فخ الإعلان لاستقطاب المساهمين «عرب توون» أنموذج

12-06-2010

فخ الإعلان لاستقطاب المساهمين «عرب توون» أنموذج

ينظر المواطنون بكثير من الحذر إلى تلك الإعلانات التي تنشرها الصحف الإعلانية وغيرها من الصحف.

حين تتحدث الكلمات المنمقة في ذلك الإعلان عن فرصة ذهبية لاستثمار وفورات المواطنين ومدخراتهم خاصة أصحاب الدخل المحدود الذين يرغب بعضهم في تنمية وفوراتهم في أحد القطاعات الاقتصادية عن طريق الاكتتاب بأسهم واحدة من الشركات العائلية التي وجدت موطئ قدم لها في استقدام الوفورات، بعد محاولة تحويل الشركة إلى مساهمة وإدخالها البورصة، مع العلم أن الكثير من هؤلاء المواطنين يجهلون قراءة مفرداتها أو استقراء مستقبلها، وليكتشف من بعدها المكتتبون محدودو الدخل بأنهم وقعوا ضحية لعملية احتيال (قانونية) في شكلها العام وتحتاج إلى سنوات طويلة كي يستعيد (المواطن)، بعض ما ادخره من قوت أبنائه، ومن بعدها فإن الحذر يتحول إلى شك في مصداقية الكثير مما يتم نشره من إعلانات، وإن بدا بعضها صادقاً في طروحاته، وفي الضمانات التي يوثقها بقرارات مؤسساتية رسمية، وهنا يكمن الخطر الحقيقي الذي يتمثل في الفجوة وانعدام الثقة، التي تخلقها تلك القرارات بين المواطن من جهة وبين عدد من المؤسسات الرسمية من جهة ثانية. ‏

فرصتك الذهبية لتربح مالاً ‏

لم يكتف الإعلان الذي نشرته إحدى الصحف الإعلانية المحلية والذي عنونته بـ«هذا ما تبحث عنه!!» وهو فرصتك الذهبية بل وأضافت عليه «لتربح مالاً وتصنع حضارة» وفيه شركة (عرب توون) للإنتاج السينمائي والتلفزيوني ورعاية ثقافة الأطفال وأفلام الكرتون، والإعلان بأنواعه. ويتساءل الإعلان: هل لديك مال مدخر ترغب في تنميته وتشغيله واستثماره؟! وهل ترغب في استثمار أموالك في مشروع يعود عليك بالربح المادي والمعنوي؟! ‏

وهل ترغب في بناء جيل جديد صحيح العقيدة، سوي السلوك واضح الهدف، يكون عدة لبناء مستقبل الأمة؟! وهل ترغب في أن تجد لك يوم القيامة عملاً تنجو به من (عذاب يوم عظيم)؟!! ‏

بالطبع فإن الأغلبية من أبناء شعبنا الطيبين سوف يردون بالقول: نعم هذا ما نبحث عنه، والإعلان يقول: إليك ما تبحث عنه!!! (إشارات التعجب والاستفهام هي في صلب الإعلان الذي نتحدث عنه). ‏

موافقات رسمية ‏

بناء على القرار رقم 1927 تاريخ 16/3/2003 القاضي بترخيص شركة (عرب توون- شبكة الكرتون العربية المساهمة المغفلة وقرار السيد وزير التموين رقم 508 تاريخ 30/4/2003 المتضمن التصديق على النظام الأساسي للشركة وإشهارها تعلن شركة (عرب توون) عن طرح أسهمها للاكتتاب العام ابتداء من 25/9/2003 ولمدة 60 يوماً وفق الأسس التالية، حيث عدد الأسهم 175 ألف سهم اكتتب المؤسسون بـ61250 سهماً منها والباقي 113750 سهماً مطروحاً للاكتتاب العام وقيمة السهم الواحد 200 ليرة سورية أو أربعة دولارات أمريكية يدفع عند الاكتتاب 50% من القيمة الاسمية ويتم التسديد في المصرف التجاري السوري. وتضمن الإعلان المراسلة على البريد الالكتروني والاتصال على الهاتف+ الفاكس والحصول على معلومات من السيد (ب.ص) وبذلك تكون كل الضمانات متوفرة لاستثمار آمن لعدد من المواطنين في تنمية وفوراتهم القليلة نسبياً. ‏

