لا رجم للزاني في الإسلام.."دراسة أًصولية موثقة" ج/2/

03-06-2012

لا رجم للزاني في الإسلام.."دراسة أًصولية موثقة" ج/2/

وبعضهم (بعد ما ذكرناه من وضوح هذه الآيات) يقول:
إن الفتيات من ملك اليمين "المؤمنات" إذا أحصن بالزواج صرن مسلمات!!!!


ولتجسيم هذا القول أكثر فلنحولها لمعادلة رياضية بسيطة كالتالي:

يقول الإمام الشافعي رحمه الله:

مؤمنة + إحصان بالزواج = مسلمة.

أو: مؤمنة + زواج = مسلمة.

أو: مؤمنة _ زواج = غير مسلمة.

إذ إن الإسلام عند الإمام ترتب علي الزواج!!

ولنراجع قوله مرة أخري وهو يعلق علي الآية:

(فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ..)

وقد أخذ البعض قول من يحفظون عنهم دون التفكير في هذا القول، فقال أحدهم: "فقال من أحفظ عنه من أهل العلم:

"إحصانها إسلامها"

وهو لا يخرج عما بسطناه في المعادلتين السابقتين

ولو وضعنا كلام الشافعي كشرح للآية فسيصير معناها:

إذن فملك اليمين (بعد إهمال مثل هذه الأقوال التي لا زمام لها)، إن أحصنت بالنكاح ثم أتت بفاحشة فعليها نصف ما علي من مثلها من محصنات الحرائر من العذاب!!

1- ومعلوم بداهة أن الرجم لا نصف له!!

2- ومعلوم أيضا أن الرجم موت وليس عذابا فحسب.

ولا يقال إن الرجم فيه عذاب، إذ إن أنواع القتل المختلفة فيها العذاب مقترن بالقتل، فالشنق فيه عذاب، والخنق بالغاز فيه عذاب...الخ!!!

3- ومعلوم للغلمان والصبايا أن نصف المئة، خمسون!!

وقد قال بعض العلماء الذين ذكرتهم دون أسماء قبل ذلك بهذا القول اضطراراً، فقال:

"قال الله تبارك وتعالي في المملوكات (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، والنصف لا يكون إلا من الجلد الذي يتبعض فأما الرجم الذي هو قتل فلا نصف له"، حتي يقول: "ولا نصف للرجم معروف" (الرسالة للشافعي ص:133)

وقد جسد ابن كثير هذه المسألة بتفسيره، ولإلقاء الضوء علي خطورة ما ذهب إليه الإمام وأتباعه رحمهم الله وغفر لهم ولنا في الآية فلنسق كلام ابن كثير أولا الذي يقول:

"قوله تعالي: فإذا أُحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما علي المحصنات من العذاب" اختلف القراء في (أحصن) فقرأه بعضهم بضم الهمزة وكسر الصاد مبني لما لم يسم فاعله، وقرئ بفتح الهمزة والصاد فعل لازم، ثم قيل:

معني القراءتين واحد، واختلفوا فيه علي قولين: أحدهما أن المراد بالإحصان ها هنا الإسلام، روي ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عمر وأنس والأسود بن يزيد وزر بن حبيش وسعيد بن جبير وعطاء وإبراهيم النخعي والشعبي والسدي وروي نحوه الزهري عن عمر بن الخطاب وهو منقطع، وهذا هو القول الذي نص عليه الشافعي في رواية الربيع قال:

وإنما قلنا ذلك استدلالا بالسنة وإجماع أكثر أهل العلم.

وقد روي ابن أبي حاتم في ذلك حديثا مرفوعا قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا أبي عن أبيه عن أبي حمزة عن جابر عن رجل عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ص: فإذا أحصن، قال: إحصانها إسلامها وعفافها، وقال: المراد به هاهنا التزويج قال: وقال علي اجلدوهن ثم قال ابن أبي حاتم: وهو حديث منكر

إن هذا الحديث في إسناده ضعف وفيه من لم يسم ومثله لا تقوم به حجة، وقال القاسم وسالم:

إحصانها إسلامها وعفافها، وقيل: المراد به ها هنا التزويج، وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وطاووس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم. ونقله أبو علي الطبري في كتابه الإيضاح عن الشافعي فيما رواه أبو الحكم بن عبد الحكم عنه.

وقد روي ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحر وإحصان العبد أن ينكح الحرة وكذا روي أبي طلحة عن ابن عباس رواهما ابن جرير في تفسيره، وذكره ابن أبي حاتم عن الشعبي و النخعي.

