الاشتراكية في العقيدة الأناركية

25-05-2008

الاشتراكية في العقيدة الأناركية

1 – 1 مسألة كلمات

إن كلمة الأناركية قديمة قدم العالم . إنها مشتقة من الكلمات الإغريقية القديمة , "أن" و "آركي" , و هي تعني شيئا مثل غياب السلطة أو الحكومة . لكن لآلاف السنين كان افتراض أن الإنسان غير قادر على الاستغناء عن الآخرين مقبولا و قد فهمت الأناركية بطريقة مفعمة بالازدراء كمرادف للاضطراب و الفوضى و التشوش .
كان بيير جوزيف برودون مشهورا بسبب كلماته البارعة ( مثل "الملكية سرقة" ) و قد اختار لنفسه كلمة الأناركي . كما لو أن هدفه كان أن يسبب الصدمة بأكثر ما يستطيع , في عام 1840 أدار الحوار التالي مع "المحافظ على القديم" .
    "أنت جمهوري ."
    "جمهوري , نعم , لكن هذا لا يعني شيئا . – الجمهورية – هي "الدولة" . الملوك
    أيضا جمهوريون ."
    "آه حسنا ! أنت ديمقراطي ؟" 
    " لا ."
    "ماذا ؟ ربما كنت ملكيا ؟"
    " لا ."
    " إذا أنت دستوري ؟"
    "معاذ الله ."
    "إذا هل أنت أرستقراطي ؟"
    "على الإطلاق ."
    "أنت تريد حكومة مختلطة ؟"
    "و لا هذا ."
    "إذا ما أنت ؟"
    "أناركي ."
أحيانا قام بتقديم بعض التنازل بقيامه بلفظ أناركي على أنها "أنا-ركي" ليقطع الطريق على الأعداء . لقد فهم في هذه الكلمة كل شيء إلا الفوضى . بغض النظر عن المظاهر , فقد كان بناء أكثر منه هداما كما سنرى . لقد اعتبر أن الحكومة هي المسؤولة عن الفوضى و آمن أن مجتمعا من دون حكومة فقط يمكنه أن يستعيد النظام الطبيعي و يعيد خلق الانسجام الاجتماعي . لقد برهن أن اللغة لا تعطينا تعبيرا آخر و اختار أن يعيد إلى الكلمة القديمة الأناركي معناها الاشتقاقي الدقيق . لكنه في حرارة مناظراته استخدم أيضا كلمة أناركي بشكل عنيد و مناقض بمعناها المفعم بالازدراء عن الفوضى , جاعلا بذلك التشوش أكثر إرباكا . و تابعه مناصره ميخائيل باكونين في هذا الصدد .
دفع برودون و باكونين الأمر حتى أبعد من هذا , شاعرين بمتعة خبيثة بتلاعبهم بالتشوش الذي خلقه استخدام المعنيين المتناقضين للكلمة : بالنسبة لهما كانت الأناركية أقصى فوضى , الاضطراب الأكثر كمالا في المجتمع , و يتلو هذا التغيير الثوري العملاق , إقامة نظام جديد مستقر و عقلاني يؤسس على الحرية و التضامن .
تردد الأنصار القريبون لأبوي الأناركية في استعمال كلمة مطاطة على نحو يدعو للأسى , تحمل معنى سلبيا لغير المبتدئين , و تضفي على نفسها غموضا مزعجا في أقل الأحوال . حتى برودون أصبح أكثر حذرا في نهاية سيرته القصيرة و كان سعيدا أن يدعو نفسه "فيدراليا" . و فضل أسلافه البرجوازيون الصغار مصطلح – التشاركية – على – الأناركية – و تبنى الاتجاه الاشتراكي مصطلح – الجماعية - , الذي سرعان ما سيحل محله – الشيوعية - . في نهاية القرن في فرنسا أخذ سيباستيان فور كلمة ابتكرها جوزيف دي جاك عام 1858  ليجعلها عنوانا لجريدة , "التحرري" . اليوم تعبر لفظي "أناركي" و "تحرري" عن نفس المعنى .
إن لمعظم هذه المصطلحات عيبا أساسيا : أنها تعجز عن التعبير عن الخصائص الأساسية للعقيدة التي يفترض أن تصفها .
الأناركية مرادفة في الحقيقة للاشتراكية . الأناركي هو أساسا اشتراكي هدفه إلغاء استغلال الإنسان للإنسان . الأناركية هي فقط واحدة من اتجاهات الفكر الاشتراكي , هذا التيار الذي تهتم مكوناته الأساسية بالحرية و سرعة إلغاء الدولة . صرح أدولف فيشر , أحد شهداء شيكاغو ( 1 ) , أن "كل أناركي هو اشتراكي , لكن ليس كل اشتراكي هو أناركي بالضرورة" .
يعتبر بعض الأناركيين أنفسهم أفضل الاشتراكيين و أكثرهم منطقية , لكنهم اختاروا أيضا لقبا يرتبط بالإرهابيين , أو أنهم سمحوا للآخرين بتعليقه حول أعناقهم . هذا تسبب بأن يتم النظر إليهم خطأ على أنهم نوع من "جسم أجنبي" في الأسرة الاشتراكية و قاد إلى سلسلة طويلة من سوء الفهم و المعارك الكلامية – التي كانت عادة من دون هدف . حاول بعض الأناركيين المعاصرون أن يزيلوا سوء الفهم هذا بتبني مصطلح أكثر وضوحا : لقد وضعوا أنفسهم مع الاشتراكية أو الشيوعية التحررية .