‏ الاقتصاد تلغي القرار ‏

صدر القرار 1708 تاريخ 24/7/2005م عن السيد وزير الاقتصاد ألغى بموجبه القرار 508 المتضمن تصديق النظام الأساسي لشركة عرب توون لعدم تحقق نسبة الاكتتاب بموجب الفقرة 3 من المادة 112 من قانون التجارة السورية وتعديلاته، وألزم القرار المؤسسين بإعادة المبالغ المدفوعة من قبل المكتتبين إلى أصحابها كاملة، وهذا لم يحدث. ‏

أموال المكتتبين ‏

المواطن (م. الاسطواني) قال: لقد تم الاكتتاب على العديد من الأسهم ومن قبل بعض معارفي أيضاً، وهكذا مضت الأشهر ثم السنوات دون أن نحصل على أموالنا التي اكتتبنا من خلالها في الشركة المذكورة وليتبين لنا أن الإعلان كان فخاً وشركاً نصب للمواطنين، وحين اتصلت شخصياً بالمسؤول العام عن الشركة السيد (ب.ص) أعلمني أن هناك خلافاً مع شركائه وهو لدى القضاء، لأجيبه: وما دخل المساهمين في خلافه مع شركائه؟ والمشروع الذي لم ير النور لعدم تحقيق نسبة الاكتتاب المحدودة يفترض به أن يعيد أموال المساهمين أولاً، ومن بعدها، فلتصف خلافات الشركاء على مهل. ‏

يضيف المواطن الاسطواني: تبين لي من إجابات المذكور أن هناك تواطؤاً ومحاولة لعدم إعادة أموال المساهمين، ولدى مراجعتنا لوزارة الاقتصاد التي نشرت خبراً في صحيفة رسمية مفاده أن الوزارة تطلب من المواطنين شرح مظالمهم، وبعد تقديمنا لظلامتنا صدر كتاب السيد وزير الاقتصاد في 25/8/2005 وهو موجه إلى مؤسسة شركة عرب توون وفيه يقول: نصت المادة 3 من القانون التجاري السوري في حال الرجوع عن التأسيس يعيد المؤسسون المبالغ المدفوعة من قبل المكتتبين إلى أصحابها كاملة، وهم مسؤولون بالتضامن والتكافل عن إرجاع المبالغ المكتتب بها كاملة عند وجوب إعادتها، وتضمن الكتاب المذكور الإشارة إلى قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 7 تاريخ 24/4/2005 إلغاء القرار 1927 المتضمن ترخيص تأسيس الشركة المذكورة وبعد أن استلمنا من وزارة الاقتصاد القرار والكتاب المذكورين سابقاً، أبلغنا الموظف المختص بأن نراجع المصرف التجاري لاستعادة أموالنا كاملة، وعند مراجعة المصرف التجاري رقم 14 أفادونا هناك بأنهم لم يتبلغوا من أصحاب الحساب بإعادة أي مبالغ. ‏

انقعوه واشربوا ماءه ‏

بعد عودة المكتتبين بخفي حنين من المصرف التجاري، اتصل بعضهم بالمسؤول العام عن الشركة لطلب إعادة المبالغ المدفوعة من حساب الشركة فأجابهم بأن الخلاف مع الشركاء لم يتم حله بعد، وحين تم إعلامه بقرار وزير الاقتصاد قال لهم وبالحرف الواحد: (انقعوه واشربوا ماءه..) وهنا أحسوا بأن مدخراتهم أصبحت في مهب الريح فمن يعيدها لهم! ‏

