اتحاد الصحفيين: من مرحلة السبات المرضي إلى إعلان الوفاة

26-08-2006

اتحاد الصحفيين: من مرحلة السبات المرضي إلى إعلان الوفاة

الجمل: صبري عيسى : ظاهرة غريبة أفرزتها الانتخابات الأخيرة لاتحاد الصحفيين، وهي وصول بعض الصحفيين من الدرجة الثالثة لمؤتمر الاتحاد ومجلسه، حيث حصل هؤلاء على مراكز متقدمة سواء في المؤتمر أو في المجلس، وقد فوجئت الأوساط الصحفية بهذا الكم من الأسماء المجهولة والتي لم يسبق لها ممارسة العمل الصحفي أو الكتابة حتى على صحف الحائط!!
 يحتار المطلع على سير الانتخابات في توصيف ما جرى سوى استهتار بعض الناخبين وسوء تقديرهم لأهمية الانتخابات وضرورة وصول صحفيين قادرين على ممارسة العمل النقابي بشكل أفضل والتعبير عن طموحات زملائهم والارتقاء بالعمل النقابي والمهني بما يحقق الفائدة للجميع.
الأغرب من ذلك وصول أسماء من (المتسربين) في فترات سابقة لجسم الاتحاد من غير الصحفيين أو الذين لا تنطبق عليهم شروط العضوية، والتي كانت أسماؤهم مدرجة في جداول تمهيداً لطي قيودهم وإلغاء عضويتهم، إضافة إلى أسماء تعمل في الرقابة والإدارة والعلاقات العامة وباتوا الآن يشكلون واجهة العمل النقابي وقيادته، ويبدو أن هناك من يشاركني الرأي فأصحاب القرار لم يتقيدوا بنتائج (الاستئناس الحزبي)، لذا قاموا بعمل مناقلة باختيار أربعة زملاء حصلوا على أرقام متأخرة وتمت إضافة أسمائهم إلى القائمة الحزبية.
 في عام 1999 تم تشكيل (لجنة لإعادة تنظيم جداول العضوية)، وقد تدارست اللجنة الواقع التنظيمي وبذلت جهوداً كبيرة في استعراض أسماء أعضاء الاتحاد ومدى قانونية عضويتهم ومطابقتها لشروط العضوية حسب ما ورد في قانون الاتحاد رقم (1) الصادر عام 1990.
وجدت اللجنة أن هناك أكثر من مئتي عضو تم تنسيبهم خلال فترات سابقة وهم مخالفون لشروط العضوية، وطالبت اللجنة في المذكرة التي رفعتها إلى مجلس الاتحاد بتاريخ 29/12/1999 بطي قيد هؤلاء الأسماء وإلغاء عضويتهم الصحفية، لكن المفارقة أن الذي تآمر على قرارات اللجنة ونسف المذكرة هم المدراء العامون آنذاك إضافة لكونهم كانوا أعضاء في المكتب التنفيذي للاتحاد، ونتيجة تدخلاتهم بصفتهم أصحاب القرار في المؤسستين المهنية والنقابية قاموا بنسف قرارات اللجنة والإبقاء على عضوية هذا العدد الكبير الذي كان يشكل حينذاك حوالي20% من أعداد الصحفيين المسجلين في جداول العضوية.
كان من الضروري حينها أن يكون القبول مشروطاً بعدم منح هؤلاء (المتسربين) العضوية الكاملة حيث كان من المفترض إيجاد صيغة لا تسمح لهم بالانتخاب ولا الترشيح لهيئة الاتحاد، وما حصل الآن في الانتخابات الأخيرة في جزء منه هو من نتائج ما جرى حينها.
لقد تسبب هذا (الخرق) في إدخال الاتحاد مرحلة (السبات المرضي)، وبعد إعلان نتائج المؤتمر الرابع تم إعلان الوفاة رسمياً، ويبدو أن العزاء (بالمرحوم) سيستمر لمدة خمس سنوات حتى المؤتمر الخامس عام 2011.
 في التحقيق الذي نشرته الزميلة ملك خدام في (الثورة) بتاريخ 23/8/2006 جاء أن أحد الأعضاء الذي مارس عضويته لثلاث دورات انتخابية انه لم يستفد لغاية الآن من الاتحاد إلا (حقيبة المؤتمر ودعوة للغداء) وهذا ينطبق على قسم كبير ممن جاء إلى المؤتمر واضعاً نصب عينيه الحصول على أي مكسب أو فائدة.. لذا كان من المفترض على الاتحاد إهداء بعض المرشحين حقائب ودعوات غداء مفتوحة شرط انسحابهم من الترشيح والانتخاب؟!
