إسرائيل تقدم رداً ملتبساً على تقرير غولدستون

30-01-2010

إسرائيل تقدم رداً ملتبساً على تقرير غولدستون

تضاربت المعلومات في إسرائيل حول طبيعة الرد الذي قدّم للأمم المتحدة، أمس، بشأن تقرير غولدستون. وفيما أشارت بعض الصحف إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار إسرائيل تشكيل لجنة فحص في الاتهامات التي عرضها التقرير، ذكرت صحف أخرى أن الرد الإسرائيلي ينطوي على تملّص، ما يعني أنّ إسرائيل قدمت ردا أوليا يحتاج إلى استفسارات من قبل الأمم المتحدة لفهم ما إذا كان تجاوبا مع توصية التقرير أم رفضا لها.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إلى أن المداولات التي تكثفت في الأسابيع الأخيرة بين مؤيدي تشكيل لجنة تحقيق ومعارضيها بلورت نوعا من الحل الوسط يتجاوز معارضة المؤسسة العسكرية. وأوضحت أنه تم تخطي معارضة كل من وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الأركان الجنرال غابي أشكنازي، بعدما تم التوضيح بأن اللجنة لن تعنى بفحص أفعال الضباط، وإنما قرارات الحكومة والمستوى القيادي الأعلى في الجيش، وليس مستوى قادة الكتائب.
وقدّرت الصحيفة بأن من سيمثلون أمام اللجنة هم ذوو المناصب العليا: رئيس الحكومة في حينه ايهود اولمرت، اعضاء المجلس الوزاري السياسي ـ الامني، ورئيس الأركان، وأعضاء هيئة الأركان ذوي الصلة، وربما قائد فرقة غزة وضباط آخرين برتبة عميد وما فوق.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله أن اللجنة ستفحص قرارات الحكومة والمجلس الوزاري المصغر خلال الحرب على غزة، وتعليمات القيادة السياسية للجيش، وتطبيق المستويات العليا الميدانية للأوامر. وقال المصدر إن «لا حاجة للمؤسسة الأمنية إلى أن تخشى شيئا»، فلدى اسرائيل ردود ممتازة على كل الاحداث المذكورة في التقرير، ويمكنها أن تدحض الاتهامات التي تشير إلى ارتكاب جرائم حرب».
وكانت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أصرّت على رفض تشكيل لجنة تحقيق جديدة، حيث طالبت بأن يتم الاكتفاء بتحقيقات الجيش. غير أن تقرير غولدستون سبق أن حسم هذا الجدل، حيث أكد أن تحقيقات الجيش غير كافية من وجهة نظر القانون الدولي.
وسبق لرجال قانون إسرائيليين، بينهم الرئيس الأسطوري للمحكمة العليا القاضي المتقاعد أهرون باراك، أن أوصوا بتشكيل لجنة قانونية، معتبرين أنّ ذلك يمثل الأمر الوحيد الذي يمنع الأسرة الدولية من ملاحقة ضباط وساسة إسرائيل، فيما أيد وزير العدل الإسرائيلي يعقوب نئمان ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان والمستشار القانوني المنتهية ولايته ميني مازوز اجراء فحص معمق من قبل شخصية قانونية ذات مكانة دولية.
ونقلت «يديعوت» عن مصدر سياسي إسرائيلي بارز قوله إن هؤلاء «يفهمون أن تقرير غولدستون قد خلق تسونامي سياسياً واقتصادياً: تخوّف من اتخاذ اجراءات جنائية في الخارج ضد سياسيين إسرائيليين وضباط كبار، وتظاهرات ضد سياسيين يزورون عواصم العالم، وفرض مقاطعة على بضائع اسرائيلية في المتاجر في اوروبا. اسرائيل توجد في شرك، وتشكيل اللجنة يرمي الى تلبية الاحتياجات السياسة الخارجية، ولكن لا يمكن تشكيل لجنة جدية اذا لم تمنح صلاحيات واسعة. هكذا فقط سيوافق رجال قانون ذوو مكانة ان يكونوا على رأس اللجنة. اما لجنة التفافية فلن تبعث على المصداقية الدولية ولن تحل المشكلة».
ورغم أن المهلة القانونية للرد الإسرائيلي على تقرير غولدستون قد انتهت يوم أمس، إلا أن بان كي مون سيعرض نتائج الردود في الخامس من شباط المقبل، ما يعني أنّ هناك مهلة تتجاوز تلك التي حددها التقرير نفسه لتسلم الرد النهائي، ولهذا السبب اكتفت إسرائيل مؤقتا بتسليم رد أولي، وهو تقرير المدعي العسكري العام أفيحاي مندلبليت.
يذكر أن هذا الرد يقع في نحو مئة صفحة، ويحوي نتائج تحقيقات أجراها المدعي العسكري وطواقم عملت باسمه في الاتهامات والأحداث التي تطرق إليها تقرير غولدستون. وبحسب ما نشر في إسرائيل فإن هذا الرد يرفض بشكل تام أن تكون القوات الإسرائيلية قد اقترفت أية جرائم حرب.
وكان مندلبليت قد التقى قبل حوالى شهر مع كبار المسؤولين في الدائرة القانونية للأمم المتحدة في نيويورك وتباحث معهم حول الصيغة التي يمكن أن تكون مقبولة في نظرهم.
وفي كل الأحوال فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لجهة ما إذا كانت إسرائيل ستضطر لإعلان تشكيل لجنة تحقيق أم لا، ففي حال اعتبر بان كي مون أن الرد الإسرائيلي غير كاف، فإن إعلان لجنة التحقيق سيكون إلزاميا إلا إذا سعت حكومة نتنياهو للصدام مع الأمم المتحدة في هذه المسألة.
ورغم الارتباك القائم في إسرائيل حول الرد على التقرير، فقد أعلن وزير الدفاع إيهود باراك أن تقرير غولدستون «مشوّه ومزوّر» معتبراً أنّ «ردنا يجسد حقيقة أنه ليس هناك من مثيل للجيش الإسرائيلي، فهو جيش مسؤول وجدي، ويعمل بشكل مسؤول ودقيق».
وفي نيويورك، أعلن المتحدث باسم بان كي مون، فرحان حق أن الأمم المتحدة تلقت الرد الإسرائيلي على تقرير غولدستون، مشيراً إلى أنّ الأمين العام للمنظمة سيبدأ بإعداد تقريره، بناء على هذا الرد.
وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة في الأمم المتحدة أن الموعد المقرر للجمعية العامة للنظر في تقرير غولدستون هو الخامس من شباط المقبل، لكنها أوضحت أنه لم تتحدد حتى الآن الصيغة التي سيتم من خلالها عقد الجلسة.
وقال سفير دولة غربية عضو في مجلس الأمن إن «الأمر برمته يعتمد على ما سيرد في تقرير بان كي مون، وتقييمه لمدى التزام الطرفين بإجراء تحقيقات ذات مصداقية في التهم الخطيرة الواردة في تقري غولدستون»، مشدداً في الوقت ذاته على «ضرورة الاهتمام بالسياق الأوسع للتقرير، ومدى تأثيره على فرص استئناف عملية السلام». وأوضح أنه «إذا تحركت عملية السلام، فقد لا يكون مطلوباً من مجلس الأمن أو الجمعية العامة اتخاذ أي قرارات. أما إذا بقيت الأمور جامدة ، فقد يكون مطلوباً النظر في إجراءات أخرى».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...