التحليل النفسي للشخصيّة الجاسوسية

23-08-2018

التحليل النفسي للشخصيّة الجاسوسية

الجمل -د. عماد فوزي شعيبي :

تبسط الدراسات الاستخباراتية الأسباب التي تدفع شخصاً ليكون جاسوساً وتلخّصها ب: الايديولوجيا الواحدة، كالقناعة بالشيوعية أو القومية، أو الصهيونية...، والابتزاز، وتعشّق المال، والوقوع في شرك النساء، والغرور. وهذا تعميم لامعنى له علميّاً لأنه من أهم عقبات المعرفة. فالتبسيط ووضع الصفات العامة نوع من أنواع الجهل التعميمي؛ إذ أن هنالك المزيد من الأسباب فضلاً عن وجود فويرقات (فروق دقيقة Micro) لايعرفها إلا المختص الدقيق، وهذه الفويرقات لاتجعل ذلك التبسيط طريقاً لمعرفة الشخصية الجاسوسيّة بالعمق، وهذا مايفسّر عدم نجاح التجنيد الجاسوسيّ بسبب الاعتماد على التعميمات سابقة الذكر. وفيمايلي بعض الشخصيات الجاسوسيّة: 

1. شخصيّة المغامر وبنفس الوقت الجبان بتناقض (الثنائية) الشخصيّة. وهذه شخصية [مفارقة Paradoxical] تجمع الازدواجية في شخصيّة واحدةٍ. ولكن، يُحذّر من اعتبار محض المغامرة سبيلاً للتجسّس، إذ لابد أن تكون شخصيّة مفارقة ازدواجيّة تجمع نقيض مع المغامرة المرتبطة بالفروسيّة أصلاً ما هو معاكس لها. 

2. مقامر جشع، وليس مقامراً من النوع السمح. والفارق بينهما كبير جداً. فالسمح مقامر بهدف المتعة، لكنه غير قابل للخيانة، بينما المقامر الجشع مستعد لبيع أي شيء مقابل الحصول على المال والاستمرار في تعديل المتعة الجنسية بمتعة المقامرة.  

3. الشخصية الخسيسة التي تعشق المال لا لتتكارم به. فيمكن أن تجد من يعشق المال ليتكارم به. ومن يكون من النوع الكريم أو حتى المُبذّر يصعب أن يقع في الجاسوسية لأن تركيبته المكوَّنة لن تسمح له بذلك. لكن إذا اجتمع الكرم والتبذير مع الخسّة بشخصيّة مُفارقة paradoxical فإنها يمكن أن تقع في الجاسوسية، لكنها بلحظة يمكن لها أن تعود لتنقلب وتخدم انتماءها الأول وتكفّر عن ذنبها.  

4. الشخصيّة الخائبة الانتقامية، التي ترى في وطنها وانتماءها السلبيات والاشخاص الذين يستحقون خيانتهم لأنهم خيّبوا أملاً عظيماً استحكم تلك الشخصية ذات يوم لأن  استفاذهم وكثرتهم وشيوعهم في الحياة العامة سبب خيبة وربما أذى يجعل تلك الشخصيّة مستعدّة للخيانة مع سبق الإصرار،لانهيار المعنى الوجودي لديها، وتساوي القيمة، باللاقيمة. 

5. الشخصية الوجودية البوهيمية العبثية اللاإيديولوجية التي تستوي فيها كل المقولات والافكار وتعتبرها فلسفيّاً لامعنى لها لأنها ترى الحياة كذبةً، والوجود غير متعيّن الهدف والإيديولوجيات أوهام بين الولادة والموت، وتبعا لذلك فهي تعتبر الأوطان بدعة إيديولوجية لامعنى لها. 

6. الشخصيّة الذكرية ذات الميول الجنسية المثلية، وهذه الميول غالباً ماتكون تكوينيّة، عبر طبيعة مُخيّة، تجعلها مثليّة، وهي تتساوي لديها مجموعة من الاعتبارات النفسية والفكرية؛ إذ تجد أنها غريبة عن محيطها، غير متساوية معه، ودوافعها وميولها غير محترمة، وكونها مختلفة جنسيّاً فإن قيم الانتماء والوفاء والاخلاص ... لامعنى لها في تكوينها أيضاً لأنها من عالم أخر.  
7. الشعور بألم الفقدان المبكر  للوالد أو الأم أو لكليهما (أيّ بحالة نقصان الحنان والتوازن العاطفي الانفعالي) مصحوباً حصراً بشخصيّة هشّة أو ضعيفة أو خسيسة ... بالتكوين.

8. الشخصية النرجسيّة الانتقاميّة حصراً، اذ أن الشخصية النرجسية قد تكون نبيلة معتدّة بنفسها، وهي؛ أي الأخيرة غير قابلة للجاسوسية، لكن الشخصيّة الجاسوسيّة النرجسية تكون جمعاً بين النرجسيّة والانتقامية والحساسيّة المفرطة. 

9. الشخصيّات المزاجيّة-المتمردة غير المتحققة إبداعيّاً. إذ لاتجد نفسها في الزمان والمكان، فتحاول أن تجد لنفسها مكاناً وزماناً مستقلين ولو افتراضيّاً بلعبة الجاسوسية

10. الشخصيات الحشريّة ذات التوجه الفضولي لمعرفة التفاصيل، والتي ترتبط لديها هاتان الصفتان بشعور عميق بعدم الثقة بالنفس. وهنا تتهيأ هذه الشخصية للعمل الجاسوسيّ بالتكوين، شرط ألا تكون من النوع النبيل أو الايديولوجيّ. 
11. الشخصية المحبة للنساء؛ شرط ألا تكون نبيلة أو إيديولوجيّة أو إبداعيّة. 

12. التوق إلى السلطة والنفوذ والمصحبوين بصعوبات في سبيل ذلك مع توافر ضَعُف ٍ في الشخصيّة بالعمق في متلازمة ندعوها متلازمة الشخصية المُفارقة للغاية.أي التي تجمع الصفة ونقيضها الأقصى. 

13. الشخصيّة الاستعراضية، التي فشلت في الوصول للشهرة؛ شرط أنها تعرف بالعمق أن مؤهلاتها لاتسمح لها بذلك، فترتاد الجاسوسية لتحقق شهرة لدى مشغّليها. 

14.   الشخصيّة التي ترى لاعتبارات خبرتها ورؤيتها الخاصة، وخلافها مع الحكام، أن عداءهم لدولة ما سبب في عدم تطور بلدها. فتميل للتجسس لصالحهم، بهدف تعديل ميزان القوى وتبديل السياسات. وهذه ليست شخصية محض جاسوسية نفسيّة؛ إنها أقرب للجاسوسية الإيديولوجية من موقع النقيض الإيديولوجي.  

15. الميل المازوشي-النرجسي المفارق بآن، للتخلّص من الشعور بالهزيمة بالتجسّس لصالح المُنتصر، رفعاً للشعور النفسيّ بالهزيمة. وهذه الشخصية سرعان ما تنقلب ضد من تجسّست لصالحه إذ هُزم هو بدوره في جولة لاحقة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...