حراك دولي يوازي «جمود» ميدان إدلب: بيدرسن يعوّل على «مجموعة عمل» دولية مشتركة
تواصلت الاشتباكات على جبهات ريف حماة الشمالي برغم «الجمود» الذي أفرزته «الهدنة» المفترضة هناك، وسط غياب التصريحات الروسية والتركية في هذا الشأن. ولم تَسلم نقاط المراقبة التركية المنتشرة على أطراف منطقة «خفض التصعيد» من التصعيد المتكرر، إذ طاول القصف نقطة المراقبة العاشرة في جبل الزاوية أمس، في استهداف هو الثالث من نوعه منذ انطلاق العمليات العسكرية الأخيرة في ريف حماة الشمالي. وتسبب القصف بمقتل جندي تركي وإصابة ثلاثة آخرين وفق ما أعلنته وزارة الدفاع التركية في وقت متأخر من ليل أمس.
كما فشل ائتلاف الفصائل المسلحة المرعيّ من أنقرة، برغم محاولاته المتكررة، في كسر دفاعات الجيش وتغيير خريطة السيطرة التي فُرضت قبل إعلان «التهدئة» الأخيرة. وليومين على التوالي، صدّ الجيش هجمات عنيفة على نقاطه، كان آخرها على بلدتَي القصابية والحويز. غير أن الاستخدام المكثف للصواريخ المضادة للدروع تسبب بوقوع خسائر في صفوف قوات الجيش، وخاصة في مناطق سهل الغاب المكشوفة أمام التلال المحيطة بها.
الواقع الميداني المتعثّر ترافق مع حراك دبلوماسي لافت خلال الأيام القليلة الماضية، لم يقتصر على ملف إدلب. فإلى جانب النشاط الروسي المتعدد الوجهات، أفرزت اجتماعات «المجموعة المصغّرة» في باريس وما رافقها من لقاءات جملة مواقف ضاغطة على دمشق وحلفائها في ملف إدلب، يمكن صرفها لاحقاً في المسار السياسي. بياناتٌ من ممثلي الولايات المتحدة وحلفائها لدى الأمم المتحدة، كما من الاتحاد الأوروبي والجمعيات المعنية بالملف الإنساني، تكاتفت لبناء حشد سياسي، تظهّر في جلسات مجلس الأمن التي ناقشت تطورات سوريا، وكانت آخرها أمس. نقطة التقاطع بين تلك البيانات كانت الحديث عن ضرورة وقف التصعيد وحماية المدنيين، فيما ركّزت واشنطن على «شرعية» مسار محادثات جنيف فقط، دون غيره.
أبرز ما ورد تحت قبة مجلس الأمن، كان حديث المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الذي اكتفى خلال الأشهر الستة الماضية (عقب توليه المهمة) بإجراء محادثات مع أوسع طيف ممكن من الأطراف المنخرطة في الملف السوري. إذ بدا بيدرسن، للمرة الأولى، يملك تصوراً واضحاً عن الخطوات التي سيمضي بها في عمله بتيسير المحادثات السورية ــــ السورية. النقطة الأولى اللافتة في حديث بيدرسن، كانت استخدامه خطاباً مقبولاً من الطرفين السوريين، الحكومي والمعارض، إلى حد ما. فهو التزم التأكيد أن مهمته الرئيسة هي «إعادة إحياء مسار سياسي بقيادة وملكية سورية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن 2254»، موضحاً أن «أحد الأولويات الملحّة هي ــــ إذا ما تيسر ذلك ــــ إطلاق لجنة دستورية متوازنة وذات صدقية بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة، مع الاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها». اختيار التعابير لوصف طبيعة المسار السياسي ودور الأمم المتحدة، يكشف اهتمام بيدرسن بكسب ثقة الأطراف المعنية، إذ لطالما اعترضت دمشق، مثلاً، على الدور المهيمن للأمم المتحدة، وخروجها عن دور الرعاية والتيسير. كذلك، أشار المبعوث إلى «سيطرة هيئة تحرير الشام الإرهابية» على منطقة إدلب، وضرورة وقف هجماتها انطلاقاً من هناك، من دون أن ينسى التشديد على «ضرورة الالتزام الكامل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حتى أثناء محاربة الإرهاب»، ويستنكر «الاعتداءات على المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك المنشآت الطبية».
كلام بيدرسن تضمن إشارة إلى زيارته المرتقبة لكلّ من دمشق وموسكو، والتنويه إلى حصوله على «تطمينات من تركيا وروسيا... بأنهما لا تزالان ملتزمتين بمذكرة التفاهم الموقعة في أيلول 2018، وأنهما شكلتا مجموعة عمل معنية بالوضع في شمال غرب سوريا»، وأكد الحاجة إلى «فرض وقف إطلاق نار على المستوى الوطني». وانطلاقاً من هذه المقاربة، كشف المبعوث الأممي أنه ينوي إطلاق جولة تشاور جديدة «لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل من أجل تمكين الأمم المتحدة من تيسير عمل اللجنة الدستورية في جنيف في أقرب وقت ممكن». وطالب بدعم جهوده «من خلال جمع الإرادة الدولية المتمثلة في مسار أستانا وما يطلق عليه المجموعة المصغرة والأعضاء الدائمين لمجلس الأمن»، مشيراً إلى سعيه لإنشاء «إطار مشترك» يجمع أعضاء «منصة أستانا» و«المجموعة المصغرة» من دون أن يكون مساراً بديلاً من محادثات جنيف.
الأخبار
إضافة تعليق جديد