجود ما يشغلهم ويملأ أوقاتهم، وفي هذه الإجازات (العطلة الصيفية) يكون الطفل مسخراً إلى ما تفرضه عليه البيئة من أعمال سلبية أو ايجابية، ولكن 75% من الأطفال لدينا قد يكونون معرضين لرفاق السوء في ظل غياب رقابة الآباء المنشغلين بأعمالهم ومتاعبهم فيبقى الطفل أسير الطرقات والأهواء الخاصة دون أي تنظيم لوقت فراغه، لكن يبقى هناك جزء من الآباء من يشعر بالمشكلة عند اقتراب العطلة الصيفية لطفله فيظل الوالد يحسب ويفكر لايجاد شيء ينتفع به ولده بهذه الإجازة القصيرة ونراه لا يغمض له جفن حتى يؤمن ولده وهؤلاء الآباء طبعاً هم الذين يعرفون قيمة الوقت ويحترمونه أما القسم الأكبر من الآباء للأسف فهم جاهلون بقيمة الوقت، واليوم من ينظر إلى سوق العمل فسيجد أن الأطفال وأغلبهم من المدارس يعملون بأعمال لا تناسبهم وهي مضيعة للوقت بالنسبة لهم، وحسبما رأيته فإن جنوح الأحداث هي نتيجة هذه الأسباب التي كثيراً ما تكون وقت الفراغ وإهمال الآباء لأولادهم دون الالتفات إلى اهتماماتهم وهواياتهم وما يريدونه في هذه العطلة القصيرة، لذلك فإن جميع دول العالم تتخذ التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية والاجتماعية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر والإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على الاستغلال بما فيها وضعهم بأعمال شاقة لا تناسب أعمارهم وهي إجراءات تكمن في رعاية الوالد أو الوصي القانوني عليه أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته فيجب أن تشمل هذه التدابير الوقائية إجراءات وضع برامج اجتماعية وعملية لتوفير الدعم المناسب للطفل وأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم وهذا كله يقع ضمن الاهتمام بدراسة ظاهرة عمل الأطفال التي أخذت حيزا واسعا من الاهتمام في جميع الدول العربية عموماً وفي سورية خصوصاً.

محمد العمر

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...