"الأناركية" بقيم دانييل غرين -  ملاحظات

( 1 ) في عام 1883 شكلت نواة نشيطة من الاشتراكيين الثوريين جمعية أممية للعمال في الولايات المتحدة . كانوا تحت تأثير المؤتمر الأناركي الأممي الذي عقد في لندن عام 1881 , و أيضا تحت تأثير يوهان موست و هو اشتراكي ديمقراطي تحول إلى الأناركية و كان قد وصل إلى أميركا في عام 1882 . كان ألبرت بارسون و أدولف فيشر روح الجمعية و التي تولت القيادة في حركة جماهيرية ضخمة ركزت على الفوز بثماني ساعات عمل يوميا . أطلقت الحملة في سبيل هذا المطلب من قبل النقابات و فرسان العمل , و قد حدد الأول من أيار 1886 كموعد أخير ليصبح مطلب ثمانية ساعات يوم عمل نافذا . خلال النصف الأول من اليوم جرى إضراب شمل 190,000 عامل , منهم 80,000 في شيكاغو . جرت مظاهرات جماهيرية مثيرة للإعجاب في هذه المدينة في الأول من أيار و لعدة أيام تلته . البرجوازية , و قد أصابها الذعر و الخوف من هذه الموجة من العصيان , قررت أن تسحق الحركة في منشئها , مقررة اللجوء إلى تحريض دموي إذا دعت الضرورة . خلال انعقاد اجتماع في الشارع في الرابع من أيار 1885 في ساحة هايماركت ألقيت قنبلة على أرجل الشرطة بطريقة غير مفهومة موفرة الذريعة الضرورية . اعتقل ثمانية من قادة الحركة الاشتراكية التحررية و الثورية . حكم على سبعة منهم بالإعدام و شنق أربعة منهم فيما بعد ( أقدم خامس على الانتحار في زنزانته قبل تنفيذ الإعدام بيوم ) . منذ ذلك اليوم , أصبح شهداء شيكاغو – بارسون , فيشر , انجل , سبايس و لينغ - يخصون البروليتاريا العالمية و يجري إحياء الاحتفال العالمي بيوم الأول من أيار هذه الجرائم الوحشية التي ارتكبت في الولايات المتحدة .

الجمل

ترجمة : مازن كم الماز
بقلم دانييل غورين نقلا عن www.spunk.org


    
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...