الأبعاد الجيوبوليتيكية للانتخابات الروسية: الحدث والدلالة

04-03-2008

الأبعاد الجيوبوليتيكية للانتخابات الروسية: الحدث والدلالة

الجمل: برغم أهمية الحدث فإن الاهتمام بنتيجة الانتخابات الرئاسية الروسية وتداعياتها لم يتجاوز المعلومات العمومية المتعلقة بنتيجة الاقتراع وفوز المرشح الرئاسي ميدفيف المدعوم بواسطة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين.
انتهت جولة الانتخابات الرئاسية الروسية التي أجريت أول أمس 2 شباط 2008م بفوز المرشح ديميتري ميدفيديف الذي وجد التأييد المعلن والصريح بواسطة الرئيس السابق فلاديمير بوتين ونخبة الكريملين. وتمثلت أبرز ملامح الحدث الانتخابي في الأرقام الإحصائية لنتائج الانتخابات:
• حصل ديمتري ميدفيديف الذي سانده حزب روسيا المتحدة إضافة إلى أربعة أحزاب أخرى على 52.4 مليون صوت (70.23%).
• حصل غينادي زوغانوف زعيم الحزب الشيوعي الروسي على 13.2 مليون صوت (17.7%).
• حصل فلاديمير جيرنوفسكي زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي على 6.9 مليون صوت (9.3%).
• حصل أندريه بوغدانوف زعيم الحزب الديمقراطي الروسي على 0.9 مليون صوت (1.2%).
إن حصول المرشح الرئاسي ميدفيديف على أكثر من 72% من إجمالي الأصوات يعتبر مؤشراً قوياً على أن:
• الرأي العام الروسي يؤيد بشدة توجهات الرئيس السابق بوتين في مجالات السياسة الداخلية والخارجية.
• فشلت الجهود الأوروبية والأمريكية الرامية إلى إضعاف تيار بوتين وحصل أندريه بوغدانوف –الذي راهنت عليه أمريكا- على 1.2% فقط من الأصوات.
• نتيجة الانتخابات الرئاسية الروسية على أساس اعتبارات صراع خط موسكو – واشنطن هي لصالح الكريملين بنسبة 72% مقابل 1.2% لصالح البيت الأبيض.
• صوت الناخبون الروس من الناحية الظاهرية لصالح المرشح ميدفيديف ولكنهم في حقيقة الأمر أكدوا تأييدهم الكامل لتوجهات بوتين طالما أن ميدفيديف ليس له برنامج منفصل خاص به سوى تصريحه أنه سيلتزم نفس توجهات الرئيس بوتين وسيختار بوتين لمنصب رئيس الوزراء الروسي.
* من هو الرئيس الروسي الجديد ديمتري ميدفيديف؟
يعتبر ميدفيديف من أكثر العناصر السياسية ارتباطاً بالرئيس السابق بوتين، هذا وتقول الملامح العامة لسيرته الذاتية بالآتي:
• يبلغ من العمر 42 عاماً (مواليد 1966م).
• أكمل تدريبه على مزاولة مهنة المحاماة في مدينة لينينغراد (سان بطرسبرغ حالياً).
• تعرف على فلاديمير بوتين قبل 17 عاماً.
• ليس له أي خبرة في مجال المخابرات فهو لم يسبق له أن عمل في الـ «كي. جي. بي» السوفييتي ولا في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي «إف. إس. بي» الحالي.
• صعود ميدفيديف إلى الكريملين تم بعد صعود بوتين مباشرة حيث كان بوتين يعمل في الـ«كي. جي. بي» ولاحقاً اختاره الرئيس بوريس يلتسين لرئاسة جهاز المخابرات الروسية «إف. إس. بي» ثم اختاره مرة أخرى ليكون نائباً له، وبعد تولي بوتين منصب نائب الرئيس اختار ميدفيديف ليكون مديراً لمكتبه في الكريملين.
• في العام 2000م تولى ميدفيديف مدير حملة بوتين الانتخابية الرئاسية وفي تشرين الأول 2003م تم تعيينه أميناً عاماً للكريملين.
• عام 2002م تولى ميدفيديف منصب رئيس شركة غاز بروم النفطية الروسية.
• عام 2005م تولى ميدفيديف منصب نائب رئيس الوزراء الأول المسؤول عن البرامج الاجتماعية.
• لا يمكن استخدام "مؤامرة" التشكيك في النتائج الانتخابية إلا ضمن شروط أبرزها:
* أن تكون المنافسة الانتخابية قوية بين طرفين بحيث تتضمن تعبئة وحشد قوى في أوساط الرأي العام.
* أن يكون الفارق في نتيجة الانتخابات ضئيلاً بحيث يسهل التشكيك فيها.
• الرأي العام الروسي بكل قطاعاته كان واضحاً أنه يؤيد توجهات بوتين المعارضة للتوجهات الأمريكية.
تقول التوقعات بأن روسيا سوف تلجأ خلال الفترة القادمة إلى المزيد من ممارسة التحدي ضد الولايات المتحدة طالما أن القيادة الروسية الجديدة لن تختلف عن سابقتها إضافة إلى أن الرئيس السابق بوتين سيكون موجوداً وفاعلاً في عملية صنع واتخاذ القرار من خلال منصبه كرئيس للوزراء. المؤشرات الأولى للسياسات الروسية الجديدة المتشددة بدأت منذ لحظة إعلان نتيجة الانتخابات عندما ترافق قرار إعلان النتيجة بقرار الحكومة الروسية وقف إمدادات الغاز عن أوكرانيا في إشارة قوية لواشنطن والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بأن روسيا قد تلجأ لاستخدام سلاح النفط إذا تمادت أمريكا والغرب في تجاهل الموقف الروسي إزاء ملف كوسوفو وإيران وغيرهما. إن استخدام روسيا لسلاح النفط سوف يترتب عليه آثار كارثية على الاقتصاد العالمي لأن روسيا تزود الأسواق العالمية بحوالي 20% من احتياجاتها النفطية وبالتالي فإن اشتعال الحرب ضد إيران وتوقف إمدادات النفط الخليجي والإيراني ومن ثم توقف إمدادات النفط الروسي سيترتب عليه حالة ندرة غير مسبوقة في تدفقات الإمدادات النفطية. أما على الصعيد العسكري – الأمني فإن السياسة الروسية ستشهد في المرحلة القادمة المزيد من التركيز على تعزيز منظمة تعاون شنغهاي وتحويلها إلى حلف عسكري دولي لتستطيع تحقيق التوازن الاستراتيجي مع حلف الناتو الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تمويله إلى حلف دولي يتجاوز دوره الوظيفي الحدود الإقليمية. وبالنسبة للحرب الباردة التي بدأت على خط موسكو – واشنطن حول نشر شبكات الدفاع الصاروخي والقواعد العسكرية الأمريكية في شرق أوروبا، فإن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الخطوات الروسية المتشددة ضد دول شرق أوروبا السابقة التي تتحالف حالياً مع أمريكا وقد تشمل الإجراءات الروسية ممارسة الضغوط الاقتصادية والنفطية ضد هذه البلدان وهو أمر سيعرض اقتصاديات هذه البلدان إلى المزيد من الضعف وحالات الانكشاف الاقتصادي الذي لن تستطيع الولايات المتحدة توفير الدعم اللازم لتغطيته بسبب العجز والتضخم المتزايد الذي يعاني منه الاقتصاد الأمريكي حالياً.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...