سن الزواج في عُمان يرتفع وحملة تشجع على التعدد

08-04-2008

سن الزواج في عُمان يرتفع وحملة تشجع على التعدد

قبل أن يتم سعيد راشد العشرين من عمره، وهو الآن في الأربعين، أصر والده على أن يتزوج قريبته. بدا الأمر طبيعياً في أواخر ثمانينات القرن الماضي، على رغم أن ابنة العم لم تتجاوز الخامسة عشرة. هكذا رأى سعيد نفسه فتى متزوجاً كما أرادت المشيئة الأبوية. وكانت مخاوف الأهل تلاحقه بقلق وإصرار وقد تأخر عن الزواج، فكيف لمن بلغ العشرين أن يبقى من دون «حرمة»؟! كان طموح الأهل في السابق أن يتم الزواج فور بلوغ الفتى. هكذا كانت أحلام كل جيل للذي سيأتي بعده. توريثه المسؤولية، والزج به في أتون التجربة ليطمئن الكبار الى أن صغارهم أجادوا الطيران، من دون مخاوف السقوط.

لكن رياح التغيير لا بد من أن تهب. فاليوم ينظر سعيد إلى ابنته طالبة الثانوية العامة على أنها صغيرة، صغيرة جداً على الزواج، على رغم أن أمها كانت انجبت طفلين حين بلغت عمرها.

تغير الزمن، ولم يعد سن الزواج كما كان قبل عشر سنوات ولم تعد الفتاة عانساً حين تناهز الثامنة عشرة من دون زواج، وإذا وصل الشاب الى 35 سنة ولم يتزوج يبقى الأمر عادياً جداً.

في ذلك الزمن كان يكتفي الشاب باختيار إحدى غرف المنزل لتكون عش الزوجية، فيها يكون زفافه ووصول البنين والبنات. الغرفة التي بجانب غرفة العريسين يسكنها الأخ الأكبر مع أولاده، الغرفة الأخرى تنتظر الأخ الأصغر ليبدأ فيها رحلة الزواج والانجاب، وحائط البيت يتسع لعشرات الأرواح تموج بالحياة كل يوم.

أما اليوم فالغرفة لم تعد كافية، كما أن الراتب يتحمل معاناة كبيرة لتأمين إيجار بيت أو حتى شقة، من هنا حرص الشاب على اختيار موظفة تحمل معه العبء، على رغم أن الكثيرين يتذمرون. فالزوجة العاملة يلزمها سيارة تنقلها إلى العمل، وشغالة تبقى في البيت لترعى الأطفال، ومصاريف لا تنتهي لتكون في أفضل حلة أمام زميلاتها.

أما السبب الذي يبدو مسكوتاً عنه فهو انفتاح المجتمع على علاقات بين الجنسين بحيث لا يحتاج الشاب إلى الدخول في التزامات الزواج لاكتشاف النصف الآخر للمجتمع. فالعلاقات الممكنة مع الجنس الآخر تتيح الدخول في عالم المرأة مع إمكانية الانسحاب عندما يضجر الطرفان من لعبة الشد والجذب.

وعلى رغم أن إحصائيات الجهات الحكومية لا تدعو للقلق من شبح العنوسة، يؤكد واقع المجتمع أن تأخر الزواج لدى الرجل يساهم في شكل كبير في ارتفاع نسبة «العنوسة» بين الفتيات في المجتمع العماني. ولا بد من الإشارة في هذا الإطار إلى أن القانون في السلطنة يمنع العمانيين من الزواج بأجنبيات مع استثناء دول المجلس التعاون الخليجي. وثمة تساهل في بعض الحالات... الزواج من هنديات لكبار السن ومن مغربيات لفئة الشباب.

وقبل سنوات قليلة كانت المعلمة هدفاً استراتيجياً للشباب، لكنها عادت ودخلت تحت مظلة التردد حيالها. فالظروف المستجدة لم تعد تفرق بين المعلمة وغيرها من النساء العاملات اللاتي فرض عليهن تأخر الرجل في الرغبة بالزواج واقعاً جديداً خصوصاً أنه هو صاحب المبادرة.

وفيما يمسك الشاب بقرار الارتباط من دون مخاوف من عدم الموافقة عليه لأنه تخطى الاربعين، فان الشابة لا تتخيل نفسها على عتبة هذا العمر وهي على «ذمة العزوبية».

ويعمل هذا القلق على نشوء مضاعفات اجتماعية خطرة منها الدخول في علاقات مفتوحة وبذل الغالي والرخيص لإرضاء الشاب أملاً بإقناعه بالتقدم لطلب يدها، ثم تجد الفتاة نفسها خارج دائرة اختياراته حينما يرغب بالارتباط.

ورفع بعض رجال الدين قبل سنوات شعار «محاربة العنوسة»، فحضوا الشباب على الزواج بأكثر من واحدة. ولبت المتدينات النداء الديني، فإن كانت زوجة رضيت أن تقاسمها امرأة جديدة بيت الزوجية لتكون لها أختاً في الإسلام. وإن كانت عزباء لم تشترط بيتاً منفصلاً لتصبح ضرة ثانية أو ثالثة. وركزت حملة مكافحة العنوسة على المعلمات باعتبارهن الهدف الأمثل. فالوظيفة لا اختلاط فيها ولا مناوبات ليلية، وراتبها جيد. وقبلت كثيرات لأن الزواج والستر أفضل من شبح العنوسة وفتنته.

والناظر إلى المجتمع العماني يرى وكأن عدد النساء أكبر من الرجال. وهذا يبرره واقع المساواة والانفتاح في المجتمع، إذ أن المرأة العمانية حاضرة في جميع مواقع العمل. وتجد العشرات منهن في أي محل من المحلات التجارية الكبرى، ووفرت لهن جهود الحكومة لفرض نسبة «تعمين» على الشركات والمؤسسات، فرص عمل لا يقنع بها الشاب، فالفتاة تجد في فرصة الخروج من البيت ونيل أجر ولو بسيط أمراً مقبولاً لا يقنع به الشاب المحتاج إلى سيارة وبيت ولوازم حياتية أخرى تؤهله للزواج، والإنفاق على عائلته المحتاجة إلى كل ريال من راتبه.

ولا ينظر الشاب العماني بقلق إلى تأخر سن الزواج بعكس الفتاة التي تراه كارثياً، ومن لا تجد فرصة عمل تشعر بمرارتين: البطالة... والعنوسة!

محمد سيف الرحبي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...