«لوموند» تداوي شيخوختها بالمساحيق

02-02-2009

«لوموند» تداوي شيخوختها بالمساحيق

أرادت الصحيفة الفرنسية العريقة أن تطل بحلة مميزة لكنها فوجئت بفتور القراء.

أطلت صحيفة «لوموند» الفرنسية في عددها الصادر في 27 شباط (فبراير) الماضي بحلة أريد لها أن تكون جديدة، تبين في الواقع انها فقط مختلفة.

وبموجب هذه الحلة أدخلت تعديلات عدة على صفحات الجريدة، بما فيها الصفحة الأولى، التي اعتمدت في تصميمها، خطوط سود سميكة تفصل بين مقالاتها المختلفة، وموجزات لصغيرة لعدد من مواضيع صفحاتها الداخلية.

وهذا التغيير هو الأول الذي تقدم عليه ادارة «لوموند» الجديدة نسبياً، كونها تولت مهماتها عقب الأزمة المالية التي كادت تودي بالصحيفة وبلغ أوجها في العام الماضي.

والمقصود بالتغيير واضح، ويهدف الى إضفاء الفريق الإداري الجديد بصمته الخاصة على الصحيفة والإيحاء للقراء بإرادته في التطوير والتحسين.

ومُهِّدت الجريدة لهذا التغيير بحملة إعلامية تولاها مدير الصحيفة اريك فوتورينو، الذي شرح أغراضه عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وكتب مقالاً افتتاحياً على الصفحة الأولى عشية الموعد الذي حُدِّد لإطلاق الحملة الجديدة.

وتحت عنوان من عبارة واحدة هي «التجديد»، أوضح فوتو رينو، ان الحلة التي اعتمدت للصحيفة جاءت نتيجة تحليل معمق للتحديات التي تواجهها الصحافة المكتوبة، خصوصاً عبر الانترنت، وجعلها تبادر الى تخصيص مساحة أكبر على صفحاتها للتحليل والنقاش والريبورتاج.

وقال إن الحلة الجديدة تهدف أيضاً الى تأمين المزيد من الالتصاق بين الصحيفة وقرائها وبينها وبين توقعاتهم ومشاغلهم، وإظهار هذا التوجه عبر تصميم أكثر وضوحاً وتناسقاً.

وأكد فوتورينو حرص الصحيفة على الاستمرار في خدمة قرائها عبر مزيج من الدقة والقيمة المضافة والمفاجأة.

ومن جانبه تولى مدير تحرير «لوموند» آلان فراشون، شرح التغييرات التي شملت الصفحات المختلفة، بالصوت والصورة على الموقع الإلكتروني للصحيفة.

ونظراً الى كثرة ما سمع وقيل عن الحلة الجديدة، فإنها تحولت الى موضوع ترقب وفضول لدى قراء «لوموند» الاعتياديين وأيضاً لدى قراء الصحف الأخرى.

لكن ردود الفعل التي أثارتها «لوموند» بحلتها الجديدة جاءت ما دون الجهد الذي بذل للترويج لها تراوحت الردود التي نشرت «لوموند» مجموعة منها على موقعها على الانترنت بين الرفض التام للتصميم الجديد للصفحة الأولى وبين التهاون وقدر من الترحيب.

فالكثير من قراء الصحيفة انتقدوا بشدة الخطوط السود السميكة حتى ان أحدهم وصفها «بالكريهة»، ورأى آخر انه شعر بخيبة أمل تامة، وأن الحلة الجديدة ليست أكثر من مزيج بين التصميمين الخاصين بكل من صحيفتي «ليبراسيون» و «فيغارو». وفيما طغت المواقف السلبية على ما عداها فإن البعض اعتبر ان الحلة الجديدة ليست لا كريهة ولا جميلة وان المهم هو المضمون، وأنه على رغم كل شيء فإن «لوموند» تبقى أهم صحيفة في فرنسا.

وانفرد عدد قليل من القراء بالإشادة بالحلة الجديدة وقالوا انهم سيبقون على وفائهم لهذه الصحيفة التي يقرأون مقالاتها بتشوق.

والمؤكد أن إدارة «لوموند» مثلها مثل إدارات الصحف الفرنسية الأخرى، تجد نفسها مضطرة للابتكار والمجازفة بالإقدام على تغييرات أملاً بأن يتيح لها ذلك تجاوز المصاعب التي تواجهها الصحافة في عصر الانترنت والتلفزيون.

لكن المجازفة التي أقدمت عليها إدارة «لوموند» ليست من النوع الذي يتيح لها إضافة فئة من القراء الجدد الى قرائها، كونها باتت مصابة بقدر من الشيخوخة الذي لا يخفى بمجرد تغيير المظهر.

أرليت خوري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...