دفن قتلى البارد بين تشفي الشامتين وصمت المتعاطفين

06-10-2007

دفن قتلى البارد بين تشفي الشامتين وصمت المتعاطفين

أغلب ما في لبنان فولكلوريّ حتى في الشؤون المأساوية الطابع. الأجهزة الأمنية اللبنانية أعلنت عن دفن بقايا جثث عناصر فتح الإسلام التي كانت ما تزال متكدّسة في ثلاجة المستشفى الحكومي في مقبرة القبة بطرابلس.

وقد أعدّت لائحة منذ بدء الأحداث في العشرين من مايو/ أيار الماضي، وكانت تضيف عليها الجثث الجديدة حتى استقرّ العدد النهائي على 119.

غير أن ما أعلنته الأجهزة الأمنية يشير إلى نيّة بدفن 98 جثة قال المعنيون الأمنيون إنها تعود لمن لم يتقدّم أحد للتعرّف عليها. كما أنّ هناك جثّتين لن يتمّ دفنهما وهي تعود للسوريين محيي الدين عبدو( أبو يزن) الذي قتل في مبنى شارع المئتين بطرابلس ليل 19-20 مايو/ أيار الماضي، وشريف النشار.

ولم يوضح المسؤولون الأمنيون السبب في الاحتفاظ بجثتيهما في المستشفى الحكومي في بعبدا. أمّا التسع عشرة جثة الباقية فقد تسلمّها ذووها وجلّها للبنانيين وفلسطينيين، بحسب قائد الموقع العقيد بسام الأيوبي.

وبين الجثث واحدة مجهولة لمن اشتبه بأنه قائد فتح الإسلام شاكر العبسي بعد انتهاء معارك مخيّم النهر البارد.

وضعت خارطة تحدّد موقع كلّ جثة في المقبرة، وأعطيت كلّ منها رقما تحتفظ السلطات به مرفقا  بفحص حمضها النووي. كلّ الأمور على الورق مرتّبة باتقان.

وعند الواحدة بعد ظهر أمس الخميس، بدأت فرقة من عمال البلدية بإقامة خمسة صفوف من الخفان يتسّع كلّ منها لعشرين نعشا.

وصلت الساعة إلى الثالثة، وبقي على العمال الكثير للإنجاز. يحضر الشيخ إبراهيم الترك المكلّف من دار الأوقاف الإسلاميّة بتأدية الصلاة على الجثث. يقول للأمنيين بأنّ الوقت داهم، والعمل لن ينتهي مع لحظة الفطور.

ويعلّق ردّا على تساؤل البعض "واجبنا كمسلمين دفن الميت إكراما لإنسانيته. أما الفكر المتطرّف فله نقاش طويل. هناك الفعل وردّ الفعل. هناك القهر والتمييز، والفقر والإهمال والتحدّي. الفكر المتطرّف يوصف لهؤلاء الناس، أما إسرائيل بلد الحرب والإجرام، فلا تتحدّث دول العالم عنها".

تشارف الساعة على الرابعة والنصف، فيصل البرّاد حاملا النعوش. كم عددها في هذا البراد؟ ألم تبق أيّ منها في المستشفى الحكومي؟ يردّ الدركي ممازحا "أحضرناها كلها، وهربت واحدة نحاول إعادتها".

عند الخامسة، وموعد الفطور داهم، ينقل جيب رباعي الدفع عددا من العمال لتسريع الخطى. وينتهي إفراغ البراد من النعوش، ويجري ترتيبها على الأرض، فإذا هي 94 نعشا فقط أرقامها غير متتابعة.

عنصر أمنيّ يوضح "لدينا هنا 92 جثة في النعوش، ونعشان يحتويان على بقايا بشريّة". وأين الأربع جثث الباقية أيها النقيب؟ لا أحد يملك الجواب. كأن الهاربين بلغوا الأربعة.

ويمضي العمل بعشوائية. ينزلق نعش من أيدي العمال، فينكسر. يعلّق هازئا فتى من الجمهور المتجمّع "كأنها علب إعاشة". ويعلّق رفيق له "أعتقد أن شاكر العبسي يتفرّج الآن على العملية عبر التلفزيون".

المعلّقون على العمليّة كانوا من الشامتين "هذا مصير يستحقونه", "أيّة آخرة لهم!". "أشمت بهم لما سببوه للبلد من خراب". أما المؤيدون فبطبيعة الحال غابوا عن التعليق.   

نقولا طعمة

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...