‏ لا يكترثون للقرارات ‏

المساهم الدكتور (غ. ميز) قال: لقد مضى الآن حوالي سبع سنوات ولم يعد أحد لنا أموالنا، ولدى سؤالنا للمسؤول عن الشركة يقول: إن خلافه مع شركائه لايزال قائماً.. فهل يستمر ذلك الخلاف إلى مالا نهاية.. أم أنه اتفاق بينهم على عدم الحل كي تسقط حقوقنا بالتقادم أو ننساهنا كما فعل البعض، وقال حسبنا الله، إن هؤلاء المؤسسين يستخفون بالأنظمة والقوانين ولا يكترثون لها، وواضح من الإعلان أنهم كانوا يستغلون طيبة المواطنين من خلال العزف على وتر الخير والصلاح لإشباع نهمهم في سرقة أموال المواطنين وما نأمله من الجهات المسؤولة إلزام هؤلاء بإعادة أموال المكتتبين، كي يتم جسر الهوة التي صنعها هؤلاء بين المواطنين ومؤسساتهم التي ينتمون إليها وللمحافظة على هيبة المؤسسات العامة، ومصداقيتها. ‏

‏ ملاحظات لابد منها ‏

- أين القوة التنفيذية للقرارات المؤسساتية والوزارية، ولماذا لم يمتثل لها أصحاب الشركة التي لم تتجسد واقعاً؟ ‏

- لماذا لم تقم وزارة الاقتصاد بعد أن أصدرت قرارها بإلغاء ترخيص الشركة المذكورة بالطلب من المؤسسين إعادة الأموال كاملة؟ ولماذا لم تطلب من المصرف التجاري تجميد حسابات الشركة ريثما تعيد أموال المكتتبين؟ وهل المسألة خارج صلاحيتها؟ ‏

ويبدو أن أصحاب الشركة كانت لديهم القناعة بأن المكتتبين على الأسهم لن يلجؤوا إلى القضاء لعدم ضخامة المبالغ أولاً، ولأن التكاليف ستكون باهظة ناهيك عن المدة الطويلة، ولعدم معرفة المكتتبين بعضهم بعضاً، فيوحدوا فيها جهودهم، وهذا ما شجع المؤسسين على الاستهتار بالقرارات الرسمية. ‏

وهنا يقول لنا أحد المساهمين: لابد من إجراءات سريعة وتعديلات للأنظمة غير الرادعة للمستهترين بالقرارات.. ووصف ما تعرض له حتى الآن بحال من تعرض لضياع ماله من جامعي الأموال الذين استغلوا القوانين والأنظمة واستخدموها غطاء لكسب ثقة المواطنين واستدراجهم للتخلي طواعية عن وفوراتهم رغبة في تنميتها، ومن قرأ الإعلان للمرة الثانية يجد أن العبارات الواردة فيه منتقاة من قبل اختصاصيين في (الكذب) لجذب أكبر عدد من المكتتبين، فأين بناء الجيل الجديد سوي السلوك مما فعلوه؟ وأين الاستثمار الذي يعود بالفائدة المادية والمعنوية؟ ‏

‏وعود قطعية ‏

الأستاذ عبد الخالق العاني- معاون وزير الاقتصاد قال: كان يفترض بالقرار الوزاري أن ينفذ بحذافيره ومنذ سنوات وأن تعاد أموال المكتتبين، وبدوره أحالنا إلى الأستاذ بشير هزاع- مدير التجارة الخارجية الذي قال: إنه ومنذ سنوات لم أسمع في الوزارة بمن حضر يشتكي ظلامته حول الشركة المذكورة، ومع أنني تسلمت مهمتي كمدير للتجارة الخارجية في الوزارة في عام 2007 إلا أنه لم يأتِ أحد بهذا الخصوص ويمكن للمساهمين أن يتقدموا للوزارة بشكوى جديدة وبدورنا سنقوم بإنذار أصحاب الشركة، وإن لم يستجيبوا.. فيمكننا إحالتهم إلى القضاء أو إلى جهات أمنية مختصة.

إسماعيل عبد الحي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...