لقاء نتنياهو- أوباما واستبدال السلام التكتيكي بالمفاوضات التكتيكية

07-07-2010

لقاء نتنياهو- أوباما واستبدال السلام التكتيكي بالمفاوضات التكتيكية

الجمل: شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي مساء الأمس انعقاد فعاليات لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو, هذا وبرغم أن العديد من التقارير الإخبارية الجارية قد سلطت الضوء على لقاء أوباما-نتانياهو الذي جرى بالأمس باعتباره لقاء تجميلي لجهة تشكيل نقطة الانعطاف عن الخلافات والتوترات, فإن بعض التحليلات قد سلطت الضوء بشكل متعدد إزاء مدى أهمية هذا اللقاء: ماهي مصداقية أهمية لقاء نتانياهو-أوباما؟ وماهو محتوى ومضمون هذا اللقاء, وماهي تداعياته الماثلة والمؤجلة؟
- فعاليات لقاء (أوباما- نتانياهو) الخامس ماذا تقول المعلومات؟
جاءت سيارة الليموزين الفاخرة, حاملة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو, وعلى مدخل البيت الأبيض الأمريكي, وقف عناصر المارينز الذين قاموا بتأدية تحية الشرف للضيف القادم بنيامين نتانياهو, والذي بعد إلقاء تحية الشرف, دلف إلى داخل الجانب الأيمن من البيت الأبيض الأمريكي, غير عابئ بمظاهرة المناهضين لإسرائيل التي احتشدت أمام البيت الأبيض الأمريكي منددة بجرائم بنيامين نتانياهو, وجرائم إسرائيل, بالإضافة إلى الشعارات التي تندد بالرئيس الأمريكي باراك أوباما لجهة مطالبته بعدم عقد أي لقاء مع المجرمين الإسرائيلين، وفي مقدمتهم بنيامين نتانياهو.
أكدت التقارير وإفادات شهود العيان, بأن استقبال البيت الأبيض الأمريكي هذه المرة لبنيامين نتانياهو قد تميز بالحفاوة والحرارة  وذلك بخلاف ماحدث في لقاء آذار (مارس) 2010م الماضي, وأضافت المعلومات والتقارير بأن بنيامين نتنياهو قد جلس متحدثاً "رأساً إلى رأس" مع أوباما, وفي هذه الأثناء، كانت سارة سيدة إسرائيل الأولى تلبي دعوة ميتشيل سيدة أمريكا الأولى, لجهة القيام بجولة تفقدية لمختلف أجنحة وأقسام البيت الأبيض الأمريكي..
تقول المعلومات والتسريبات بأن لقاء نتانياهو-أوباما, الذي تّم بالأمس, قد تطرق إلى العديد من القضايا والملفات الشرق أوسطية, والتي من أبرزها:
-ملف المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية.
-ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني.
-ملف التوترات التركية-الإسرائيلية.
انتهى لقاء أوباما-نتانياهو, والذي، إضافة إلى عبارات الترحيب والتأكيد على متانة الروابط الأمريكية-الإسرائيلية المشتركة, فقد توصل اللقاء إلى فهم مشترك تم التعبير عنه ضمن مطلب ضرورة إستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية المباشرة, وذلك دون أي تطرق لأي عبارة أو مطلب يتعلق ببقية الملفات التي تم التفاهم حولها في اللقاء..
-تفضيلات لقاء أوباما-نتانياهو:
أشارت التحليلات الإسرائيلية التي سبقت انعقاد لقاء أوباما-نتانياهو إلى مدى أهمية هذا اللقاء بالنسبة للإسرائيلين وبالنسبة للأمريكيين, وإذا كانت التصريحات الصحفية الصادرة عقب انعقاد اللقاء قد سعت بشقيها الأمريكي والإسرائيلي لجهة حصر مخرجات ونواتج اللقاء في مجرد المطالبة بضرورة استئناف المفاوضات المباشرة الفلسطينية-الإسرائيلية قبل إنتهاء فترة العشر أشهر التي سبق أن حددها نتنياهو كحد أقصى لعملية تجميد الاستيطان, فإن ماسعى أوباما ونتنياهو إلى إخفائه عقب انتهاء اللقاء قد سعت الصحافة الإسرائيلية إلى كشفه مسبقاً، وقبل انعقاد اللقاء..
تحدثت التحليلات السياسية التي سبقت انعقاد لقاء نتانياهو-أوباما, عن ما أطلقت عليه تسمية الإدراك المتبادل بين الطرفين, وذلك ضمن مايمكن الإشارة إليه على النحو التالي:
-يرغب نتنياهو في دفع واشنطن باتجاه إشعال المواجهة ضد إيران، وفي الوقت نفسه يرغب في أن تستمر إسرائيل في مشروعات توسيع الاستيطان دون أي اعتراضات أو رفض من جانب أمريكا..
-يرغب أوباما في دفع تل أبيب باتجاه وقف مشروعات توسيع الاستيطان، وفي الوقت نفسه يرغب في عدم توريط أمريكا في إشعال أي مواجهة مع إيران.
-ينظر نتنياهو للرئيس الأمريكي أوباما, بأنه في أضعف حالاته, طالما أنه غير قادر على الاستمرار في الضغط على إسرائيل، لأن  أنصار إسرائيل قد مارسوا عليه ضغوطاً مكثفة داخل الكونغرس الأمريكي وعبر وسائل الإعلام الأمريكية, إضافة إلى أن أوباما يواجه ضغوطاً مكثفة داخل الحزب الديمقراطي باتجاه ضرورة أن يبذل قصارى جهده بما يتيح للحزب الفوز في انتخابات الكونغرس النصفية القادمة في شهر كانون الثاني (نوفمبر) 2010 القادم.. خاصة وأن فوز الجمهوريين في هذه الانتخابات سوف يترتب عليه سيطرة الأغلبية الجمهورية على الكونغرس.
