أنسي الحاج: حــــــبّ [3]

23-06-2012

أنسي الحاج: حــــــبّ [3]

الحبّ غير المستجاب زنبقةٌ فوق عَدَم.

■ ■ ■

منارةُ الحبّ الحَدْس.
قد يحتاج الحدس إلى العتمة ليرى نوره.


■ ■ ■

تعشقها ولا تصبر على غيابها.
تملأ دنياك. إنّها حياتُك.
... وأنت في غيابها وحيد ووحيد في حضورها.
الحبّ يملأ الفراغ ولا يلغي الوحدة.
الحبّ يزيد الوحدة.
إنّه اللامحدود في قفص.


■ ■ ■

ترى في الجنس شيطاناً، فتحصر حبّها في الطهارة.
امرأةٌ عَصيّة كهذه أين تهرب إنْ أتاها الجنس في شكل ملاك؟


■ ■ ■

أشدّ النساء إغراءً هُنَّ في الغالب الأقرب شبهاً بالراهبات، حشمةً وهدوءاً ورزانةً وخَفَراً. لفرطِ خجلهنّ يُخجّلنكَ، ولفرط حزنهنّ الناعم تودّ لو تكون لهنّ التعويض كلّه.
لا علاقة بين الفجور والإغراء. الفجور يُهشّل الإغراء.
الإغراء هديّة سريّة، الفجور ارتماءٌ إرهابيّ.
أشدّ النساء إثارةً امرأةٌ لن تفعل شيئاً لتصدّك ولا لتسهّل لك المهمّة. عليك أنت أن تُحسن التصرّف. إذا وجدتها باردة بهذه الصفات، فلأنّكَ لم تنعم في حياتك بجواهر الجمر تحت الجليد.


■ ■ ■

لا تعشق مَن تنتظرك بل مَن لا تنتظرك. لا تقولا بعضكما لبعض مَن أنتما، بل كونا كلّ واحدٍ على عرشه. لا تكسبها فلا تخسرها. مَلّكْها نَفْسها إذ تأخذها.


■ ■ ■

تُحرّك المعشوقة في العاشق ثلاثة انحرافات: يحبّ فيها طفلةً وأُمّاً وبَعْضَ رَجُل. حبيبتك تجسيدٌ لا لما تعكسه في أناك الجنسيّة فقط، بل لما يرقد في أسفل سرير سريرتك.


■ ■ ■

لحظةُ المرأةِ أقْصَر. أعطها في لحظةٍ ما تستطيع أن تكنزه طوال العمر. هي تعطيكَ في لحظتها الأبد.


■ ■ ■

الصبا وليُّ العهد، الحبّ هو العرش.


■ ■ ■

تتعدّد غراميّات الرجل لأنّه كلّما امتلكَ امرأةً كَشَف سرّها، فيعاود البحث عن امرأةٍ ذات سرّ. كلّ امرأةٍ سرّ. المرأةُ الكلّ هي التي يظلّ الرجل يتخيّل أنّ سرّها يستعصي على الكشف.


■ ■ ■

أَحْبِبْ نفسك حتّى تُهديها شَهيّةً إلى مَن تحبّ.


■ ■ ■

المعشوقةُ امرأتان: عارية ومرتدية. المعشوقة أكثر هي ثلاث نساء: عارية، مرتدية، وحلمٌ وراء هاتين.


■ ■ ■

أنتَ ذاتان: خارجيّة وداخليّة. الحبّ الكبير ينبثق من الذات الداخليّة ويَتَصوَّبُ نحو الذات الداخليّة للمحبوبة. إذا استحقّته المرأةُ تحييان كلاكما به، وإلّا فأنتَ طريحُ غربةٍ وشريدُ ظلام، أمّا هي فلاهيةٌ ككلّ مصادر الغربة.


■ ■ ■

للمرأةِ رهافةُ حسٍ لا مثيل لها حتّى لدى نوابغ الفنّ والشعر. هؤلاء يعبّرون فيُغالون. رهافةُ المرأةِ لا يرقى إليها تعبيرها.


■ ■ ■

الحبّ المتملّك حبٌ عاديّ.
الآخر، الفائق، عاطفةٌ تعكس عن المحبوب صورته الأجمل، فلا يعود يليق به غير قيمتين: العبادةُ والحريّة.
حبٌّ يُجلّي المحبوب شَغَفٌ يُذكّرنا بماضينا الإلهيّ.


■ ■ ■

حُبُّها يحميك وحبُّكَ يُعرّضها.


■ ■ ■

وأنتَ تداعب بَشَرة الحبيبة، لا تنسَ أنّ روحها كلّها الآن فيها.


■ ■ ■

يمرّ الحبّ بالمجون كما يمرّ العقل بالجنون. الإفراطُ مصفاة.


■ ■ ■

لا يستغني المحبّ عن فكرة الحماية. يحتاج أن يعطف إنْ أراد الانتقال من الشهوة إلى الحبّ. مهما اشتدّ الشبق لا يقدّم للمرغوب أوراق اعتماد الحبّ ما لم يقترن بالرحمة.

