كيف أصبح الدين دوت كوم؟

24-05-2011

كيف أصبح الدين دوت كوم؟

شئنا أم أبينا، ثمة اعتراف ندين به للعالم الافتراضي بأنه بات أكثر حضوراً وواقعيّة من عالمنا الواقعي نفسه، حتى بدأ يتلاشى الخط الفاصل بين العالمين في مناح مختلفة من حياتنا. ولكن أن يتمدّد حيّز ";التشبيك"; إلى الدين والمقدسات فهو ما لم يكن بالحسبان بالنسبة لرجال الدين في المقام الأول. ولكن لمَ العجب، فالدين في أساسه قائم على الماورائيات ومحاولة تجسيدها بأفعال ماديّة، فما يمنع أن يستغل العالم الافتراضي هذه الفكرة مثلاً لتكون السماء افتراضية، والصلوات افتراضية وفعل الاعتراف افتراضياً...؟! لقد لفتت المدونات الدينية على شبكة ";الويب";، في الآونة الأخيرة، رجال الدين في الديانات الكبرى إلى وجود منافس حقيقي يهدّد مكانتهم التقليدية. فإذا استخدمنا محرك البحث ";غوغل"; وكتبنا كلمة ";Religions"; سوف يظهر أكثر من 223 مليون صفحة ";ويب"; مرتبطة بالدين بشكل أو بآخر، حسب ما ذكرت صحيفة ";لوفيغارو"; الفرنسية. وفيما أصبح الدين هوساً معولماً يطل علينا في منتجات حديثة، يجدر التذكير بأنه عام 2009 صدر تقرير يحصي المنتسبين لكل دين حول العالم، وكانت النتيجة ملياري مسيحي، وملياراً ونصف المليار مسلم، و900 مليون هندوسي، و400 مليون بوذي، و24 مليون من السيخ، و16 مليون يهودي وغيرهم، وهم في صدد الاتجاه، بشكل أو بآخر، إلى العالم الافتراضي، وفق ما ذكرت صحيفة ";لوفيغارو"; الفرنسية. ولا يمكننا أن نتغاضى هنا عن الإحصاء الذي أجري عام 2004، حيث أظهر ان الديانات الكبرى وجدت نفسها على الإنترنت على قدم المساواة مع ملل جديدة، أو ملل موغلة في القدم أتاح لها الانترنت الانبعاث من جديد، وروّجت لنفسها كديانات كبرى. فالطائفة ";الرائيلية"; التي شغلت العالم منذ بضع سنوات، كان لها 5 مواقع على الإنترنت، مقابل أكثر من 29 ألف موقع للمسيحية، وحوالى الفي موقع إسلامي، و732 موقعا بوذيا، و305 مواقع للكنيسة السيونتولوجية (كنيسة دراسة المعرفة او البحث في الحقيقة)... لكن الجميع على الشبكة! ومن يبحر في الانترنت يلاحظ فيضاً متزايداً من البرامج والخدمات التي تتيح لمن يحب أن يصلي في أي وقت زيارة مسجد افتراضي يحترم الشعائر المعروفة كافة، أو كنيسة قريبة مزينة بالورود ... ولا ننسى النشرات الدينية، ومنتديات النقاش المرتبطة بالمؤسسات الدينية، والأنشطة الدينية التي تبدأ بالدعوة والتبشير، ولا تنتهي بتقديم المشورة الدينية والفتاوى، والحج الافتراضي، والتجارة الالكترونية الدينية. وتستفيد الديانات الكبرى من الشبكة في توفير النصوص القديمة وجعلها في متناول الجميع، فضلاً عن توفير فرصة غير مسبوقة للنفاذ إلى التجارب الدينية لمئات الملايين من الناس من كل بلد من بلدان العالم. حتى أن السلفيين الذين ينادون بعودة الخلافة ومحاكاة مظاهر الحياة في عهد النبي، ويرذلون مظاهر الحضارة الحديثة، قد مسّهم ";هوس"; العالم الالكتروني، وحجزوا لهم مكاناً فيه من خلال الفتاوى والدعوات المخصصة لهداية ";من ضلّوا السبيل";. والفاتيكان لم يكن بعيداً عن الموجة كذلك. ولكن الجانب الآخر للانترنت فتح الباب على مصراعيه للتعرف على الانتقادات والآراء المخالفة، ليغيّر كثير من ";المؤمنين والأتباع"; دياناتهم بسرعة بعد أن ظلوا لسنين متمسكين بها، فمنهم من ";ارتدوا وكفروا"; بدين آبائهم وأوطانهم واعتنقوا أدياناً جديدة، ومنهم من فضل العيش بلا دين... وكل ذلك بنقرة واحدة لا غير.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...