مغربيات يتحدين الذكورية وقساوة الزمن

03-10-2012

مغربيات يتحدين الذكورية وقساوة الزمن

في إحدى قرى المغرب، لا تزال النساء يعشن في ظروف مأساوية صعبة، بعيدة عن كل ما يروج له الإعلام من مكتسبات وحقوق تتمتع بها المغربيات.
وبعيداً عن صخب عاصمة السياحة المغربية مراكش، وتحديداً على بعد حوالي 300 كيلومتر من جنوب المدينة، تقع قرية تامساهلت النائية التي يقطنها سكان أمازيغيون في أعماق جبال الأطلس. وتعتبر من ضمن المناطق التي يطلق عليها اسم "المغرب غير النافع"، حيث أوضاع النساء ومشاكلهن تفوق أوضاع نظيراتهن في مناطق مغربية أخرى.
وتعطر رائحة الحناء والتمور، وهي من أشهر المنتجات في المنطقة، الأجواء، بينما تتخذ الفتيات مظهراً مختلفاً مقارنة بنساء مراكش العصريات.
وتحاول ملامح الجمال الأمازيغي، التي تميز وجوه فتيات قرية تامساهلت، مقاومة الزمن وقساوة العيش والمناخ، إذ لا تحظى النساء بفرصة للتزين والدلال إلا في يوم الزفاف.
وتعيش الأمازيغيات في القرية هاجس الخوف من الموت بسبب ضعف المرافق الصحية، حيث يتطلب تلقي العلاج تنقلهن إلى مدن بعيدة، الأمر الذي أدى إلى وفاة عدد كبير منهن خلال فترة المخاض بسبب عدم وجود المستشفيات.
وتبدو تودة، التي تبلغ من العمر 34 عاماً، بين أكثر النساء اللواتي يعانين من ظروف سيئة في القرية، وذلك بسبب طلاقها منذ سبع سنوات. وتستيقظ كمثيلاتها من فتيات القرية الخامسة صباحاً، لتحضير طعام الفطور وحلب الأبقار، وتحضير الخبز بالطريقة التقليدية، وإطعام البهائم. وتتهيأ بعدها للذهاب إلى الحقول صباحاً ومساءً لحمل العلف والحطب قبل تحضير وجبة العشاء لعائلتها والعاملين في الحقول، بالإضافة إلى غسل الملابس، وتنظيف البيت وحياكة "الزرابي".
وتقول تودة إن أحداً لا يرغب بطلب يدها للزواج لأن رجال القرية يفضلون الفتاة البكر. لكن حالة الجحيم التي عاشت فيها بسبب زوجها وحماتها تبقى "أرحم بكثير من نظرات الناس القاسية" بعد طلاقها.
وتشكل المرأة في هذه البقعة المغربية، العمود الفقري في العائلة بحسب الثقافة الأمازيغية، إذ يتوجب عليها تحمل كل المسؤوليات. أما الرجال فيتمتعون بحياة هانئة، إذ لا تغطي التجاعيد أيديهم التي تفوق بنعومتها أيدي النساء. وتقول تودة "الرجل لا يفعل شيئاً"، مضيفة "أعتقد أنهم لا يجدون ما يفعلونه لأننا نفعل كل شيء بدلاً منهم".
وبالرغم من أن تودة هي الإبنة الأكبر بين إخوتها، إلا أنها تعاني من ظلم شقيقها الأصغر سناً، إذ يحق له أن يصرخ عليها ويضربها، إذا ارتدت لباساً غير مناسب أو تحدثت مع أحد الرجال الغرباء عن القرية. ويسود مفهوم "جرائم الشرف" في قرية تامساهلت تحت غطاء "الدفاع عن شرف العائلة".
وتتمثل مطالب النساء بأمنيات بسيطة وأنشطة تؤنسهن في أوقات فراغهن، كتعلم حرفة معينة يحصلن من خلالها على مردود مالي لشراء احتياجاتهن الشخصية. وتبدو هذه المطالب بعيدة كل البعد عن الأمور التي تطالب بها النساء في المدينة مثل حق المساواة مع الرجل أو تعزيز المشاركة السياسية لدى المرأة.
وتوضح اختصاصية علم الاجتماع صباح الشرايبي أن النساء القرويات المهمشات يحققن نتائج إيجابية في الانتخابات المحلية، مقارنة بالنتائج التي تحققها نظيراتهن في المراكز الحضرية، وذلك بالرغم من التهميش الذي يطالهن على مستوى التعليم والصحة وفرص العمل.
وتشير الناشطة الحقوقية سعاد التوفي إلى أن "وضع المرأة المغربية يتراجع بشكل عام بسبب استمرار سيطرة العقلية الذكورية، وضعف برامج التمكين النسائي التي تمولها منظمات المجتمع المدني المحلية أو الدولية، بالإضافة إلى انعدام النشاطات والدورات التدريبية التي تهدف إلى توعية المرأة على حقوقها".
وتؤكد التوفي أنه يجب على الدولة تطبيق برامج التوعية لتعزيز قدرات المرأة واستقلاليتها، بينما ينحصر دور المجتمع المدني في دق ناقوس الخطر وإلقاء الضوء على العوامل السلبية في المجتمع.


("دويتشيه فيلله")

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...