«صدى الصمت»: خطأ مونتاج أربك واقعية الحكاية

24-02-2009

«صدى الصمت»: خطأ مونتاج أربك واقعية الحكاية

تبدو تجربة السلسلة الدرامية «منمنمات اجتماعية» التي تعرضها قناة «أبو ظبي» مشغولة بفسيفساء الحياة الواقعية من دون رتوش. حملت آخر حلقة من تلك السلسلة، عنوان «صدى الصمت»، قدم فيها الكاتب شادي دويعر والمخرج أحمد إبراهيم أحمد اقتراحاً درامياً محكماً لحكاية إنسانية أبطالها فتاة (ميسون أبو أسعد) تتعرف إلى شاب أصم (مكسيم خليل) يعمل خياطاً نسائياً، فتقع في حبه وتتعلم لغة الصم لأجله وتتزوجه رغم معارضة أهلها، لتتوالى بعدها أحداث العمل فنشهد تقلبات العلاقة بين الاثنين، ومفارقاتها مع الناس حولهما، حيث يقابلها البعض بالإعجاب، فيما يستهجن البعض الآخر من أساسها العلاقة، ويأتي قسم ثالث ليرفضها من أصلها، وفي كل مرة كان الزوجة تدافع عن خيارها قائلة إنه الحب والعشق الذي لا علاقة له بكون شريكها أصمَّ أم لا، إلا أن أحكام المجتمع الجاهزة، والسطحية في معظمها، سرعان ما تكون صاحبة الكلمة العليا التي تؤدي إلى انفصال الزوجين.
أحداث العمل وشخصياته وحواراتهم المفترضة بدت في سياقها الطبيعي، فلم تحدث خللاً في البناء الدرامي للحكاية، أو تثقل على واقعيتها، بل جاء حرص الكاتب على عدم تجميل أي من أبطاله، كما تقتضي الدراما أحياناً، ليجعل الحكاية أكثر قسوة علينا، ويجعلنا أكثر إنسانية تجاه أبطالها بآن معاً.
مخرج العمل أحمد إبراهيم أحمد، قدم اقتراحاً بصرياً متوازناً في الحلقة هذه، ونجح في العمل على التقاط أحاسيس الممثلين وفق ما اقتضه الحكاية. وهو أمر يتركه كثير من المخرجين في عهدة أداء الممثل لمصلحة تركيز اهتمامهم هم على الكادر العام للمشهد.
بدت كاميرا أحمد ابراهيم أحمد عقلانية إن صح التعبير، تتحرك في أكثر من زاوية، دون أن تبالغ في لغتها البصرية، وهو أمر يبدو أن المخرج أحمد تمرّس عليه خلال سنوات عمله كمدير تصوير وإضاءة.
إلا أن ما يؤخذ على العمل ارتباكه المونتاجي، على نحو يتطلب جهداً إضافياً من المشاهد لإعادة ترتيب حكايته، فالمشهد الأول من المسلسل يبدأ من سيارة البطلة التي تلمح البطل في الشارع، ومن دون أي تمهيد يعود بنا المشهد الثاني إلى خمس سنوات مضت ليروي لنا كيف التقى الشابان أول مرة وتزوجا، إلا أن ذلك لم يكن يعني تماماً اعتماد المخرج تقنية «الفلاش باك» في رواية أحداث حكايته، إذ سرعان ما تتداخل الأحداث بعضها مع بعض بغض النظر عن ترتيبها الزمني، حين يجعل المخرج زواج الشابين هو نقطة البداية في رواية أحداث حكايته، لا بداية السنوات الخمس التي أرجعنا إليها المشهد الثاني في المسلسل، فكنا نشاهد تارة الأحداث التي تلت زواج الشابين وتارة أخرى نتابع الأحداث التي سبقت زواجهما، وهكذا دواليك إلى أن أعادنا المشهد الأخير إلى المشهد الأول نفسه من المسلسل، ولكن هذه المرة جاء المشهد في سياقه الطبيعي، الأمر الذي جعل عرضه في بداية الحلقة نافراً، خصوصاً أن حذفه من بداية العمل لم يكن ليؤثر على الحكاية، بل على العكس، كان من شأن حذفه فك التشابك المونتاجي السابق، الذي أربك بدوره واقعية الحكاية وسحر متابعتها.
تعيده «أبو ظبي الأولى» الحادية عشرة والنصف صباحاً بتوقيت دمشق

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...