وقيل: معني القراءتين متباين، فمن قرأ أحصن بضم الهمزة فمراده التزويج ومن قرأ بفتحها فمراده الإسلام اختاره أبو جعفر ابن جرير في تفسيره وقرره ونصره،

والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان ها هنا التزويج لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه وتعالي (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) (تفسير ابن كثير : 1/487).

وواضح بكل أسف أن ما قاله ابن كثير هذا يعني أن الشافعي كان يقول ما قاله انتصاراً للقراءة المذكورة بخلاف القرآن (المحفوظ بالله) والتي قال ابن كثير عنها:

"وقرئ بفتح الهمزة والصاد فعل لازم"، وهذا بالطبع مخالف للقرآن الكريم.

هذا هو مكمن الخطورة الذي أحببت أن أشير إليه دون تزيد علي الرجل، فكلنا سنلقي الله ونحاسب
أما الروايات القائلة بهذا الفساد فنذكر منها ما رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه:

"عن الثوري عن حماد عن إبراهيم أن معقل ابن مقرن المزني جاء إلي عبد الله، فقال: إن جارية لي زنت، فقال: اجلدها خمسين، قال: ليس لها زوج، قال: إسلامها إحصانها" (مصنف عبد الرزاق 8/394)، ولها شواهد عدة بكتب الدرجة الثالثة والرابعة من كتب الرواة منها ما رواه البيهقي بكبراه (8/243):"...عن عمرو بن شرحبيل أن معقل بن مقرن أتي عبد الله بن مسعود...قال أظنه ذكر: أمتي زنت قال اجلدها قال إنها لم تحصن قال إسلامها إحصانها".

أما الذين حاولوا الاحتيال علي المقاس عليه وهي المرأة المتزوجة فقد قالوا: الإحصان ليس المقصود به الزواج ولا الإسلام، وإنما معني المحصنات أي الحرائر، وقاسوها علي البقر والغنم والماعز الذي يُضحٌي به!

يقول النحاس:

"ويعني بالمحصنات ها هنا الأبكار الحرائر، لأن الثيب عليها الرجم، والرجم لا يتبعض، وإنما قيل للبكر محصنة وإن لم تكن متزوجة لأن الإحصان يكون بها، كما يقال: أضحية قبل أن يضحي بها، وكما يقال للبقرة: مثيرة قبل أن تُثير" (انظر معاني القرآن للنحاس: 2/66)، ونقل عنه القرطبي الفقرة بقضها وقضيضها دون إحالة أو ذكر (إنظر فتح القدير للشوكاني: 5/145).

وبالطبع فأن هذا هو خطأ شائع مترتب علي عدم تدبر القرآن، فالبكر لا تُحصِن وإنما تُحْصَن بفتح الصاد، و سيأتي تفصيل لذلك بعد قليل.

كما يلاحظ الحصيف الأريب أن الرجل قدم بالعلة في اضطراره لصرف اللفظ عن معناه، وجعله موافقا لهواهم المذهبي عندما قال: "لأن الثيب عليها الرجم"، وعندما قال: "والرجم لا يتبعض"، فثبوت هذا الهراء عنده جعله يتحايل علي المعني ولو بقياس الأبكار علي الأبقار!.....وقريب من كلامهما كلام الشوكاني (انظر فتح التقدير للشوكاني 1/452).

والطريف أن الشافعي يقول في سياق كلامه الفائت عن نفي العبد و الأمة:
"واختلف أصحابنا في نفيهما فمنهم من قال لا ينفيان كما لا يرجمان ولو نفيا نفياً نصف سنة وهذا مما أستخير الله عز وجل فيه" (انظر كتاب الأم للإمام الشافعي 6/167)

فبين لأتباعه أن هناك أحكاما تأتي بالاستخارة كما تأتي أحكام أخري عمن يرضي!

7- أن الآية الكريمة التي وردت بشأن عقوبة الزنا وهي (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي....) ( النور 2)، نلاحظ فيها أن الألف واللام تدل علي العموم أي أن الزاني أو الزانية علي السواء يجب أن يجلدا سواء كان قبل الإحصان أو بعده.

8- يقول الله تبارك وتعالي في كتابه العزيز (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النساء 26) ونلاحظ أن هذة الآية قد جاءت بعد الآية التي تتكلم عن عقوبة الأمة إذا زنت وهو أن يكون عليها نصف ما علي المحصنات من العذاب، فجاءت الآية رقم (26) تعقيبا علي الآية التي قبلها مباشرة وهي الآية رقم (25)، والتعقيب هنا معناه (يريد الله أن يبين لكم أن تشريع الرجم أكذوبة كبري بدليل أن عقوبة الرجم لا تنتصف!!، ويهديكم سنن الذين من قبلكم من الرعيل الأول من المسلمين وهو الذي يتمثل في الصحابة الذين كانوا لا يعلمون عن ذلك الرجم المزعوم شيئا!..، ثم إنه يريد بذلك أن يتوب عليكم بعد إقامة حد الزنا وهو الجلد حتى تتوبوا ولا تعودوا لهذه الفاحشة مرة أخري والله عليم حكيم)...أبعد هذة الآية البينة الواضحة أكثر من نور الشمس نحتاج دليلا آخر علي فساد قول البعض بوجود ذلك التشريع في الإسلام؟....اللهم سبحانك!!!

