تعويضات المغتصبات الجزائريات

16-04-2006

تعويضات المغتصبات الجزائريات

كشفت مصادر قضائية  أن الرئيس بوتفليقة شدد في أمره الموجه لوزير العدل على أن تكون المبالغ المالية التي ستمنح لهذه الفئة تتجاوز الـ2 مليون دينار تعويضا عن الأضرار المعنوية التي لحقت بهذه الشريحة من المجتمع، على أن تسبق هذه العملية بتحقيقات وإحصاء لهذه الفئة من قبل المصالح المخولة بذلك· ورفض الرئيس، مثلما أضافت المصادر القضائية، أن ''ينشر المرسوم المتضمن التكفل بهؤلاء النساء المغتصبات مثل الضحايا الآخرين للمأساة الوطنية، للحفاظ على حياتهن الشخصية ولكي لا يلفظهن المجتمع، مؤكدا على ضرورة التكفل ومعالجة هذا الملف بكل عناية وتبصر''·
ويأتي قرار الرئيس التكفل بهذه الشريحة التي أشارت ''الخبر'' في عددها الصادر يوم 30 مارس الماضي إلى أن مراسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية همشت هذه الشريحة، وإثر مراسلة وجهها له رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، السيد فاروق قسنطيني، في بداية الشهر الجاري يذكره فيها بما أسماه ''بتجاهل النساء المغتصبات من قبل الجماعات الإرهابية في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية''· وحسب السيد فاروق قسنطيني في تصريح لـ ''الخبر'' فإن هيئته اقترحت على الرئيس أن يكون تعويض هذه الشريحة من النساء أكثر من التعويض الذي تلقته كل الشرائح المعنية في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والتي حظيت بمرسوم خاص صدر في 5 أفريل الماضي، وأرجع رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان ذلك إلى الأضرار المعنوية التي لحقت بهؤلاء النساء بداية من الآثار الناجمة عن الاغتصاب وعقاب المجتمع الذي أدانهن بشدة، إضافة إلى الأضرار المادية والجسمية التي لحقت بهذه الفئة عند الاغتصاب الذي تم في كثير من الحالات بعد الاختطاف أو عن طريق رضا الوالدين·
وأكد السيد قسنطيني أن مسؤولي اللجنة يستقبلون يوميا هذه الشريحة من المجتمع لذلك فهم واعون بالأضرار الجسيمة التي تتخبط فيها هذه الفئة من النساء·
وكانت ''الخبر'' قد أشارت في عدد 30 مارس الماضي إلى أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أقصى مئات النساء المغتصبات من قبل الجماعات الإرهابية والأطفال المولودين من العلاقات غير الشرعية، وهو الأمر الذي دفع رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان إلى مراسلة رئيس الجمهورية يذكره بهذا الإقصاء واقتراحه التكفل بهذه الفئة من النساء، اللائي يعدن الأكثر تأثرا من المأساة الوطنية نظرا للآلام الجسمية والنفسية التي لحقت بهن خلال العشرية الماضية·

 

ميثاق السلم والمصالحة يقصي المغتصبات وأطفالهن

 

