واشنطن تستعجل المحكمة وتبطئ الرئاسةوموسى سيعود إلى بيروت مجدداً

30-01-2008

واشنطن تستعجل المحكمة وتبطئ الرئاسةوموسى سيعود إلى بيروت مجدداً

بلغ مراجع رسمية لبنانية في الساعات الأخيرة تقرير دبلوماسي مصدره واشنطن، كشف عن خطوات ناقشها البيت الأبيض، قبل عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وخلصت إلى خيارات جديدة تتصل بالملفين اللبنانيين الأكثر استحواذاً على اهتمام الإدارة الأميركية، المتعلّقين بالمحكمة الدولية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري وانتخابات رئاسة الجمهورية. وأبرزت المناقشات التي أجراها المسؤولون الأميركيون وتيرتين متناقضتين حيال هذين الملفين، على نحو أظهر مساواتهما في العناية الأميركية بهما، ولكن وفق مقاربة مختلفة لكل منهما. فالاستعجال الذي تريده واشنطن في ملف المحكمة الدولية ومباشرة عملها، يقابله تباطؤ في مسعاها إلى ملء الفراغ. واستناداً إلى ما استخلصته المراجع الرسمية اللبنانية من التقرير، ربطت واشنطن بين وتيرة مناقشتها ملفّي المحكمة الدولية وانتخابات الرئاسة وطبيعة التطورات المتلاحقة ــــ وفي الغالب المفاجآت المثيرة للقلق والجدل في آن واحد ــــ التي تعصف بكل منهما على حدة.
أمّا ما تناوله التقرير الدبلوماسي الأميركي المتّصل بمناقشات البيت الأبيض، فيتوقف عند المعطيات الآتية:
1 ــــ المحكمة الدولية لاغتيال الحريري، وقد تأثرت بدوافع ثلاثة:
ــــ يُعَد اغتيال رئيس الفرع الفني في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الرائد وسام عيد ضربة قاسية تُوجّه إلى المحكمة الدولية، لكونه يرمي إلى تخويف سائر الشهود الرئيسيين المحتملين ممّن يملكون معلومات وأدلة أساسية تدفع بالتحقيق الدولي في اتجاهات بالغة الأهمية لكشف القتلة. ولا يعدو اغتيال عيد كونه تعبيراً مباشراً عن سعي الجناة إلى إرهاب الشهود الفاعلين على نحو يُشعرهم بتجريدهم من الحصانة والحماية لسلامتهم الشخصية وتعرّضهم لتصفية مشابهة، ما إن يبدون في واجهة الحدث وعلى صلة مباشرة بالتحقيق الدولي.
ويأتي تقويم اغتيال عيد بعد محاولة اغتيال الرأس الآخر المهم في فرع المعلومات، ذي الدور المماثل في جمع الأدلة والمعلومات عن اغتيال الحريري، المقدّم سمير شحادة (5 أيلول 2006)، الذي هجر لبنان إلى كندا حتى إشعار آخر، دون أن يستقيل من منصبه.
ــــ يُنظر إلى اغتيال عيد على أساس أن النقيب كان على وشك إنجاز مهمة تفكيك الرموز المتصلة باغتيال الرئيس السابق للحكومة والجرائم الإرهابية التي تلته. ويبدو، استناداً إلى المعلومات التي أوردها التقرير الدبلوماسي الأميركي عن دور عيد المتقدّم في فرع المعلومات، أنه توصّل إلى حقائق دامغة عن أشخاص ضالعين في الجريمة أمكن التعرّف إليهم. وقد قُتل قبل أن ينجز مهمّته، بحيث بات بلوغ نتائج إضافية تتصل بعنصر الاتصالات في اغتيال الحريري والجرائم الإرهابية التي تلته، مهدّداً. وقد يكون هذا هو السبب المباشر لاغتياله الوحشي في 25 كانون الثاني.
ــــ طلبت واشنطن من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي بون تخفيف المتطلّبات المالية كي تباشر المحكمة الدولية عملها دون اصطدام بشروط تمويل سنتها الأولى (45 مليون دولار)، وتوفير التمويل المبكر للسنتين الثانية والثالثة (85 مليون دولار)، كما كان يشترط بان. وبحسب ما ورد في التقرير الأميركي، فإن انطلاق المحكمة الدولية في أسرع وقت ممكن، بما لا يتجاوز منتصف شباط المقبل، سيساعد الإدارة الأميركية على ممارسة ضغوط على كل من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لتسديد الالتزامات المترتبة عليها حيال هذا التمويل. ويرى التقرير أن المسؤولين الأميركيين يستعجلون مباشرة المحكمة الدولية أعمالها لقطع الطريق على خطة تصفية الشهود الأساسيين والمهمين في مسار التحقيقات، ولئلا تفقد بعد ذاك جدواها.
2 ــــ انتخابات الرئاسة اللبنانية: يتّجه موقف الإدارة الأميركية من الاستحقاق الرئاسي نحو خيار توقّفها عن «أن تهدف إلى استعجال انتخاب رئيس جديد للبنان في وقت قريب»، وفق ما ورد في التقرير الدبلوماسي الأميركي، الذي ينقل أيضاً عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، لم يسمّه، تشديده على «عدم تعليق الآمال على قضية الرئاسة اللبنانية وإشغال واشنطن نفسها بها في الوقت الحاضر». ويعزو موقفه إلى عاملين تجدهما إدارته إيجابيّين في محافظة الوضع اللبناني على «ثبات حالي» رغم بعض الاضطرابات السياسية: أوّلهما تخلّصها من وجود الرئيس إميل لحود في رئاسة الجمهورية، بما يرمز إليه وجوده وعلاقته بسوريا، وثانيهما وجود «قائم بأعمال الرئاسة» هو رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
ويلاحظ المسؤول نفسه، وفق ما ينسب إليه التقرير الدبلوماسي، أن هذا «ثمن زهيد كي يبقى لنا في السلطة في بيروت حكومة صديقة».
وبحسب تقويم التقرير، فإنّ موقف المسؤول الأميركي الكبير يستمد جدّيته من ردّ فعل الإدارة الأميركية على المبادرة الفرنسية والجهود المتلاحقة التي قام بها وزير الخارجية برنار كوشنير لحل الأزمة اللبنانية في سبع زيارات لبيروت، إذ بدت باريس أكثر استعجالاً من واشنطن لانتخاب رئيس توافقي للبنان، ولم يكن الأمر موضع ترحيب واشنطن، لا في العجلة، ولا في تأييد مواصفات المرشح التوافقي، مما حمل وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على تدارك الاندفاع الفرنسي، عندما اتصلت بكوشنير إبان رعايته حواراً بين رئيس المجلس نبيه بري ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري. فبعد توصّل الرجلين في 5 كانون الأول إلى مسوّدة تفاهم على أن يوقّعاها في اليوم التالي، تلقّى كوشنير من رايس في 6 منه مكالمة هاتفية حملت لوماً له على جهوده التي «تضعف حلفاءنا في 14 آذار وتقوّي عدوّنا حزب الله». فكان أن اختار مغادرة لبنان في 7 كانون الأول. ثم جاءت زيارتا مساعد رايس لشؤون الشرق الأدنى دافيد ولش لبيروت في موعدين فصلت بينهما أيام قليلة، أولى في 15 كانون الأول، وثانية في 18 منه غداة اجتماع رايس بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس، وحضر معه في الزيارة الثانية مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي إليوت أبرامز بغية تأكيد دعم واشنطن لقوى 14 آذار وحضّها على الاستمرار في تصلّبها، وتخفيف نزوع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط نحو تسوية سياسية مع خصومه، ولا سيما حزب الله.