9- و يقول الله أيضا (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) (النساء 27)، فلو تأملنا الآية ولو بشئ يسير من الفهم لأتضح لنا أن الله يخبرنا بأنه بينما أنه يريد أن يتوب علينا فإن الذين في قلوبهم زيغ من غير المسلمين يريدون أن نميل عما في كتابنا من حق ونرضي بما دخل علي شريعتة من أكاذيب مفتراة، وهذا ما يفعله اليوم الكثير من أعداء الإسلام، فإنهم لم يعودوا يستطيعون أن يهاجموا قرآننا لأنهم قد أقروا بإعجازاته المختلفة ودقته واستحالة تغيير أي حرف فيه، فبدأوا يهاجموننا من خلال الروايات التي لا وزن لها اللهم إلا الكثير من الضرر الذي يسئ للإسلام ولصاحب الرسالة، ثم يقول بعد ذلك جل شأنه (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) (النساء 28)، يريد أن يخفف عنكم عقوبة حد الزنا فلا تصل إلي درجة البشاعة، إذ أن الجلد إيلام معنوي من الدرجة الأولي وجسدي من الدرجة الثانية، أما الرجم فهو تصفية جسدية بشعة لا يستطيع الإنسان تحملها لأنه قد خُلِق ضعيفا0

10- إن الله تعالي قد ذكر حد القذف في القرآن الكريم إذ يقول (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور 4).
أي أن حد القذف المذكور هو ثمانين جلدة بعد ذكره حد الجلد وهو المائة، وهو يريد سبحانه أن يقول: إن للفعل حدا ولشاهد الزور حدا، وانتقاله من حد إلي حد يدل علي كمال الحد الأول وتمامه، وذكره الحد الخفيف وهو الثمانون جلدة وعدم ذكر الحد الثقيل وهو الرجم. يدل علي أن الرجم غير مشروع: لأنه لو كان مشروعا لكان أولي بالذكر في القرآن من حد القذف

أما الإمام فخر الدين الرازي فيقول في تفسيره: (أن ثبوت الزنا مخصوص بالشهود الأربعة، فمع المبالغة في استقصاء أحكام الزنا، قليلا وكثيرا، لا يجوز إهمال ما هو أَجَلَ أحكامها، وأعظم آثارها، ومعلوم أن الرجم لو كان مشروعا لكان أعظم الآثار، فحيث لم يذكره الله تعالي في كتابة، دل علي أنه غير واجب).

وواضح أن هذة شهادة من أحد جهابذة علماء الإسلام تدل علي أن تشريع الرجم أسطورة كبيرة.

11- يقول الله تعالي (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (النساء 15)، و إذا ثبتت الفاحشة وثبتت الشهادة: فإنه يلزم إيقاع الحد علي الحرة أو علي الأمة، والمترتب علي إيقاع الحد:

1- إما الحياة

2- وإما الموت

فالسارق يترتب علي حده حياة، والقاتل يترتب علي حده موت، والسؤال الآن: ما هو المترتب علي إيقاع الحد علي الزانية الحرة أو الأمة؟ هل هو الحياة أو الموت؟ إن المترتب علي حد الزناة والزانيات هو الحياة وليس الموت، وذلك من قوله تعالي (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)، والإمساك في البيوت لا يكون بعد الرجم، ولكن الإمساك في القبور هو الذي يكون بعد الرجم!! ويترتب علي ذلك نفي الرجم كتشريع إسلامي.

