ما الفرق بين النظام السياسي الأمريكي والأنظمة العربية؟

06-11-2008

ما الفرق بين النظام السياسي الأمريكي والأنظمة العربية؟

شهاب الدمشقي:  يستطيع المتأمل للواقع العربي من جهة، والواقع الأمريكي من جهة أخرى ان يستنبط الفوارق التالية بين أمريكا والدول العربية مجتمعة (قشة لفة) حسب التعبير الشامي:

1- تعيش الدول العربية حالة من التلاحم الوطني بين القيادة والشعب، إذ يلتف المواطنون حول (القائد، رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، الملك، الأمير، ولي الأمر، سمه ماشئت، فالعبرة للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني) أقول: تلتف القواعد الشعبية حول قيادتها بشكل يعكس ما تكنه تلك الشعوب من حب وتقدير لقيادتها، ففي النكبات والكوارث، أو في الافراح والانتصارات، تصدح حناجر الشعب بالهتاف للقيادة بطول العمر والبقاء، وتُمنح لهم الاروح والمهج ، وتبذل دونهم الدماء، وتكون الصور البشوشة لولي الأمر أول ما يطالعك في مطار أي دولة عربية، بما يعكس حبا حقيقيا يندر أن تجده في أي دولة (ما خلا أو ما خر..!! لا فرق) الدول العربية.

أما في أمريكا، فرئيس الدولة شخص كأي شخص آخر، مبتوت الصلة بشعبه، معزول عنه، لا تجد له ذكراً بين قومه الا بتعداد مثالبه وذكر نقائصه، بل ربما وجدت من يسخر منه ويتعامل معه بعدم احترام أو تقدير، فلا صورة له، ولا حديث عنه، وقد يسير في الطريق فيجد العبوس والتجهم، ورحم الله من قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس.

2- الرصيد الانتخابي للحاكم العربي كما تظهره صناديق الاقتراع لا يقل عن 99،99، بما يظهر الحب والتقدير الذي يكنه الشعب لحاكمه، فالانتخابات والاستفتاءات الرئاسية العربية هي تعبير عن الحب قبل ان تكون بيعة سياسية، ومهرجان وفاء يظهر أن الحاكم العربي هو الخيار الذي يتفق عليه الجميع تقريبا، هو الاجماع الجماهيري والمعبر عن وحدة المصير والمستقبل، بخلاف الانتخابات الامريكية التي تظهر تشرذما وتفرقا وتشتتا بين الشعب، فتجد الفارق بين الاثنين في أي انتخاب لا يزيد عن 2 أو 3%، بل ربما لم تُحسم النتيجة من أول دورة مما يتطلب اعادة الانتخابات، ولا يخفى ما في ذلك من اهدار للمال والوقت، ناهيك عن انقسام المجتمع، مما يخلق الاضراب والشقاق.

3- اس الحياة السياسية العربية واساسها هو الاستقرار (ما استطعنا الى ذلك سبيلا) فالحاكم العربي (بتوفيق الله وعونه) يجدد ولايته مرات عديدة، بفضل من الله اولا، وبما يملكه من رصيد شعبي بناه خلال سنوات حكمه ثانيا، والشعوب العربية وفية بطبعها، تحفظ الجميل، وترده لصاحبه، بخلاف الشعب الامريكي، فهو صاحب مزاج متقلب لا يستقر على رأي، أما الوفاء ورد الجميل فهي قيم معدومة عنده !!! تراه اليوم يصوت لفلان ويتفنن باظهار الحب له، ليلعنه بعد سنة ويطيل الساعات في تعداد مساوئه، بل ما أسرع ان يتنكر لمعروفه، فيفضل عليه آخر في الانتخابات المقبلة !!.

4- يظهر الواقع العربي ايمانا كبيرا بقيم الأسرة، فالدولة العربية أسرة واحدة كبيرة، قوامها الحاكم (وهو بمنزلة الأب الحنون) أما الشعب فهم الأبناء الأوفياء، وحق الاب على الابن في تراثنا وقيمنا وثقافتنا العربية الاسلامية السمع والطاعة، وله على ابنه حق التأديب ان تاه أو ضل او خالف الطريق القويم، فيكون تأديب (الأب = الحاكم) شفقة ورحمة به وحرصا على مصلحته، أما في الدولة الأمريكية فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم تعبير حقيقي عن ضياع قيم الأسرة وما انتهى اليه المجمتع هناك من تفكك اسري خطير، فكما الأب يهمل ابنه، والابن يتجرأ على ابيه، تجد الحكام هناك يخاف من شعبه بل لا يجرؤ على نصحه ان تاه أو أخطأ، أما (الشعب = الابن) فتجده يعامل حاكمه بجفاء وسوء أدب بما يحاكي ضياع قيم الاسرة عندهم.

5- (الابن سر ابيه) حكمة عربية صنعتها خبرة الاجداد، فكل نبيه أو عالم أو شجاع لا بد أن يورث صفاته لإبنائه، ولذلك لا بد أن تجد في ذرية الحاكم العربي من يملك الجدارة على تحمل المسؤولية وحمل الراية، وكفى بذلك تزكية الأب لإبنه، أما في الدولة الأمريكية فترى الشعب يعرض عن ابناء حكامه ويختارون بدلا عنهم رجلا نكرة لا يعرفون عنه أو عن آبائه شيئا!!.

زبدة القول:

هناك هوة ساحقة بين الدولة الامريكية والدول العربية، وتأمل الفوارق تلك تدعونا الى حمد الله وشكره على ان أكرمنا بنعمة المواطنة العربية الأصيلة.

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...