ألف ليلة وليلة في مطعم سوري

30-10-2007

ألف ليلة وليلة في مطعم سوري

مدينة ساحرة تشدّك بتألقها وبأضوائها. قصر من قصور الخلافة العباسية، تمضي فيه ليلة بألف ليلة، بين جوار وغلمان يتجولون بخفة ورشاقة ملبين الطلبات، وقد علت وجوههم البسمات.

ما إن تطأ قدماك مدخل المطعم المشيّد على طريق مطار دمشق الدولي حتى يستقبلك مارد ضخم حالك البشرة، يقف ساكناً بلا حراك، أو ارتباك، بزي تاريخي عريق. ثم تهرول إليك جارية حسناء ببشرة بيضاء، بأبهى حلة تدلّك على الطريق للوصول إلى طاولتك المعدّة بإتقان. وعليها من الطعام صنفان، شرقي وغربي، بالإضافة إلى مائدة مفتوحة فيها ما لذّ وطاب.

المفاجأة الكبرى هي في العرض المسرحي المرافق. فرقة «أرابيا» للرقص التي تـــتميز بأدائها المبهر، شهد ولادتها قصر هارون الرشـــيد بحفلة افتتاح حضرها نخبة من مـــثقفين وفنانين ومبدعين ممّن يؤمنون بالتغيير والتطوير بالاعــتماد على كـــفاءات حــقيقية.

وأتى المخاض بعد صبر طويل، لا سيما أن «أرابيا» تنشد التميّز في أعمالها، وتبغي العالمية في رقصاتها، واتخذت اسماً ينسجم مع الرسالة التي نذرت مشروعها الفني لها في حوار الحضارات ثقافياً، محاولةً أن يبرز الفن الشرقي الأصيل، منطلقاً من عرضها الأول «ألف ليلة وليلة» برؤية شرقية تعرض لأفكار وجماليات مبتكرة تخاطب عقل وقلب إنسان هذا الزمان، لتنقله إلى عالم يجمع بين المتعة والفائدة، في تناغم وانســـجام بين الـــشعر الــدرامي الذي خطه قلم الكاتب المـــسرحي محمد عمر وبين الموســـيقى الراقية التي وضـــعها محمد هباش، وبين لغة الجســد الــتي صــاغها بحروف رشـــيقة عبقرية الفنانان محمد عيـــسى ومحمد عودة.

كُتب النص بلغة شعرية رفيعة المستوى، وهي تحكي قصة ظريفة مبتكرة من ليالي شهرزاد، تروي فيها للملك «شهريار» قصصاً خيالية سحرية، تنقذها من حد السيف. واختار المؤلف حكايتين هما «الببغاء المسحور» و «حسن النهار» مستخدماً الأسلوب الروائي نفسه في «ألف ليلة وليلة». وأضافت لغة الجسد على النص حيوية ورشاقة رفعته إلى مصاف العروض العالمية في فن الرقص المسرحي.

وشيّد مطعم «ألف ليلة وليلة» بناءً على فكرة أخّاذة، مستوحاة من العصر العباسي، وقد بدا فانوس علاء الدين السحري في قمته، ساطعاً باللون الذهبي، مضيئاً ظلمات طريق المطار. ويديره عدد من ذوي الخبرة، ممن يتمتعون بالذوق الرفيع. ويتوقع أن يكون جاذباً للسياحة الداخلية والخارجية، خصوصاً بالنسبة الى الأجانب والمغتربين. غير أن الموظف المسكين، عليه أن يفكّر ويحسب في شكل رصين، قبل الدخول إلى ذلك القصر، لأن التمتع بأرجائه، وتذوق أطايبه ومشروباته يقتصر على أصحاب الجاه، وكبار رجال الأعمال، وأصحاب الشركات والعقارات.

هبة الغلايني

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...