مشفى المواساة.. ضغط النزلاء يفوق الامكانات

01-06-2008

مشفى المواساة.. ضغط النزلاء يفوق الامكانات

لا أحد منا ينكر الخدمات الجليلة التي قدمها ولايزال مشفى المواساة اذ يستقبل المرضى من كل المحافظات واحياناً مرضى محولين من مشافي دمشق نفسها ،وهو ان دل على شئ فهو يدل على الثقة التي نالها المشفى والكادر الطبي المؤهل وحداثة الاجهزة، والاهم من ذلك كله مجانية العلاج ماجعله مقصداً لكل شاك وفقير علماً أن المشفى اكاديمي وتعليمي بالدرجة الاولى إلا أن الوجه الابرز له الآن هو الخدمي. ‏

اليوم الكادر الطبي والتمريضي والعاملون يستغيثون فعلى الرغم من العمل المتواصل والجهود والجبارة فإن الضغط الكبير ينعكس سلباً على نوعية الخدمة المقدمة للمرضى. ‏

بدوره د. سمير العنزاوي مدير عام مشفى المواساة أكد أن قسم الاسعاف في مشفى المواساة من أهم الاقسام نظرا لخصوصيته وكونه وحدة متكاملة تضم قسم الاسعاف المركزي والعمليات والاسعاف الرابع ويستقبل كافة المرضى دون استثناء على اختلاف امراضهم، ونظراً لكونه مجهزاً بشكل جيد فالمريض يشخّص ويعالج في نفس القسم دون تحويله الى أقسام اخرى كما هو الحال في باقي المشافي ولكون العلاج مجاناً فالقسم يتحمل عبئاً إضافياً. ‏

ويضيف: لاحظنا في السنوات الاخيرة وبشكل لافت للانتباه ان معظم المرضى يحوّلون من المحافظات الاخرى والمشافي الخاصة وخاصة المرضى ذوي الخطورة العالية والمجرى لهم عدد من العمليات ولديهم اختلاطات ، أوهم بحاجة لعلاج لفترة طويلة او تغذية وريدية وهذا يتطلب برأيه جهداً جباراً من كافة العاملين في القسم نظراً لما يحتاجونه من عناية فائقة ومتابعة وجهد مضن يفوق الطاقة. 
 ‏ ويتابع: بعض المرضى يحتاجون لبقائهم في المشفى لاشهر وخاصة مرضى (النواسير البرازية والأورام المختلطة والرضوض ..) لذلك فإن نسبة كبيرة من المرضى يحولون الى المواساة بعد أن رفضت كثير من المشافي استقبالهم لخطورة حالتهم الصحية والتكلفة العالية وخاصة اللذين يحتاجون تعذية وريدية، فعلى سبيل المثال يحتاج المريض الموضوع على التغذية الوريدية حوالي/4000/ ل.س يومياً ثمناً للتغذية ماعدا الادوية المضادة للالتهاب، وهناك ادوية ثمنها الآلاف ويحتاجها المريض لفترة طويلة وهذا يشكل عبئاً مادياً وخدمياً وطبياً كبيراً على المشفى. ‏

وطلب العنزاوي من الاطباء اللذين يحولون المرضى بتزويد المشفى بكل المعلومات المتعلقة بحالة المريض وان يكون المريض وذووه متعاونين قدر الامكان لتقديم الخدمات الصحية المرجوة مبيناً ان الاسعاف الرابع يضم حوالي /70/ سريراً وهذا عدد كبير يحتاج لكوادر طبية متدربة، وامكانات هائلة خاصة ان معظم المرضى مصابون بآفات تحتاج لعلاج لفترات طويلة. ‏

ونوّه: ان الضغط الكبير على المشفى لتخديم المرضى المحالين من المحافظات الاخرى ينعكس سلباً على الخدمة الطبية اضافة للآثار السلبية التي تعود على المرضى وذويهم نتيجة تحملهم عناء السفر وكلفة التنقل والمبيت لمرافقيهم خلال فترة استشفاء مريضهم والتي قد تطول احياناً لاكثر من شهر مايضطر بعض المرافقين للمبيت مع مرضاهم بشكل غير نظامي. ‏

واقترح العنزاوي ضرورة تنظيم الخارطة الصحية لتوزيع المشافي بشكل يغطي كل المناطق والمحافظات وان تكون مشافي المحافظات مؤهلة بكل الاختصاصات والكوادر الطبية وكل التجهيزات التي يتطلبها العمل الطبي وتشجيع الاطباء والكادر الطبي للعمل في مشافي المحافظات وبتخصيص حوافز مادية تغطي عبء العمل الذي يقع على عاتقهم. ‏

مشيراً أن نسبة التحويلات التي تأتي من خارج نطاق المشفى تتجاوز الـ 50% والاسعاف دوماً في حالة استنفار على مدار الـ 24 ساعة. ‏

