قصص نساء اقتحمن الأعمال «الذكورية»
خلال العقود الأخيرة اقتحمت المرأة في الدول الغربية مهناً كانت يوماً ما حكراً على الرجل.
تتذكر أوتا فيناند، وهي تدخل كابينة قطار الأنفاق إيذاناً بانطلاق عملها اليومي، كيف أن والدها لم يتقبل فكرة عملها كسائقة في وسائل النقل العام. وتعمل فيناند (50 عاماً) كسائقة قطارات أنفاق في مدينة بون في غربي ألمانيا منذ 17 عاماً.
ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى ماريون بوهن (48 عاماً)، التي كانت من أولى سائقات الحافلات في مدينة بون. وتقول إنها اعتادت دائماً على اقتحام «مجالات عمل الرجال» فقد التحقت بتدريب مهني في ميكانيك السيارات، ولكنها لاحظت أن المرأة العاملة في هذا المجال تحصل على أقل مما يحصل عليه الرجل. لذلك قررت البحث عن عمل جديد، وكانت واحدة ضمن خمس نساء تقدّمنَ لاختبارات العمل كسائقات حافلات منذ 25 عاماً. وتضيف «كنا وقتها خمس نساء بين أكثر من 500 رجل».
ولا تشعر السائقتان بالخوف عند العمل ليلاً بل على العكس، إذ تقول بوهن «ألاحظ أن الرجال يتعاملون بطريقة مختلفة عند مواجهة امرأة، فهم يتحكمون في أعصابهم حتى في أصعب المواقف ويحاولون دائماً استخدام النبرة الهادئة». الأمر الذي توافق عليه الشرطية الألمانية ناتالي لومبه، التي اعتبرت أنه حتى الرجال الذين يرتكبون مخالفات قانونية يحاولون السيطرة على أعصابهم عندما يجدون امرأة تقف أمامهم.
وتقول لومبه (29 عاماً)، التي بدأت العمل كشرطية منذ حوالي عشرة أعوام، إن «رد فعل مرتكبي المخالفات يصبح أهدأ بمجرد رؤية شرطية».
ولا تنكر الشرطية الشابة الخطر الذي يتعين عليها التعامل معه، موضحة «المرة الوحيدة التي شعرت فيها بالخوف الحقيقي كان أثناء تأميني لتظاهرة. كان عددنا قليلاً نسبياً فيما تزايد عدد المتظاهرين الذين بدأوا بدفعنا، وأحسست أني مضغوطة بينهم وبين السيارات، ولا أستطيع الحركة». وترى لومبه أن وجود النساء مسألة حتمية في الشرطة، مشيرة إلى أن بعض المواقف يمكن حلها بشكل أسهل عند وجود المرأة التي تتعامل مع المشكلات من وجهة نظر أنثوية.
وتعمل النساء بشكل واضح في الشرطة الألمانية منذ العام 1987، باستثناء وحدة مكافحة الإرهاب، حيث يعتبر المتحدث باسم إدارة الشرطة في سانت أوغوستين ينز فلورن أن العمل في هذه الوحدة تحديداً يتطلب صفات جسمانية معينة وتدريبات شاقة، لذلك فمن الصعب على النساء النجاح فيه.
أما في العالم العربي فعادة ما تهتم وسائل الإعلام المختلفة بالتجارب النسائية التي تحاول اقتحام «مهن الرجال»، كما حدث مع أول سائقة سيارة أجرة في مصر، أو أول شابة تعمل كسائقة قطار أنفاق في دبي، أو المرأة العراقية التي قررت قيادة حافلة نقل ركاب خاصة. لكن هل من الممكن أن تتحوّل هذه المهن في الدول العربية مستقبلاً إلى مسألة طبيعية لا تثير الاهتمام والنظرات المتسائلة؟
(عن «دويتشيه فيلله»)
إضافة تعليق جديد