تفجير السفارة الهندية في كابول: من هو أكبر المستفيدين من الجريمة

08-07-2008

تفجير السفارة الهندية في كابول: من هو أكبر المستفيدين من الجريمة

الجمل: انتقل المشهد الأفغاني الدامي إلى مرحلة جديدة طال انتظار المراقبين والمحللين لها، وهي مرحلة العمليات السرية المستهدفة التي تسعى من أجل إعادة توجيه مسار الصراع ضمن سيناريو جديد.
* الحدث الأفغاني:
تقول آخر المعلومات الاستخبارية المتداولة بأن الهند قد أرسلت إحدى طائراتها لنقل جثث القتلى والجرحى الهنود الذين سقطوا بفعل الانفجار الكبير الذي استهدف السفارة الهندية في العاصمة الأفغانية كابول:
• بلغ عدد القتلى 41 شخصاً منهم 4 دبلوماسيين هنود.
• بلغ عدد الجرحى أكثر من 100 شخص بينهم عدد من الهنود الموجودين في السفارة.
سعت حكومة كارزاي الأفغانية إلى إصدار بيان يدين الانفجار ويتهم دول مجاورة بالتورط فيه، وبالمقابل أصدرت الحكومة الباكستانية بياناً شديد اللهجة أكدت فيه عدم تورطها في هذا الانفجار.
* بين خط نيودلهي – كابل وخط إسلام آباد – كابل:
عند قيام القوات الأمريكية بغزو واحتلال أفغانستان برز تحالف كرزاي – برويز مشرف ضمن مثلث واشنطن – إسلام آباد – كابل ولكن بسبب:
• تزايد نشاط حركة طالبان وحلفاءها في شن العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية وقوات الناتو.
• تزايد المعارضة السياسية الأفغانية والاضطرابات المسلحة وحركات التمرد في مناطق القبائل الباكستانية.
طالبت الإدارة الأمريكية وحلفائها إسلام آباد بضرورة العمل من أجل القضاء على أي وجود لحركة طالبان في مناطق القبائل الباكستانية ولكن بسبب تزايد المعارضة السياسية الباكستانية لنظام مشرف وفشل الجيش الباكستاني في السيطرة على مناطق القبائل الباكستانية كان طبيعياً أن:
• تتزايد أنشطة حركة طالبان المسلحة في أفغانستان.
• يتزايد التمرد المسلح والمعارضة السياسية ضد إسلام آباد.
وعلى هذه الخلفية وجهت الإدارة الأمريكية انتقاداتها لإسلام آباد، إضافةً إلى قيام الرئيس الباكستاني حامد كرزاي بشن حملة انتقادات عنيفة ضد إسلام آباد واتهام الجنرال مشرف بالتقاعس عن القيام بدعم حلفائه. وقد سعت الإدارة الأمريكية إلى إقامة مثلث واشنطن – نيودلهي – كابول من أجل واستخدامه في المناورة والالتفاف على مثلث واشنطن – إسلام آباد – كابول. بكلمات أخرى، فإن الثابت هو محور واشنطن – كابول، والمتغير هو إسلام آباد ونيودلهي، لذلك فإن من يريد البقاء والحفاظ على مكانته من إسلام آباد أو نيودلهي فإن عليه بذل أقصى الجهود والتفوق على الآخر وهكذا أصبحت أفغانستان ساحة للصراع بين إسلام آباد ونيودلهي من أجل الفوز بصداقة وتحالف الولايات المتحدة الأمريكية. وقد استخدمت الولايات المتحدة أسلوب يقوم على إدارة الصراعين الكلي والجزئي وهو ما مكنها من:
• استخدام المثلثين في إدارة الصراع الكلي: مثلث "واشنطن – إسلام آباد - كابول"، ومثلث "واشنطن – نيودلهي - كابول".
• استخدام العلاقات الثنائية وفقاً لمبدأ "كل واحد لوحده" ولا داعي "للجمع بين الأختين" إسلام آباد ونيودلهي في طاولة واشنطن وهو ما أدى إلى انفراد إدارة بوش بخطي واشنطن – إسلام آباد وواشنطن – نيودلهي كل على حدة.
ووفقاً لهذه الاستراتيجية فقد نجحت واشنطن في تحويل الصراع الهندي – الباكستاني من صراع حول كشمير إلى صراع حول أفغانستان وحول الفوز بالتحالف مع أمريكا.
المباراة الهندية - الباكستانية وصلت إلى مرحلة الصراع الاستخباري في أفغانستان ولكن إسلام آباد كانت الأكثر تفوقاً بسبب:
• وجود قبائل الباشتون الباكستانية – الأفغانية ضمن أفغانستان.