- عزيزة فاضل مديرة التمريض رافقتنا خلال جولتنا في اروقة المشفى وأقسامه وبدأت تتحدث عن معاناتها مع مرافقي المريض وذويه فهي تعتبر أن واجب كادر التمريض تقديم الاهتمام والرعاية والراحة للمريض لكن ذويه غير متعاونين فلا أحد منهم يتقيد بقواعد وانظمة المشفى واحيانا يكون مع المريض اكثر من /10 مرافقين واحيانا المرافق يقاسم المريض سريره، وفي وقت الزيارة يتجمع الاقرباء والجيران وابناء الحي يفترشون الارض ويتناولون الطعام اضافة لرميهم القمامة والمخلفات كما أن دورات المياه بحاجة لصيانة مستمرة بسبب الضغط على هذه المرافق من المرضى ومن معهم. 
 - ‏ اضافة الى الازدحام الكبير على الاسرّة حيث نضطر احياناً لوضع اسرة في الكريدورات ويكون في الغرفة الواحدة احياناً 191 أسرة موجودة بشكل عشوائي. وتضيف: نحن لانتذمر من واجبنا وعملنا لكن الضغط الهائل من المرضى القادمين من المحافظات لم يعد يطاق وعندما تحاول احدى الممرضات ان تخرج المرافقين حرصاً على راحة المريض ونظام المشفى فإن جزاءنا سيكون بالتطاول علينا في الكلام والقول بأن هذا مشفى عام، وحق مكتسب ومشروع لهم الدخول اليه في الوقت الذي يريدونه.. موضحة ان هناك مرضى يأتون من دير الزور لاجراء تنظير ..متسائلة: هل مشافي دير الزور كلها عاجزة عن اجراء تنظير لمريض وهناك مشاف ضمن مدينة دمشق تحوّل المرضى لاجراء طبقي محوري وهناك مواعيد للشهر القادم لاجراء طبقي محوري بسبب الضغط الكبير. ‏

وروت لنا فاضل قصة رجل مسن يتردد ومنذ حوالي سنة الى المشفى يحضره احياناً أقرباؤه واحيانا تراه شرطة المرور فيطلب منهم احضاره الى المشفى فيوضع في قسم الاسعاف المركزي يعاينه الاطباء، وخلال هذه الفترة يهتم العاملون بنظافته وطعامه ولكن لا احد من اقربائه يسأل عنه فنضطر للاتصال بالشرطة لاخذه أو إرسال موظف القبول ليرافقه لمكان سكنه غير أنه يعاود المجيء بين فترة واخرى وهو لايشكي من اي مرض إلا أنه بحاجة لمن يهتم به. ‏

وتضيف: نحن مشفى حكومي ولسنا مأوى للعجزة وأوضحت فاضل ان عمر الاجهزة في المشفى قد استهلك اذ يخضع يومياً لجهاز تخطيط القلب حوالي/200/ مريض.. مايقوم به خلال/ 6/ أشهر طبيب في عيادته وان فاتورة الادوية لمشفى المواساة هي الاعلى من بين كل المشافي. ‏

- في قسم الاسعاف التقينا أحد المرافقين لمريضة حُوّلت من مشفى البيروني الى المواساة بعد أن خضعت لعلاجها الكيماوي ولم يعد ينفع معها سوى المسكنات حسب رأي الطبيب الذي كان بجانبها. ومريضة أخرى شخّصوا لها في الرقة التهاب كولون وتشنج عصبي وأعطيت أدوية مسكنة لم تُجْد معها نفعاً فنصحها أطباء في مشفى الرقة بالمجيء لمشفى المواساة ليتمكنوا من تشخيص حالتها بشكل صحيح. ‏

- وفي احدى الغرف كان تجمع العشرات حول سرير أحد المرضى وعرفنا من خلال الطبيب د. أمجد السعيد أنه كان يعاني من ديسك تشظي يأتي فجأة ويضغط على النخاع الشوكي، وقد أجريت له جراحة في مشفى ادلب الوطني تعرض بعدها لاختلاطات، وهو الآن يعاني من نقص تروية حاد بسبب تخثر شرياني، وارسلوه الى مشفى المواساة لبتر قدمه. ‏

المريض كان بحالة عصبية يرثى لها فهو حزين على أولاده العشرة ومن سيعيلهم قبل حزنه على نفسه. ‏

يقول: إنه أحس بألم في قدمه فذهب للمشفى الوطني بادلب.. أجرى مجموعة من التحاليل وعندما طلب نتيجتها قالوا له: إنها ضائعة وعليه أن يجري غيرها وعندما ذهب لبيته ازداد الوجع وأسُعف على إثرها وطلب منه إجراء رنين مغناطيسي، فتبين أنه بحاجة لعملية ديسك علماً أن ظهره لم يكن يؤلمه على حد قوله وأن الالم عاوده بعد العمل الجراحي فقالوا له: إنه يعاني من خثرة في القدم ويجب أن تبتر قدمه وهنا تساءل د. العنزاوي: لماذا حولوه لمشفى المواساة طالما أن المريض مريضهم والاختلاط حدث عندهم؟ هل يريدون أن يحدثوا ضجة بأن مشفى المواساة بتر قدماً لأحد المرضى ويشوهوا سمعتنا. ‏

- أسئلة صغيرة تفتح ملفات كبيرة.. لماذا يتحمل المريض وذووه عناء السفر ونفقاته حاملاً وجعه ليسلّم نفسه وهو مطمئن للمشافي الحكومية في العاصمة ولا يثق بمشافي محافظته مهما كان وجعه بسيطاً؟ ‏

من المؤكد أنه أمام أعينه أمثلة حية للاستهتار والإهمال. ‏

وإذا كانت تلك المشافي تفتقر للأجهزة الحديثة فمن المسؤول عن ذلك وعن وقوف مئات المرضى من كل المحافظات أمام مشافي العاصمة.

منال صافي

المصدر: تشرين ‏

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...