ابن تيمية وقضية التأويل رؤية جديدة

21-05-2011

ابن تيمية وقضية التأويل رؤية جديدة

حملت قضية «التأويل» كثيراً من النقد المُوجه إلى ابن تيمية من قبل المتصوفة والأشاعرة والفلاسفة والمتكلمين، وبسبب عدم فهم آرائه في صورة صحية أُسيء إليه، وفهمته تيارات فكرية ودينية متعددة خطأ. والحق أن ابن تيمية ناقش الباطنية مناقشة عقلانية، في قضايا الذات والصفات وأعمال العباد، وغيرها من المسائل الفلسفية، وأورد الكثير من الآراء في مساجلاته مع خصومه، وهي آراء لا يؤمن بها، لدحض أفكارهم، وفق المنهج الفلسفي المنطقي العقلاني!

ويورد الدكتور محمد السيد الجلنيد – أستاذ الفلسفة الإسلامية في كلية دار العلوم – جامعة القاهرة في كتابه «الإمام ابن تيمية وقضية التأويل» حقيقة لم يذكرها خصوم الأخير هي: «أن ما شاع بين الباحثين عن موقف ابن تيمية من رفض التأويل مخالف لحقيقة مذهبه، فلقد اشتهر عنه أنه ظاهري في فهم النصوص، وأنه يحرم الأخذ بالتأويل، ويمنع القول به، وهذا القول على إطلاقه فيه مُجانبة للصواب، ومخالفة لحقيقة مذهبه، لأن ابن تيمية لم يمنع التأويل – بمعناه المطلق – وإنما منع أنواعاً معينة منه... وكان رأيه في ذلك أولى بالقبول، وأقرب الى العقول، أما التأويل بمعنى التفسير والبيان، فلقد أخذ به ابن تيمية، كما أخذ به السلف».

كما ليس في منهج ابن تيمية، ولا في مذهبه في الإلهيات نوع من التشبيه أو التجسيم، «والذين رموه بذلك – ومعظمهم من الأشاعرة والصوفية – لم يستطيعوا إدراك مذهبه في الإلهيات، وإنما أخذوا في إثارة الفتن، والاتهامات ضده وضد تراثه من بعده، لأن ابن تيمية هو الذي زلزل كيان المذهب الأشعري... في الوقت الذي استطاع فقهاء هذا المذهب ورجاله أن تكون في يدهم مقاليد الأمور، وأن تكون كلمتهم هي النافذة في ابن تيمية»!

لذلك دسَّ على ابن تيمية هؤلاء وأولئك عند الحكام ليشينوا مذهبه وآراءه، وهو فطن إلى ذلك، وبرّأ نفسه مما نُسب إليه في حياته، حين قال في «العقود الدرية»: «انا أعلم أن أناساً يزوِّرون عليَّ كما فعلوا ذلك غير مرة»، كما تحدى جميع خصومه قائلاً لهم: «لقد أمهلت من خالفني في ذلك ثلاث سنين، على أن يأتي بنص عن القرون الثلاثة الأولى يخالف ما أقول». لكنهم لم يفعلوا شيئاً سوى إثارة النفوس ضده، والتشنيع على مذهبه، بأنه مجسم ومشبه، ويكفي ابن تيمية أنه برّأ نفسه سلفاً من كل شبهة تُشين مذهبه، إذ قال لهم في «مناظرة في العقيدة الواسطية»: «أنا لم أقل إلا أن يوصف الله بما وصف نفسه به تعالى: «ليس كمثله شيء» ينفي كل شبهة في ذلك، كما يقول الدكتور الجلنيد.

والمشكلة أن الذين تعرضوا بالنقد لمذهب ابن تيمية في العقائد لم يفهموا منهجه في مناقشة الخصوم، كما لم يفرقوا بين رأيه ورأي غيره، الذي عارض به خصمه، إذ كان يورد على الخصوم كثيراً من الاعتراضات والآراء، التي قد لا يرضاها هو كدليل عقلي يمكن الاستدلال به على ما يريد... ومقصود ابن تيمية أن يُبين لخصمه أن الآراء الباطلة كافية أن يدحض بعضها بعضاً «فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». ويخيل للباحث أن ما يعارض به ابن تيمية خصومه هو آراؤه المعبرة عن حقيقة مذهبه... فابن تيمية لا يفصح عن رأيه إلا في نهاية الموقف، بعد أن يدحض الباطل بعضه بعضاً، ليقول في نهاية الموقف: والحق في ذلك ما عليه الكتاب والسنة، وما مضى عليه سلف الأمة من أن حقيقة الأمر كذا وكذا، وكل ذلك يرجع إلى سعة علمه وطول نفسه في مناقشة الخصوم، كما أن في ذلك دلالة واضحة على أن البون شاسع بين ابن تيمية وناقديه!

