من يمدّن الغناء الشعبي في سوريا؟

29-10-2009

من يمدّن الغناء الشعبي في سوريا؟

لعل البرنامج الوثائقي «حكايا وأغاني عالبال» هو من أهم البرامج التي أنتجها التلفزيون السوري، وتعيد عرضه في الآونة الأخيرة القناة الأرضية الثانية، فهو إلى جانب المتعة التي يقدمها والتي لا تفقد بريقها، من البرامج الهامة في التوثيق لأنواع الغناء الشعبي في سورية.
فبعدما لفت مقدّم «حكايا وأغاني عالبال» الشاعر والملحن سعدو الذيب الأنظار إليه ذات يوم بعدما غنى له المطرب فهد بلان أغنية «عالبال بعدك يا سهل حوران /شرشف قصب ومطرز بنيسان» ثم شكلا ثنائياً مبدعاً، عمد الذيب إلى التعريف بكل لون غنائي، وبطريقة غنائه في أكثر من منطقة، وأحياناً كثيرة كان الغوص في تفاصيل دقيقة، فها هو البرنامج يخبرنا مثلاً أن الغناء السويحلي الدارج في منطقة وادي الفرات غيره في جنوب سوريا إذ يتبدل اللحن قليلاً، حتى أن النساء لهن طريقة تختلف عن طريقة غناء الرجال لهذا اللون ومنه أغنية «يا برداين يا بردانة» التي هي أصل لحن الأغنية الدينية «يا طيبة» والتي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة. فهد بلان (اليمين) وسعود الذيب في صورة من الأرشيف
تغتني حلقات البرنامج بمشاركة فرقة غنائية من هذه المدينة أو تلك، ويتم اختيار الفرق التي لا تزال تعنى بتقديم التراث، فضلاً عن مشاركة بعض فرق الرقص والدبكة التي تقدم ألواناً من فنونها بالمشاركة مع بعض ألوان الغناء الشعبي.
وتكمن أهمية هذا البرنامج ليس في توثيق مادته الغنية التي يقدّمها وحسب، بل فيما يمكن الاستفادة منها أيضاً في ما بعد لو توافرت لها ورشات عمل موسيقية تقيمها هيئات علمية بإشراف ملحنين وأساتذة متخصصين لتمدين ما يستطاع من ذلك الغناء، على غرار حركة تمدين الغناء الريفي لبلاد الشام التي تمت في البدء على ايدي الموسيقيين صبري الشريف وحليم الرومي في إذاعة «الشرق الأدنى» في يافا أوائل الأربعينيات، قبل أن يعودا ويكملا مشروعهما بعد نكبة 1948 في لبنان، بحسب الباحث د. فيكتور سحاب، علماً بان التمدين شارك فيه مبدعون أخرون (من لبنان زكي ناصيف، الأخوان رحباني، عفيف رضوان، فيلمون وهبي، ومن سورية الموسيقي محمد محسن). والتمدين بحسب سحاب هو «تحسين تقديم الموسيقى الريفية عن الطريقة التي تقدم فيها في الريف، غناء وعزفاً» فتقدم من خلال فرقة موسيقية عربية كبيرة وبشكل منسق ومدرب «عزفاً وصوتاً»، أي ان هذه الحركة نقلت الغناء من الريف إلى المدينة وصار جزءاً من الوجدان الموسيقي لسكان المدن العربية. وبما أن للإذاعة السورية دورا في تلك الحركة فما الذي يمنعها من أن تستعيد هي هذا الدور؟ فما يختزنه الغناء الشعبي في سوريا لم يستثمر كاملاً في حركة التمدين التي ستحمي الغناء الشعبي من الضياع وتبلور تغني هوية الأغنية السورية بشكل أفضل.

يعرض عند الرابعة يوم الخميس وعند الساعة الثالثة والربع يوم الثلاثاء

نضال بشارة

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...