 هناك سؤال لابد منه.. ماذا نسمي الصحفي الذي خان ضميره المهني وانتخب أناساً غير صحفيين وغير جديرين بأخلاقية المهنية وهو يعلم السيرة الذاتية لهم، كيف يمكن لصحفي محترف أن ينتخب إدارياً يشغل منصب سكرتيراً لمكتب أحد المدراء لا علاقة له بالصحافة ولا الكتابة لدرجة حصول هذا الإداري على أعلى الأصوات في مؤسسته وفي الاستئناس الحزبي وانتخابات المؤتمر والمجلس؟؟!
أو كيف يسامح نفسه أي صحفي وهو ينتخب موظفة إدارية لم تكتب ولم تقم بأي عمل صحفي على الإطلاق واسمها مدرج في لوائح (المتسربين) للاتحاد حتى وصلت إلى عضوية المؤتمر والمجلس، والمفارقة أن أحد (المتسربين) يتصدر اسمه دائماً بحرف (د) وفي قيوده في سجلات اتحاد الصحفيين وفي حقل المؤهلات لا يحمل لا شهادة دنيا ولا شهادة عليا، ومع ذلك وصل إلى عضوية المؤتمر لدورتين بفضل أصوات من لا ضمير لديهم.
هذه الأمثلة تنطبق على قسم كبير من أعضاء المؤتمر والمجلس، وهنا أرى أن مقولة (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق) تنطبق على انتخابات اتحاد الصحفيين أكثر مما تنطبق على الاقتصاد.
بعض الزملاء رغم نجاحهم في انتخابات الوحدات الصحفية في مؤسساتهم لم يهضم ما جرى فانسحب باحترام، ومنهم من دفع ثمناً باهضاً لموقفه!.
المؤتمر لم يخرج في مناقشاته وطروحاته وتوصياته عن المؤتمرات السابقة، ولم تكن هناك مبادرات جادة لتفعيل دور الاتحاد على الصعيد المهني والمطلبي، وبقيت تقاريره تكراراً مملاً عن تقارير الدورات السابقة.
 هناك مسألة في غاية الأهمية لم يلح عليها أعضاء المؤتمر وهي واقع وأسلوب الحصول على تراخيص إصدار المطبوعات وآليتها، فالنص القانوني شيء والممارسة الفعلية في طريقة منح التراخيص شيء آخر، فالمزاجية وأسلوب (الخيار والفقوس) تمارسه وزارة الإعلام والحكومة في منح التراخيص فتعطى التراخيص للبعض ويحرم منها البعض الآخر حتى في حال تشابه بعض الحالات كإعطاء ترخيص لمدير عام سابق ويحرم منها آخر.
 الصحفي الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود يعمل في الصحافة الرسمية، هل يحتاج إلى (حسن سلوك) يؤهله للحصول على ترخيص لإصدار مطبوعة، أم يجب أن يقدم ضمانات تؤكد (حسن نواياه) متعهداً بعدم إغضاب الحكومة مقسماً بأغلظ الإيمان أنه لن يتطرق لمواضيع يتحسس منها أحد: كالفساد وسوء الإدارة، وتدني الخدمات، وانه سيفسح صفحاته للشعراء وكتاب العرائض لكيل المدائح بالثلث، والنسخ، لانجازات حكومتنا الرشيدة متغزلاً بكل فخر بإطلالة السادة الوزراء على شاشات القنوات المحلية الثلاث؟؟!.
هل نجح المؤتمر؟؟!
كل الآراء تقول بأن الأمور باقية على حالها، قد تتبدل الوجوه لكن الأداء سيبقى نفسه، وقد يكون من الأفضل بعد أربع دورات عقدها الاتحاد إلحاقه بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كجمعية أهلية خيرية تقدم المساعدات والقروض وتساعد المرضى وأبناء السبيل..

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...