الحضارة الغربية : فكرة حان وقتها .

04-02-2008

الحضارة الغربية : فكرة حان وقتها .

الجمل:  ارتشف النائب العام ميكايل موكاسي الماء بعصبية . كانت المرة الأولى التي يتقدم فيها للشهادة أمام اللجنة القضائية التابعة لمجلس الشيوخ منذ تعيينه المثير للجدل . بسبب نفس القضية يومها و اليوم : التعذيب . هل يعتبر التغذية بالماء water boarding تعذيبا ؟ السيناتور ادوارد كينيدي , دي ماس , طرح القضية بشكل شخصي :"هل كان التغذية بالماء ليشكل تعذيبا لو أنه وقع عليك ؟" "أشعر أنه كان ليكون كذلك ." هكذا أجاب موكاسي . رغم أنه قد حرف الأسئلة , قبل و بعد سؤال كينيدي , لكن جوابه الشخصي كان صحيحا .
لا يحتاج نائبنا العام لأن يتعرض للتغذية بالماء ليعرف أنها تعذيبا . و بالمثل لا يحتاج الأمريكيون لأن يعانوا من ديكتاتورية وحشية ليعرفوا أنه من الخطأ دعم الدكتاتوريات في الخارج . خذ على سبيل المثال الديكتاتور الاندونيسي الذي امتد حكمه لفترة طويلة جدا : سوهارتو . لقد مات هذا العام عن 86 عاما , عمر لم يبلغه أي من المليون من ضحاياه أبدا . حكم سوهارتو اندونيسيا لأكثر من 30 عاما , مدعوما من أقوى بلد على هذه الأرض , الولايات المتحدة . قفز سوهارتو إلى السلطة عام 1965 بواسطة انقلاب مدعوم من المخابرات المركزية الأمريكية , التي زودته بلوائح من أسماء معارضيه قام الجيش الاندونيسي بقتلهم فيما بعد , واحدا تلو الآخر . و قد طرد من السلطة عام 1998 بانتفاضة مطالبة بالديمقراطية .
طوال عهد سوهارتو قامت الإدارات الأمريكية , جمهورية و ديمقراطية , بتسليح و تدريب و تمويل الجيش الاندونيسي . بالإضافة إلى مليون اندونيسي الذين قتلوا , سقط مئات آلاف القتلى أثناء احتلال اندونيسيا لتيمور الشرقية , و هي بلد صغير يقع على بعد 300 ميل شمالي أستراليا . إنه بلد أعرفه جيدا , و قمت بتغطيته لسنوات . في 21 نوفمبر تشرين الثاني 1991 عندما كنت أقوم بتغطية مظاهرة سلمية في عاصمة تيمور , ديلي , قام جيش سوهارتو المحتل بإطلاق النار على الحشود , و قتل 270 شخصا . لقد نجوت بسهولة : فقد اكتفى الجنود بضربي بأحذيتهم و أعقاب بنادقهم الأمريكية م – 16 . و كسروا جمجمة زميلي , ألان نايرن , الذي كان يكتب لمجلة النيو يوركر في ذلك الوقت . و كانت هذه المجزرة واحدة من المجازر الأصغر في تيمور . على الرغم من كل ذلك استمر الرئيس جورج بوش - الأب , و بعده بيل كلينتون , بتزويد اندونيسيا بالسلاح . توقفت المبيعات الأمريكية فقط نتيجة ضغط حركة قاعدية ( شعبية ) في الولايات المتحدة . إلى جانب أنه وحشي بطريقة لا يمكن تخيلها كان سوهارتو أيضا فاسدا . مؤسسة الشفافية الدولية قدرت ثروة سوهارتو بين 15 و 35 مليار دولار . السفير الأمريكي الحالي إلى اندونيسيا كاميرون هيوم حيا ذكرى سوهارتو هذا الأسبوع قائلا :"لقد قاد الرئيس سوهارتو اندونيسيا لأكثر من 30 عاما , و حققت اندونيسيا خلال تلك الفترة تطورا اقتصاديا و اجتماعيا لافتا للنظر...رغم أنه هناك بعض الجدل عن ميراثه , فقد كان الرئيس سوهارتو رمزا تاريخيا ترك بصمة باقية على اندونيسيا و منطقة جنوب شرق آسيا" . بصمة ؟ نعم , إذا كان يعني نزع أظافر الناس , اختفاء المعارضين الاندونيسيين , أو إبادة ثلث شعب تيمور الشرقية , واحدة من أكبر حالات التطهير العرقي في القرن العشرين . لكن من دون شك لم يكن هذا المعنى الذي قصده هيوم .
سواء أكانت تغذية بالماء , شن حرب غير شرعية أو احتجاز مئات السجناء بدون توجيه أية تهم إليهم لسنوات في خليج غوانتانامو أو المراكز السوداء للمخابرات المركزية حول العالم , فإنني أتذكر هنا المهاتما غاندي , واحد من أعظم قادة العالم الداعين للا عنف . "أي فرق بالنسبة للميت , الأيتام و الذين فقدوا المأوى" تسأل غاندي " فيم إذا ما كان التدمير المجنون قد جرى تحت اسم الشمولية أو الاسم المقدس للحرية و الديمقراطية ؟".
تصادف أن عقدت جلسة الاستماع لموكاسي في يوم الذكرى الستين لاغتيال غاندي . و أيضا في هذا اليوم انسحب رودولف جولياني و جون ادواردز من السباق الرئاسي . في خطاب انسحابه قال ادواردز "إن ساعة تحول أمريكا تعتمد علينا " . مع تقلص عدد المرشحين في السباق فإنها لحظة ضرورية للتفكر : أحد المرشحين المتصدرين , جون ماكين , تعرض للتعذيب الفعلي ( على العكس من موكاسي , رغم أن ماكين قد دعم ترشيحه ) . توقع ماكين أنه يمكن أن نبقى في العراق لمائة سنة . و يواجه ماكين ميت رومني الذي قال أنه سيضاعف مساحة غوانتانامو . لا يدعو أي من المرشحين الديمقراطيين المتصدرين إلى السحب الفوري للقوات من العراق . نعم , إنها لحظة ضرورية للتفكر بتعاليم غاندي . عندما سئل ما هي فكرته عن الحضارة الغربية أجاب غاندي :"أعتقد أنها ستكون فكرة جيدة ".

أيمي غودمان هي مضيفة برنامج "الديمقراطية الآن !" , ساعة إخبارية تلفزيونية إذاعية يومية دولية تبث على 650 محطة في أمريكا الشمالية .

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن   www.zcommunications.org/znet/viewArticle/16393

بقلم : أيمي غودمان

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...