كيري يناقض التقليد الأميركي: حكومة نتنياهو فجّرت المفاوضات

09-04-2014

كيري يناقض التقليد الأميركي: حكومة نتنياهو فجّرت المفاوضات

خلافا للمعهود، وبعكس ما تدعي إسرائيل، اتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتفجير المفاوضات مع الفلسطينيين. وأعلن، في شهادة له أمام لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أمس، أنّ هامش الوقت المتاح له وللرئيس باراك أوباما للانشغال بالتوسط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية محدود. وشرح كيري لأعضاء اللجنة أن تفجير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تم «بعدما لم يتم الإفراج عن المعتقلين (الفلسطينيين) في الموعد المقرر سلفا، ومرت ثلاثة أيام، وحينها عندما كدنا تقريبا أن نتوصل لصفقة، تم نشر عطاء لبناء 700 وحدة سكنية (استيطانية).
ويناقض هذا التفسير الذي أعطاه كيري أمام جنود الاحتلال يطوقون مزارعاً فلسطينياً يحمي شتلة زيتون غرسها احتجاجاً على منعه وعدد آخر من المزارعين من الوصول إلى أراضيهم قرب مدينة طوباس في الضفة الغربية أمس (أ ب)لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الخط الذي اعتمدته الإدارة الأميركية على مر السنين وخصوصا في الشهور الأخيرة وهو تجنب توجيه الاتهام إلى طرف أو تحميل الطرفين المسؤولية ذاتها في نشوء الأزمات. ومعروف أن جانبا من الصراع السياسي الفلسطيني الإسرائيلي قائم في العامين الأخيرين على أساس العمل على تجنب التعرض لتحمل المسؤولية عن فشل المفاوضات. وشكل هذا الميل طوال الوقت أحد دوافع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى تقديم التنازلات التي توحي بالمرونة حتى مع استمرار التمسك بالمواقف الأصلية.
وليس صدفة أن حكومة نتنياهو سارعت فور توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأسبوع الماضي، على طلبات الانضمام إلى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية إلى اتهام السلطة بتفجير المفاوضات. وكانت بذلك تقفز عن إعلانها قبل ساعات قليلة عن عطاء بناء أكثر من 700 وحدة استيطانية في مستوطنة جيلو بحجة أنها تقع ضمن أراضي القدس المحتلة. وأشار نتنياهو شخصيا إلى أن العالم يعرف أن الفلسطينيين هم من يتحملون مسؤولية جمود المفاوضات بسبب استمرارهم في رفض «يهودية الدولة». ومع ذلك، وبرغم حملة وزيرة العدل رئيسة الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات تسيبي ليفني على السلطة الفلسطينية وقرارها الانضمام إلى معاهدات دولية إلا أنها اتهمت وزير الإسكان أوري أرييل، من «البيت اليهودي»، بتفجير المفاوضات عبر توقيت الإعلان عن عطاءات البناء في مستوطنة جيلو في الضفة الغربية.
ومن المؤكد أن كلام كيري أمام لجنة الخارجية يخدم الرواية الفلسطينية في مخاطبتها العالم وخصوصا أميركا والاتحاد الأوروبي. كما أنّ هذا الكلام يشكل صدمة شديدة للسياسة الإسرائيلية التي كانت تثق طوال الوقت أن الأميركيين قادرون على توفير الغطاء الدولي لها مهما كانت الأسباب. ومع ذلك، فإنّ موقف الإدارة الأميركية يتأثر جدا بموازين القوى في الكونغرس والتي لا تزال تحابي إسرائيل بقوة. ومع ذلك لا ريب في أن إعلان هكذا موقف كفيل بجعل الموقف الإسرائيلي داخل أميركا أضعف ولو إلى حين.
عموما، بدأ الإسرائيليون حملة إفراغ كلام كيري من معناه بقول أحدهم إنّ «كيري يعرف جيدا مَن بين الطرفين وافق على الصفقة الأميركية، ومن قرر تفجير المحادثات والشروع بخطوات من طرف واحد». ويؤكد موقف المسؤول الإسرائيلي هذا التشخيص القائل إنّ إسرائيل تعيش حالة «إقناع جماعي» وهي تنسى هنا أن مَن تحدث أمام الكونغرس كان كيري نفسه وليس سواه.
ومن الجائز أنّ كلام كيري الذي أتى بعد ثلاث محاولات أميركية لتسوية الأزمة وإعادة الطرفين إلى مسار المحادثات تشهد من جانب آخر على أن كل هذه المحاولات لم تجد نفعا، على الأقل حتى الآن. كما أنها تشهد على أن الانطباع الأميركي من المحادثات هو أنها لم تعد تقود إلى احتمالات التوصل إلى تسوية. فالإعلان الأميركي أقرب ما يكون إلى إشهار فشل وهو ما كان كثيرون في أميركا يطالبون كيري به.
ومع ذلك، فإنّ دعوة كيري التالية للطرفين للتعهد بالجلوس بجدية إلى طاولة المفاوضات تشهد ربما على أن «الأمل ولو ضئيلا» لا يزال متقدا في نفسه. وهذا يعني أن محاولة أخرى ستجري خلال الأيام القليلة المقبلة معتمدة على قناعة كيري بأن «زعيمي الجانبين اتخذا قرارا مبدئيا، وأنهما اتخذا حتى الآن قرارات شجاعة». وقال إن الفلسطينيين لا يريدون الاعتراف سلفا بيهودية الدولة الإسرائيلية برغم أن الإدارة الأميركية تعترف بذلك. وأضاف «عموما هذا أمر ينبغي أن يتم، لكن كيف ومتى هذه مسألة تبقى جزءا من المفاوضات».
وبرغم كلام كيري، إلا أنه اعتبر توقيع الفلسطينيين على طلبات الانضمام للمعاهدات الدولية «أمرا لا يعزز العملية. والمفارقة المرة هي أن الحرب تخاض الآن على العملية». وأوضح أن نتنياهو اتخذ قرارا شجاعا بالإفراج عن المعتقلين وأن الإسرائيليين «وفروا لنا الهامش المطلوب».
وكان من المفترض أن يلتقي الرئيس الأميركي باراك اوباما مع وزير خارجيته جون كيري، مساء أمس، للتباحث في مستقبل مفاوضات التسوية.
عموماً، أعلنت مصادر متطابقة، أمس، أنّ اللقاءات بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين بوساطة أميركية ستتواصل هذا الأسبوع برغم استمرار الخلافات بين الجانبين. وقال مصدر فلسطيني مقرب من الملف، غداة لقاء ثلاثي جديد عقد مساء أمس الأول بحضور المبعوث الأميركي مارتن اينديك، «ما زال هنالك خلافات بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية والجانب الأميركي قام بجهود كثيرة لتجاوز هذه الخلافات». وأضاف المصدر انه سيتم استئناف اللقاءات بعد اجتماع وزراء خارجية الجامعة العربية اليوم.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...