يعطي الحبيبُ محبوبته الأمان ونفسُهُ مشكوكةٌ على رمح الخطر.


■ ■ ■

يستعجل العاشق التمتّع بجسد المعشوق لأنّ المغيب يتربّص بالشمس.


■ ■ ■

لماذا لا تكون الحديقة مفتوحة على حديقة؟
لماذا الحديقة محاصَرة إمّا بالإسفلت وإمّا بالصحراء؟


■ ■ ■

عندما يستولي الحبّ على شخص ينتزع منه حريّته. وعندما ينسحب عنه الحبّ لا يستعيد حريّته، بل يخسر فوقها «كلمة السرّ».


■ ■ ■

الحبّ مهدَّدٌ دائماً.


■ ■ ■

يطاردنا الوجه تارةً كنسيم وطوراً كضمير.
أعرفُ وجهاً سَكَنَ مراياه،
وبَدَل أن يغرق في المرايا غرقتْ فيه.


■ ■ ■

ثمّة، بين تلبيات النداء، ما هو أسوأ من عدم التلبية. تَنْصبُ الخيبةُ مكمنها وراء الشوق كما ينصب الذئب فخّه على القمم.


■ ■ ■

غريبٌ أن يكون هناك ميتات تُخلّص ضحاياها ولا تكون نهايات الحبّ مخلّصة. ألمُ الحياةُ ينتهي، ألمُ الحبّ لا ينتهي.


■ ■ ■

يحتاج الرجل إلى كنوزٍ من الإقناع ليستدرج المرأة إلى البوح الجنسي، وبعد أن تبوح يُعيّرها...
يجب أن لا تبوحي إلّا بما يفوق تخيُّله، عندئذٍ يستسلم للسيّد فيكِ، للكائن الأخطر منه.


■ ■ ■

يُطْمَأَنُّ إلى حَدْسِ المرأةِ المُحبّة أكثر ممّا يُطمأنُّ إلى ينبوع الإخلاص الذي هو الأمّ.


■ ■ ■

من أوّل لقاء تَشعر أنّ هذه المرأة تعرفك.
من أوّل لقاء تعرف أنّ هذا الرجل سيظلّ لا يعرفك.


■ ■ ■

ممّا يدعو إلى الاستغراب استبعادُ المرأةِ، في الديانة المسيحيّة، عن دور الكاهنةِ التي تتلقّى الاعتراف.
بين أهمّ خصائص المُعرِّف الإصغاء، الاهتمامُ بهمومِ المعترف اهتماماً «شخصيّاً»، فكلُّ معترفٍ يعتبر هذه اللحظة في كرسي الاعتراف إحدى ذُرى حياته، ومَن أكثر من المرأةِ حضانةً، فضولاً، استيعاباً لتناقضات الوجدان؟ وأيّ غفرانٍ أحنُّ من غفرانها؟


■ ■ ■

حواس المرأة لا تُحصى. السادسة التي تُنسَبُ إليها عادةً هي في الواقع مجموعةُ حواس تُعشّش في جسدها ابتداءً من مسامّ الجلدِ وفي نفسها وروحها انتهاءً بما لا يحيط به محيط.
هذا لا يعني أنّها لا تُخدَع، إنّما يعني أنّ الإيقاع بها سهل ككلّ انحدار.


■ ■ ■

يحتاج الشاعر إلى المرأةِ لأنّه يعيشُ من ثلاثة: الإحساس، الخيال والجمال. ومن رابعٍ هو المحال.
ومن خامسٍ هو إعادةُ رسم العالم كما يحلمه.
يتفاعل الشاعر مع الطبيعة بعاطفةِ المسحورِ العابد، الذي لا يتوقّف عن اكتشاف المَغازي في العشبة والنجم. وهكذا يتفاعل مع جاذبيّة المرأة. وهو يتمثّلها كما يُبْصرها خياله، ويرى أنّ جمالها أفتنُ من الشمسِ والبحرِ والهواءِ والسماء، بل أغلى عليه من حياته. ويريدها بلا نهاية، وإذا انتهت يستأنف البحث عنها، وهو بحثٌ لا قرارَ له، هو المُطلق المحال، وما يراه الشاعر منهما في المعشوقة لا يراه سواه.
هو مهزومها المنتصر بها.


■ ■ ■

القَدَر صَنَم.
الصنم لا يتزحزح، راسخ في الماءِ وفي الصخر.
الصنَم قَدَر.
الحبُّ أوركيديا حمراء تنبت على أنفِ الصنَم فجأةً وتذهبُ بوقارِ التمثال.
الحبّ عاصفةٌ تجنّ حول جميع الأصنام.
الحبّ قطارٌ يخرج عن سكّته ويصير طائراً.
الحبّ تصويبٌ للخلق.

أنسي الحاج

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...