-ينظر أوباما إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو, بأنه مهما فعل ومهما حاول الاستقواء بأصدقاء إسرائيل الأمريكيين وجماعات اللوبي الإسرائيل،.فإنه ما من سبيل أمامه لتفادي المجيء إلى البيت الأبيض الأمريكي، وإضافة لذلك يرى أوباما بأن الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الأمريكية الداخلية هي السبيل الوحيد للحفاظ على تفوق الديمقراطيين على الجمهوريين.. ولكن, وبرغم ذلك فإن إعطاء القليل من المزايا لبنيامين نتنياهو هو أمر يمكن أن يساعد على الأقل في تخفيف حدة عداءات وخصومات جماعات اللوبي الإسرائيلي ضد الإدارة الأمريكية.
برغم تباين مكونات الإدراك المتبادل بين طرفي لقاء أوباما-نتانياهو, فقد تم التوصل إلى حل المعادلات الخاصة بالطرفين ضمن الصيغة التي تطالب الفلسطينيين بالعودة لإستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل قبل انتهاء مهلة العشر أشهر التي حددها نتنياهو لتجميد مشروعات توسيع الاستيطان.. وفي هذا الخصوص, يمكن الإشارة إلى أن الصيغة المشتركة التي توصل إليها لقاء أوباما-نتانياهو, هي صيغة تنطوي على قدر كبير من سعي كل طرف لجهة المناورة والالتفاف على الطرف الآخر.
-استبدال السلام التكتيكي بالمفاوضات التكتيكية:
نجح لقاء أوباما-نتانياهو في استبدال مفهوم السلام التكتيكي بالمفاوضات التكتيكية, وتوضيحاً لذلك نشير إلى النقاط الآتية:
    -خلال الفترة الماضية ظلت واشنطن تلقي اللوم على تل أبيب لجهة  التمادي في توسيع الاستيطان، وبالمقابل ظلت تل أبيب تلقي باللوم على واشنطن لجهة عدم إدراك مدى حاجة إسرائيل إلى تأمين نفسها. والآن وبعد لقاء أوباما-نتانياهو الأخير, فقد تم تحويل لعبة إلقاء اللوم على الفلسطينين, وبكلمات أخرى فإنه يتوجب على الفلسطينين العودة لطاولة المفاوضات المباشرة مع الإسرائيلين قبل انتهاء مهلة العشر أشهر.. وإلا فإن نتنياهو سوف يستأنف عمليات توسيع الاستيطان.
     -إذا عادت السلطة الفلسطينية لطاولة المفاوضات المباشرة مع الإسرائيلين, فإن رام الله قد تكون منحت قبول الأمر الواقع لعمليات توسيع المستوطنات، إضافة إلى أن رام الله تكون قد أحرجت حلفاء الفلسطينيين في بلدان الاتحاد الأوروبي الذين نددوا وعارضوا قيام إسرائيل بتوسيع الاستيطان.
     -إذا لم يعد الفلسطينين للمفاوضات المباشرة, فإن نتنياهو سوف يعلن عن استئناف عمليات توسيع الاستيطان طالما أن التجميد لم يؤد لاستجابة الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه, إذا عاد الفلسطينيون للمفاوضات فإن نتنياهو سوف يعلن استئناف توسيع الاستيطان, طالما أنه لم يلتزم في لقاء الأمس بأنه سيستمر في تجميد الاستيطان إذا عاد الفلسطينيون للمفاوضات المباشرة.
أبرز مافي الصيغة التي توصل إليها لقاء الأمس الذي جمع بين نتانياهو وأوباما يتمثل في مطالبة الفلسطينين بالعودة لطاولة المفاوضات المباشرة دون أي قيد أو شرط، ودون الحصول على أي مقابل.
أما ماهو أكثر أهمية فيتمثل هذه المرة في سعي إسرائيل لجهة التمادي في استخدام استراتيجية الهروب للأمام كوسيلة للتعامل مع تركيا, وتقول التسريبات بأن تل أبيب قد قررت استبدال الروابط الاستراتيجية مع تركيا، بروابط استراتيجية مع اليونان، وذلك بما يتيح لإسرائيل التحالف مع اليونان واستخدام النفوذ الإسرائيلي داخل أمريكا من أجل دعم الموقف اليوناني في أزمة الملف القبرصي، وأزمة ملف جزر بحر إيجه
، وأزمة ملف الممرات البحرية  بين تركيا واليونان.. وذلك إضافة  إلى السعي من أجل تحويل السياحة الإسرائيلية باتجاه اليونان والجزر اليونانية بدلاً من تركيا.. وأضافت التسريبات بأن تل أبيب قد قررت عدم تراجعها عن مشروع الشراكة الاستراتيجية مع اليونان، إلا إذا تراجعت أنقرة عن مواقفها وشروطها الأخيرة إزاء استمرار العلاقات والروابط الإسرائيلية- التركية.. وبرغم أن لقاء أوباما-نتانياهو لم ينطوي على تسريبات تفيد لجهة ملف أزمة التوترات التركية-الإسرائيلية، فإنه من المؤكد أن ملف أزمة التوترات التركية-الإسرائيلية قد ظل حاضراً بقوة داخل اجتماع البيت الأبيض!! 

                                                                           الجمل قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...