12- يقول الله تعالي (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (الأحزاب 30)، فقد جعل لأية امرأة من نساء النبي إن زنت، مع أنهن مبرآت ومعصومات ومن أطهر نساء العالمين وهم أمهات المؤمنين (أمهاتنا)، عقوبة مضاعفة عن عقوبة أية امرأة من نساء المسلمين. فلو فرضنا أن امرأة من المسلمين قد قدر لها الله مائة جلدة، فان أم المؤمنين قد قدر لها مائتين، (حاشى لله تعالي)، وهل للرجم من ضِعْفٍ؟
هذا وقد بينا بفضل الله تعالي في القرآن الكريم ما علمني به من أدلة دامغة وحجج واضحة تدحض هذا الإفك المتوارث كابرا عن كابر.أضطراب تفاصيل أشهر قصتين للرجم في كتب الصحاح


هناك قاعدة أصولية هامة جدا تقول:

الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال


فهيا بنا أيها القارئ معا لنتابع الأدلة التي وردت في هذا الموضوع:

القصة الأولي: رجم رجل اسمه ماعز:

فقد روي البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم أن رجلا اسمه ماعز بن مال الأسلمي زنا بعد إحصان، فاعترف، فرجمه النبي صلي الله عليه وسلم، وتفاصيل هذه الحادثة (المفتراة) تمتلئ بالتناقض والاضطراب، نذكر من ذلك:

الجزئية الأولي: علم النبي بماعز:

تفصيل الرواية:

فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825) ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143-
ح4419).

"أتي رجل رسول الله وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت"
وتكرر اعتراف ماعز (أربع مرات)، وفي كل مرة يعرض عنه النبي!
إذن فماعز هو الذي بادر النبي صلي الله عليه وسلم باعترافه!!

تفاصيل التناقص:

وروي مسلم بصحيحه أيضا (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281- ح1693/19) هو وأبو داود (سنن أبي داود 4/145- ح4425)، وأحمد (مسند أحمد 1/245، 328-ح2203،3020)، وغيرهم، كلهم من طريق سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعزاً، فقال النبي لماعز:

"أحق ما بلغني عنك؟"، قال ماعز: وما بلغك عني؟ قال بلغني أنك وقعت بجارية ال فلان، قال فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم.

إذن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي بادر ماعز بسؤاله.

والتناقض هنا هو: كيف سيبدأ النبي ص بسؤال ماعز بينما ماعز هو الذي بدأ بالاعتراف؟

تعليق الأئمة:

النووي: الذي قال (قال العلماء: لا تناقض بين الروايات......)!
ثم راح يتخيل كيف يمكن الجمع بين المتضاد، فقال:

"...فيكون قد جئ به إلي النبي صلي الله عليه وسلم من غير استدعاء من النبي وقد جاء في غير مسلم (أن قومه أرسلوه إلي النبي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم للذي أرسله: لو سترته بثوبك يا هزال لكان خيراً لك، وكان ماعز عند هزال، فقال النبي بعد أن ذكر له الذين حضروا معه ما جري له: أحق ما بلغني عنك) إلي آخره" (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: 11/282)
الاستدراك في التعليق:

تغافل النووي عن الروايات بالصحيح الذي يشرحه (وسيأتي بعضها)، وفيها أن ماعزا ذهب للنبي، واعترف علي نفسه أربع مرات والنبي صلي الله عليه وسلم يُعرض عنه في كل ذلك!

فلو كان ماعزاً اعترف علي نفسه لما قال له النبي صلي الله عليه وسلم:

أحق ما بلغني عنك؟

إذ إن هذا السؤال يظهر منه (بداهة):

• مبادرة النبي صلي الله عليه وسلم لماعز، لا بالعكس

• انتفاء اعتراف ماعز للنبي صلي الله عليه وسلم!!

ثم لو كان كلام الرواة حقا لكان معني ذلك هو أن الستر علي الزاني عبادة، وهو ضد نص القرآن.
وكلام النووي فيه أن النبي يعلم هزال الستر علي الزاني يثوبه مع أن واقعة زنا ماعز (بفرض صحتها) هي واقعة اعتراف، ولم يُذكر في أيها أن ماعز ضبطه هزال، أو حتي صحبه عند النبي

الجزئية الثانية: مكان و كيفية الاعتراف

تفصيل الرواية:

فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وغيرهما:

"أن ماعزاً ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، فناداه...."الرواية!
إذن فماعز هو الذي ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد.

تفصيل التناقض:

وروي أحمد بن حنبل في مسنده (1/245،328- ح 2203،3020) ومسلم (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: (11/281- ح1693/19) وأبو داود (انظر سنن أبي داود 4/145- ح4425) والترمذي (سنن الترمذي 4/27- ح1427) والنسائي، وأبو يعلي، والطبراني وغيرهم:

أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعز بن مالك فقال:

"أحق ما بلغني عنك؟"

إذن فالنبي صلي الله عليه وسلم هو الذي سأل ما عزا عندما لقيه!

والتناقض هنا هو:

هل ذهب ماعز إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، أم أن النبي ص هو الذي سأل ماعزا عندما لقيه؟!

تعليق أهل الحديث: لا يوجد!!!!

المصدر:نادي الفكر العربي/فارس اللواء

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...