«التسوق القهري»: ماذا تعرف عن إدمان العصر الحديث؟

05-03-2018

«التسوق القهري»: ماذا تعرف عن إدمان العصر الحديث؟

 

يتجه الكثيرون إلى المتاجر أو بوابات التسوق الإلكترونية لاقتناص إحدى فرص الخصومات التي تكون في يناير/كانون الثاني من كل عام، ويشعرون بالضيقة المالية حتى موسم التسوق في العام القادم، إذ يُعد موسم الخصومات تقليدًا سنويًا لدى البعض، بل وصل الأمر إلى الاستيقاظ في منتصف الليل للحصول على آخر الفرص التسويقية. وبالنسبة لآخرين، أصبح التسوق أمرًا خارجًا عن السيطرة، ويمثل بالنسبة لهم آلية للتكيف مع الواقع والتغلب على القلق وتقدير الذات المنخفض.

لا يستطيع المتسوقون القهريون مقاومة رغباتهم الداخلية في الشراء بشكل متكرر أو الإنفاق بإفراط، حتى ولو كانوا لا يستطيعون تحمل تكاليف هذه المشتريات، أو حتى لو لم يستفيدوا من هذه المنتجات.

أظهرت دراسة حديثة أن سلوك التسوق القهري ينتشر بين حوالي 5% من البالغين في الدول المتقدمة، خاصة الفتيات من الفئات ذات الدخل المنخفض، وترتفع نسبة الذين يعانون من هذه الحالة المرضية، إذ تشير آخر التقديرات بأن حوالي 14% من البشر مصابون بأحد أشكال تلك الحالة.

تسوّق حتى يغشى عليك

على الرغم من أننا جميعًا قمنا بالشراء اللحظي، مثل شراء قطعة شوكولاتة عند ماكينة الحساب، أو إنفاق جزء كبير من الراتب في يوم استلامه، فإن سلوك الشراء القهري يختلف عن ذلك اختلافًا كبيرًا.

فعلى الرغم من أن أغلب الناس يشترون السلع وفقًا لقيمتها أو فائدتها لهم، فإن المشترين القهريين يشترون السلع لتخفيف الضغط العصبي الذي يعانون منه، أو لاكتساب القبول المجتمعي، أو لتحسين صورتهم الذاتية عن أنفسهم.

يمثل هذا النوع من التسوق سلوكًا إدمانيًا، يتميز بانخفاض القدرة على التحكم في النفس وضعف مقاومة المحفزات الخارجية، ويتسبب هذا السلوك في آثار نفسية واجتماعية ومالية خطيرة للمصابين به ولعائلاتهم.

اعتمد البحث الذي قمت به، بالتعاون مع أجاتا ماكارون-إيجيلن من كلية التجارة والأعمال بجامعة سالفورد، على عينات من المملكة المتحدة وإسبانيا والصين وتشيك، لتطوير آلية فحص جديدة لتشخيص هذا الاضطراب النفسي. وتستخدم هذه الآلية سبعة إقرارات سلوكية، وإذا وافق الشخص بقوة على هذه الإقرارات، فإن ذلك يعد إشارة إلى وجود سلوك شراء قهري.

وتشير النتائج إلى أن هذه الآلية تُشخِّص الشراء القهري بطريقة أكثر فعالية من الآليات التشخيصية المستخدمة حالًا، كما أنها تُميّز بين الحالات المرضية المعتدلة والشديدة، ونهدف في نهاية المطاف باستخدام هذه الآلية لتشخيص اضطراب الشراء القهري مبكرًا، حتى يمكن للمصابين بهذه الحالة الحصول على الدعم الذي يحتاجونه.

إدمان خطير

توصل البحث الذي أجريناه إلى أن هذه الحالة تنتشر بقوة في بريطانيا بالمقارنة بالدول الأخرى موضع الدراسة، كما أنها تنتشر بين الشباب خاصة من الجنس الناعم، ويبدو أن ذلك يرجع إلى أن السلوك المفرط غالبًا ما يكون مقبولاً على المستوى الاجتماعي وبين الأقران في هذه المرحلة العمرية، ولذلك يصعب تشخيص هذه الحالة لوقت طويل.

ويُرجح أن سهولة الحصول على تسهيلات ائتمانية في الآونة الأخيرة قد فاقم من خطورة الوضع، إذ أظهرت دراسة حديثة أن 70% على الأقل من العاملين في بريطانيا يعانون من إفلاس مزمن، إذ يلجأ الكثيرون منهم إلى الاستدانة ببطاقات الائتمان لتغطية نفقاتهم اليومية.

يمكن أن تكون عواقب الشراء القهري على نفس مستوى خطورة الأنواع الأخرى من الإدمان -مثل إدمان الخمور والقمار- إذ يغرق هؤلاء الأشخاص في ديون كبيرة وتنهار علاقاتهم الاجتماعية، ولكن بخلاف الأنواع الأخرى من الإدمان، لا توجد جمعيات خيرية وطنية تهتم بمكافحة الشراء القهري.

ومن ثم، من الضروري أن يكون لدى الأطباء والعاملين في القطاع الصحي القدرة على التعرف على هذا النوع من الإدمان وتقديم الدعم المناسب له، مثل العلاج السلوكي المعرفي؛ إذ لن يكون هناك أمل لعدد متزايد من البشر لاستعادة التوازن في حياتهم إلا من خلال التشخيص ثم تلقي العلاج المناسب.

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...