ويؤكد الجلنيد أن الفرق بين محاولة ابـن تـيمية فـي جمعه بـيـن العـقـل والنــقـل، وبين محاولة الفلاسفة والمتكلمين في ذلك، ان الفلاسفة والمتكلمين يفترضون أن العقـل يُعـارض الشـرع، بـيـنما تقوم محاولة ابن تيمية على التفصيل بين المعقول الصريح، وبين ما يشمله جنس المعقولات من الشبهات الفاسدة، التي تطرأ على العقل، فتجعله غير قادر على إدراك الحقائق!

وذهب ابن تيمية إلى أنه لا يوجد معقول صريح يمكن أن يُناقض منقولاً صحيحاً، وهذا عكس ما نهج عليه الفلاسفة والمتكلمون، لأن كلاً من العقل والنقل وسيلة وهبها الله تعالى للإنسان ليهتدي بها إليه ويعرف بها الطريق إليه، وفق كلام الجلنيد.

كما أن القول بالتأويل في الصفات بصرفها عن ظاهرها يدل عند ابن تيمية على شيئين: الأول: أن المتأول لم يفهم من الآية أو الصفة إلا ما يليق بالمخلوقين، وهذا خلاف ما فطر الله عليه العباد من أنه «ليس كمثله شيء» لا في ذاته، ولا في صفاته، فإذا صرفت الآية عن ظاهرها بحجة أن الظاهر تشبيه دلَّ ذلك على طريان مؤثر على الفطرة من خارجها، غيرها عما فُطِرت عليه.

صلاح حسن رشيد

المصدر: الحياة

التعليقات

انا هنا لن اناقش مذهب ابن تيمية فابن تيمية كغيره من المشايخ اعتمدو في تفسيرهم لمعنى السنة على ما ورد في بخاري ومسلم (اللي جمعا في القرن الثاني والثالث للهجرة) وخلال التاريخ تم تغييب اراء علماء مثل الامام النووي وابن الصلاح الذين اعتبرا ما ورد في بخاري ومسلم يفيد العلم او الظن ولا يفيد اليقين فالقارء لهذين الكتابين يرى وجود اختلافات بين الاحاديث في نفس الموضوع والتي حاول علماء الامة التوفيق بين هذه الاحاديث حتى ولو كانت تفسيراتهم مضحكة وكل ذلك حتى لا يقال عن بخاري ومسلم سوى (انهم اصح كتابين بعد القران)وحتى هذا القول لاينفي عنهم شائبة الظن وابن تيمية مثله مثل هؤلاء المشايخ اخذ من الكتابين ما ناسب افكاره (وانا هنا لا انكر ان ابن تيمية رجل لديه علم في الدين ) وكمثال صغير القرضاوي حين افتى بالخروج على الحاكم اعتمد على احاديث من بخاري ومسلم ومشايخ السعودية الذين افتو بحرمة هذا الامر ايضا اعتمدو على احاديث في الكتابين من خلال نقاشاتي فان الاسلام يهاجم من هذين الكتابين حيث انه من الممكن ايجاد احاديث تشكك بهذا الدين مثال(كيف كتب القران ومن كتبه ومن جمعه )فالاحاديث تؤكد ان القران كتب بعد وفاة الرسول وانه جمع من حفظة القران ناهيك عن حديث الداجنة والذي يؤكد ان معزاية صغيرة قد دخلت واكلت احدى الايات المكتوبة على صحيفة وهي اية الرجم للزاني المحصن (وحتى الاحاديث التي تذكر الاية فبرايي انها اية ركيكة ) بينما القران يؤكد ان المصحف كتب وجمع بين يدي الرسول وهناك من الايات والادلة العقلية المؤيدة لذلك اماعقوبة الزاني في القران فهي واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وهذا ما هو الا غيض من فيض ولاكن ساكتفي هنا حتى لا ياتي احد ويتهمني بالزندقة ويبيح دمي (وهو موجود في مذهب ابن تيمية)

معروف عند الجميع من كل المذاهب الإسلامية تطرف ابن تيمية, والكثير من الحركات السلفية تعتبره ملهمها ومرشدها لذا لا داعي أبداً لنشر ما يدعو لمثل هذا الرجل ولمثل منهجه المتطرف أو الدفاع عنه وأعتبر كل من يقصد ذلك طرفا في النزاع الطائفي الذي بدء في وطننا الغالي وأرجو أن يتم وأده بهمة ووعي مختلف طوائف الشعب السوري وحرصهم على وحدتهم الوطنية ونبذهم للطائفية المقيتة... أما الرد على ابن تيمية وأتباعه فليس هنا مكانه ولا زمانه أرجو أن تكون عندكم الجرأة الكافية للنشر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...