وقالت مصادر أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، سيزور بيروت في الثالث من الشهر المقبل، وفي ضوء ما سيحمله سيتحدد مصير المبادرة العربية.
ونقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الأخبار» عنه قوله إن موسى إذا حمل أفكاراً جديدة تساعد على تحقيق التفاهم بين الموالاة والمعارضة، فإن المبادرة العربية يمكن أن تبلغ خواتيمها المرجوّة، وخصوصاً بعد إسقاط التفسيرات التي أعطاها موسى لها خلال زيارته الأخيرة لبيروت، والتي كانت سبباً من أسباب فشل مهمته يومها.
لكن بري يؤكد في الوقت نفسه أن المنطلق لحصول أي تفاهم لا يمكن أن يتم ما لم تحصل تطورات إيجابية على جبهة العلاقة السورية ـــــ السعودية.
وإذ تتساءل مصادر نيابية عمّا إذا كانت قطر ستؤدّي دوراً للتقريب بين دمشق والرياض، تحدثت عن تطور إيجابي مطّرد تشهده العلاقات بين طهران وكل من القاهرة والرياض. فرئيس مجلس الشورى الإيراني حداد عادل يزور مصر حالياً، فيما يزور الرياض الآن مسؤول إيراني رفيع المستوى، وقد التقى عدداً من المسؤولين السعوديين الكبار.
وقالت المصادر نفسها لـ«الأخبار» إن الاهتمامات منصبّة حالياً على التحقيقات الجارية في حادثة مار مخايل بين الجيش والمتظاهرين، يوم الأحد الماضي، التي سقط فيها سبعة مدنيين وعشرات الجرحى.
وأكدت هذه المصادر أن التحقيقات ستنجز قبل مجيء موسى، وقالت إن قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي التزم أمام بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي التقاه مساء أول من أمس، بإنجاز هذا التحقيق سريعاً، مؤكداً أنه يرى نفسه شخصياً مستهدفاً من خلال كونه مرشح التوافق لرئاسة الجمهورية، ولذا فإنه حريص على معرفة من سبّب هذه الحادثة.
وذكرت المصادر أن قيادتي حركة «أمل» وحزب الله تريدان معرفة الحقيقة بقوة قبل مجيء موسى، لأنه إذا ثبت وجود أي تورط مقصود للجيش في ما حصل فإنهما ستعلنان أنّهما في حلّ من تأييد ترشيح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية وستبلغان هذا الموقف إلى الأمين العام للجامعة العربية.
وأشارت المصادر إلى وجود تواصل يومي بين قيادة الجيش وقيادتي الحركة والحزب بشأن مجريات التحقيق الذي وعد العماد سليمان بإنجازه خلال أيام.
إلى ذلك، نقل زوار بري عنه قوله إنه وجد في الموقف الذي أعلنه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من حادثة الضاحية ما يميّزه إيجاباً عمّا صدر من مواقف اتّسمت بالتحريض من بعض أقطاب فريق 14 آذار.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...