• وحدة الانتماء الديني الإسلامي السني في أفغانستان وباكستان.
• وجود عداء أفغاني إسلامي للهندوسية الهندية.
أدركت نيودلهي أن باكستان هي الأكثر تفوقاً في الحرب الاستخبارية التي جرت بينهما في الساحة الأفغانية، ولما كانت واشنطن تتقن القيام بدور "العراب" الذي ينظم المباراة  بين الأطراف، فقد فهمت إدارة بوش أن الهند قد أصبحت أكثر جاهزية للابتزاز الأمريكي، وبالفعل فقد بدأت الإدارة الأمريكية مشاوراتها عن طريق وزير الدفاع الأمريكي روبرت غاتز مع المسؤولين الهنود حول إمكانية أن تشارك الهند في العمليات العسكرية الجارية في أفغانستان إلى جانب القوات الأمريكية وقوات الناتو. طالما أن الهند بالأساس دولة تعاني من استهداف الجماعات الإسلامية الناشطة في إقليم كشيمر ومناطق شمال الهند التي يقطنها حوالي 250 مليون مسلم في مواجهة 750 مليون هندوسي.
الشراكة العسكرية التي من المفترض أن تجمع الهند مع الولايات المتحدة مع حلف الناتو مع القوات الأفغانية تم التمهيد لها عن طريق الكثير من العمليات السرية الاستخبارية ومن أبرزها الانفجارات التي استهدفت بعض المرافق الاستراتيجية الهندية مثل الانفجارات في محطة وقطارات بومباي وغيرها، واستخدام هذه العمليات السرية بعض رسائل الترغيب مثل اتفاقية التعاون النووي الأمريكي – الهندي ووعود الإدارة الأمريكية بالوقوف إلى جانب الهند في أي صراع محتمل ضد الصينيين وهو أمر بدا واضحاً في أحداث التيبت الأخيرة وتعاون واشنطن مع نيودلهي في دعم الدالاي لاما والجماعات الإثنية في إقليم التيبت الهندي.
تسعى الإدارة الأمريكية إلى محاولة دفع الهند مستخدمة شتى الوسائل والأساليب من الترغيب والترهيب باتجاه توريطها في الحرب الأفغانية بحيث يتسنى لواشنطن استخدام الجيش الهندي الذي يتجاوز قوامه 2 مليون عنصر في شن واحدة من أكبر حروب البروكسي في العالم. أجندة واشنطن تهدف إلى ابتزاز الهند بما يترتب عليه استخدام القدرات العسكرية الهندية في الحصار ضد إيران من الجانب الأفغاني. وفي الوقت نفسه ردع باكستان ووضعها تحت تهديد هندي مزدوج من الجنوب والشمال، وهي ميزة تتيح لواشنطن تفعيل عملية ابتزاز باكستان أيضاً، ودفعها إلى توريط الجيش الباكستاني في حروب قبائل الباشتون وحركة طالبان والمساعدة في تشديد الحصار ضد إيران من الحدود الجنوبية – الشرقية المتاخمة لإقليم بلوشستان الباكستاني.
حتى الآن لم يتحدد بشكل واضح من هي الجهة المسؤولة عن انفجار كابول الذي استهدف السفارة الهندية، وحالياً يوجد عدد كبير من المتهمين ومن أبرزهم المخابرات الباكستانية، حركة طالبان، تنظيم القاعدة، الحركات الإسلامية المنتشرة في منطقة آسيا الوسطى والتي بلغ عددها في العام 2001م أكثر من 200 حركة وفصيل بحسب تقرير للمخابرات الروسية الذي نشرته صحيفة الوطن الكويتية، وإضافةً لذلك، فهناك أطراف تحاول إلصاق المسؤولية بطهران تحت ذريعة أنها ظلت تسعى للانتقام والقصاص من نيودلهي بسبب دعمها لإسرائيل ودورها الكبير في تفعيل برامج الأقمار الصناعية الإسرائيلية المخصص للتجسس على لإيران.
وما لم تشر إليه أصابع الاتهام حتى الآن هو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أو الموساد الإسرائيلي وسعيهما الدؤوب لتنفيذ العمليات السرية الهادفة إلى إعادة إنتاج ترسيمات خارطة الصراع في شبه القارة الهندية بما يؤدي إلى توريط الهند في المسرح الأفغاني ومن ثم تسهل عملية ابتزازها وتوريطها في الصراع ضد إيران والصين.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...