حمى عيد الحب في حلب تصيب حتى محلات البوظة

14-02-2007

حمى عيد الحب في حلب تصيب حتى محلات البوظة

الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب:  خلال سنوات قليلة تحول عيد الفالانتين إلى مناسبة اجتماعية فرضت نفسها في المجتمع السوري ، وهي إن اقتصرت في البداية على فئة الشباب ،إلا أنها اقتحمت الحياة الزوجية لكثير من الأزواج التقليديين، وباتت هدية الفالانتين واجبا ومناسبة لا يدعها جيل الشباب تمضي هكذا، فيسعى للاستفادة القصوى منها، ولعل الطرفة التي تتحدث عن تلك الفتاة التي سألت البائع هل لديك  بطاقات معايدة  مكتوب عليها إلى حبيبي الوحيد، فأجابها نعم  فقالت إذن أعطني خمسة بطاقات ، تتحول في هذا اليوم إلى حقيقة ، وفعل يمارسه عدد من كبير من الشبان، و الشابات ، فقد أصبحت المناسبة فرصة سانحة لإبداء الإعجاب و لفت الانتباه .
وموسماً مهماً لمحلات بيع الهدايا و المكتبات ، حتى أن الموسم اجتذب غير المختصين فبتنا نرى محال الخلوي تعرض الهدايا ووصل الأمر  بمحل لبيع البوظة والمعجنات  إلى عرض هدايا عيد الحب . 
وفي شباط الشهر البارد نسبياً يصبح الإقبال على شراء الورود، وبالأخص الحمراء منها في ذروته، ما يرفع ثمن الوردة الجوري إلى 200 ليرة ، في حين أن سعرها في الأيام العادية لا يتجاوز الـثلاثين ليرة ،  ويوم العيد فإن الحصول على واحدة يصبح ضرباً من المستحيل .
طرف كثيرة يرويها البائعون عن شبان وفتيات يشترون عدداً كبير من البطاقات والهدايا، وعن فتيات وشبان يشترون الهدية ثم بعد وضعها في الكيس الأحمر يطلبون كيساً أسوداً لاخفاء  الهدية .
 تتركز محلات تنسيق الزهور عند دوار التليفون الهوائي في حي السليمانية ، 
" عبد الغني كالو "  ينسق زهور محله، وبضاعته الجديدة  كمية الورد الجوري التي أوصى عليها ليوم 13 شباط كبيرة جداً 500 وردة ، سعر الواحدة 70 ليرة ، يتوقع أن يتراوح سعر المبيع لها بن 150 – 200 ليرة حسب السوق !
يصف عبد الغين عيد الحب بأنه هوس  جديد وافد علينا أحد زبائنه متعدد الصداقات مثنى وثلاث و رباع ...و عشار !
يوصي على ما يقل عن عشر هدايا وعلى أربعين وردة !

قصة الفالانتين

قبل تعميم هذا العيد المعولم في بلادنا ، تميز اليساريون بالاحتفال بيوم المرأة العالمي الذي يوافق 8 آذار عيداً مكرساً لللأنوثة ،  كان إهداء الورد فيه هو المظهر المادي الوحيد، ما يزال الاحتفال بعيد المرأة قائماً عند نفس الفئة ، التي تراجعت كثيراً عما كانت عليه في الثمانينيات ، أما الفلانتاين فجذوره قديمة ومرتبطة بالمسيحية ، يروى أن الإمبراطور الروماني كلاوديوس الذي حكم روما في القرن الثالث الميلادي وكان يشكو عزوف الرجال عن الالتحاق بجيوشه ، وعلل ذلك بتعلقهم بزوجاتهم وأسرهم ، فعمد إلى منع الجنود  من الزواج  وأصدر قانوناً منع فيه الزواج عليهم  !!
 لكن فالانتيان الذي اعتنق المسيحية كان يعقد قران الشبان بالسر ، فوصل أمره إلى الإمبراطور الذي أمر بالقبض عليه وسجنه في العام 269، وفي الحكاية أن ابنة السجان وقعت في غرامه  بعد أن شفاها  بكرامة من أحد الأمراض, وقبل إعدامه الذي خير بينه وبين ترك المسيحية  كتب رسالة إلى عشيقته ذيلها بتوقيعه   From your Valentine     الذي ما يزال مستخدما في بطاقات المعايدة حتى اليوم ،وكان ذلك يوم 14 شباط.
اليوم اختلف الأمر فللعشاق عيدهم الذي طغى حتى لدى أوساط اليساريين أنفسهم على عيد المرأة ، تتحول فيه محلات الهدايا إلى اللون الأحمر لعدة أيام ، ولا يقتصر هذا على شريحة اجتماعية بعينها بل بات يشمل كل المجتمع، وفي الأيام التي تسبقه يصبح الحديث عن هدية الفالانتين مدخلاً للحديث بين الشبان ماذا ستهدي حبيبك في العيد ؟؟
في يوم العيد تفضح الأكياس الحمراء العشاق ،ويكفي أن ينظر المرء إلى الطلاب والطالبات خلال عودتهن من المدارس ليجد نصفهن على الأقل يحملون أكياساً حمراء محملة بالهدايا
يوم 14 شباط يصبح تغيب الفتاة عن المنزل لساعة واحدة مثار شك عند الأهل ، وتتحول الحدائق والكافتيريات، وأرصفة المدارس إلى ملتقى لتبادل الهدايا،
 في العيد الماضي لم تتمكن سميرة من الحصول على إذن من والدتها لساعتين فقط للقاء صديقها عبد "القادر " لكن الهاتف الجوال الذي تقتنيه طالبة الثانوية كان كفيلاً بحل المشكلة ،فقد أخبرته باستحالة الأمر، فوجب عليه ملاقاتها عند انصرافها من المدرسة ، سميرة كانت حريصة على سرية الموضوع لذلك أحضرت معها كيساً عادياً ، وسارعت إلى نزع ورق التغليف الزاهي، والذي يحمل بطاقة الإهداء الموقعة باسم صديقها عن الهدية على عجل، واحتفظت به مطوياً في كتابها المدرسي ووضعت الدبدوب الأبيض في الكيس ،ودست علبة العطر في جيب بنطا لها عند لقائهما في شارع خلفي بعد خروجها من المدرسة .
في هذا العام وعدت سميرة صديقها بأنها ستتغيب عن المدرسة في هذا اليوم لتمضية الساعات الخمس معه في كافتيريا .
"مكتبة بيت لحم" في شارع النيال ، تحولت إلى اللون الأحمر، وطغت الهدايا على القرطاسية ،"أبو صلاح "  انتهي قبل خمسة أيام من التجهيز للعيد،  وأوقف عمل آلة التصوير التي تعطله عن التفرغ التام لزبائن العيد يقول أبو صلاح " في كل عام موضة جديدة وزبائن جدد ينضمون للقافلة، وأسعار أعلى ، العادات الاستهلاكية تترسخ ، الزبائن من كل الأعمار وإن كان المراهقون والشبان هم النسبة الغالبة ، في هذين اليومين نبيع ربع مبيع السنة كلها ، الأسعار مرتفعة جداً قياساً بالتكلفة أي شيء لونه احمر يزيد سعره ولو كان قطعة قماش ، إنها حمى اللون الأحمر ، لكن الناس بدأوا يعون الأمر أكثر فهم يركزون اليوم على شراء ما يمكن أن يتحول إلى صمدية في البيت كاللامباديرات والمزهريات و الحناتير ، لقد تراجعت الدببة و غيرها لصالح ما يمكن أن يشكل صمدية تزين البيت  "
" منى " تحتفل منذ سنوات قليلة بعيد الحب مع زوجها، تقول أنه في مخيم النيرب لم يكن هنالك مظاهر احتفال بهذا العيد قبل خمس سنوات ، وكان مقتصراً على فئة قليلة لكن اليوم أصبح الجميع تقريباً يحتفلون به "
العولمة فرضت هذه الاحتفالية على أربع جهات الأرض ،
في السويقة، وهي إحدى أسواق "المدينة" في حلب ،حيث محال هدايا الجملة تتكدس البضائع بشكل لافت ، البيع في هذه الأيام يعادل السنة كلها ، وهي فرصة لتصريف ما كسد ، وفي كل موسم تظهر موضة جديدة ، لكن تبقى الدببة  هي هدية العيد الأولى للفتيات ،  والعطور والساعات  هي الهدية الأولى للشبان ، "محمد بادنجكي" شاب  يعمل في محل للبيع بالجملة يقول " كل سنة يتوسع حجم السوق ، لدينا زبائن من الأرياف البعيدة حتى ، يتزايدون عاماً بعد عام ،و في كل عام هنالك موديلات جديدة "  
 سناء تفرغ خزانتها من هدايا العام الماضي استعداداً للعيد تتوقع أن تأتيها هدايا كثيرة من صديقاتها وأصدقاءها على حد سواء، هي تحفظ صاحب أو صاحبة كل هدية أهديت إليها، شراء هدايا جديدة  سيكلفها مبلغاً طائلاً  لذلك تستفيد من هدايا العيد الماضي لأداء الواجب وما عليها سوى  التبديل " ريم " أهدتها دبدوب  باندا سيكون من نصيب " فاتن "
و"سامر"  أهداها زجاجة عطر لم تستخدمها ستغلفها مجدداً وتذيل بطاقة معايدة عليها باسم " فاطمة " 
المشكلة ستكون في هدايا زملائها الشبان لا بد من الدفع ، وستحاول ألا تنفق أكثر من 1500 ليرة !   
شباط موسم العشق عند القطط أيضاً فليس الشبان فقط هم الذين ينتشرون في الشوارع بل تشاركهم القطط في هذه الأيام التي تتميز بحيويتها الطبيعية التي لم تتلوث بحمى الاستهلاك المادي . 


الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...