أكدت مصادر مطلعة من وزارة العدل لـ''الخبر'' أن لا أثر للنساء اللائي اغتصبتهن الجماعات الإرهابية في مراسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الأمر الذي أدى إلى تسجيل فراغ قانوني للبت في مصير هؤلاء النساء بالنسبة للقضاء أو للدفاع عنهن· وطرحت المصادر ذاتها مشكلة الأضرار الاجتماعية التي قد تلحق هذه الفئة في حالة ما إذا تم تحديد حقوقها في مرسوم معين·
وكشف السيد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان أن اللجنة سترفع قريبا رسالة إلى السيد عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية، تذكره بإقصاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لشريحة النساء المغتصبات من قبل الجماعات الإرهابية والأطفال ضحايا هذه العمليات· ووصف قسنطيني في تصريح لـ''الخبر'' هذا الإقصاء بانتهاك لحقوق الإنسان، وأوضح أن هذه الفئة هي الأكثر تأثرا من المأساة الوطنية نظرا للآلام الجسمية والنفسية التي لحقت بها خلال العشرية الماضية وقد تظل تطاردها·
وبعد أن اعترف رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان بالأضرار الاجتماعية التي قد تلحق بهذه الفئة من النساء والأطفال بحكم أفكار اجتماعية سلبية، أكد أنه يمكن تحديد حقوق هؤلاء النساء والأطفال انطلاقا من تحقيق مباشر لمصالح الأمن ليتم تحديدها في قائمة وطنية تبقى في السر والكتمان عن طريق مرسوم رئاسي لا ينشر·
واعتبر قسنطيني أن هذه العملية قانونية ولا تضر بهذه الفئات بل تحفظ حقوقها سواء تعلق الأمر من جانب المجتمع أو التاريخ أو القضاء الجزائري بعد تحديد عددها والتأكد مما أصابها من طرف مصالح الأمن مثلما هو الأمر بالنسبة لضحايا المفقودين·
من جانبها اعتبرت السيدة نادية آيت زاي، رئيسة المركز الإعلامي والتوثيقي لحقوق المرأة والطفل، عدم إدراج النساء المغتصبات من طرف الجماعات الإرهابية والأطفال ضحايا هذه العمليات في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي استفتي فيه الشعب الجزائري منذ ستة أشهر بمثابة التستر على مشكل وطني سينفجر لا محالة في يوم من الأيام في شكل جرائم اجتماعية قد لا تحمد عقباها·
وأوضحت السيدة نادية آيت زاي، التي تعتبر محامية أيضا، أنه قبل الحديث عن أي تعويض أو إدراج لحقوق لابد من الاعتراف بهذه الفئة قبل كل شيء، وهو ما لم يتم بعد، حيث لا يمكن اعتبار النساء المغتصبات من طرف الجماعات الإرهابية، حسب المتحدثة، مثل ضحايا إرهاب وفقط، لأنهن ضحايا بصورة مضاعفة، إذ إلى جانب كونهن ضحايا المأساة الوطنية فهن أيضا ضحايا اعتداء جنسي وجسدي انتهك شرفهن وأدخلن في كابوس الرعب· والتعويض عن هذا الضرر، حسب السيدة نادية، لابد أن يكون معنويا وعن طريق اعتراف رسمي بوجود هذه الفئة من المجتمع ثم تعويض مادي يأخذ بعين الاعتبار الحياة الاجتماعية لهؤلاء النساء والأطفال، وقبل كل شيء تحديد أيضا أنواع الاغتصاب إن كان بموافقة العائلة، أم عن طريق الاختطاف أو المغرر بهن· ودعت رئيسة المركز الإعلامي والتوثيقي لحقوق المرأة والطفل ضرورة أن تنظم هذه الفئة نفسها في جمعية مستقلة يتسنى لها الدفاع عن حقوقها بنفسها لأنها ضحية مشكل دقيق وحقيقي للمأساة الوطنية، وإذا ما لم يتم أخذه بعين الاعتبار فهذا يعني أن جزءا كبيرا من المجتمع خاصة أطفال ضحايا عمليات الاغتصاب سيعيشون في دوامة عنف ستؤثر لا محالة على المجتمع في المستقبل القريب·
أما السيدة كراجة، رئيسة الجمعية الوطنية للطفولة المسعفة، فقد أشارت إلى أن عدم تحديد مراسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لهذه الفئة يخدمها أكثر مما يؤثر عليها، حيث كشفت المتحدثة أن لجوء مصالح الأمن في حقبة زمنية معينة إلى فتح المجال لهؤلاء النساء للحديث عن مأساتهن قد أدخلهن مع مر الأيام بسبب ''معاقبة'' المجتمع لهن في مشاكل كبيرة· وتضيف السيدة كراجة أنها ترى اليوم إحدى هذه الفتيات فاقدة لعقلها وأخرى انتحرت بعد أن اختفت لسنوات عديدة· وعدم وضع السلطات علامة ''مغتصبة''، كما تضيف، السيدة كراجة على أسماء هؤلاء النساء طريقة لحمايتها من الضغط الاجتماعي والأمر، ينطبق كذلك، حسب المتحدثة، على الأطفال ضحايا هذه العمليات، حيث تفضل السيدة كراجة أن تبقى الدولة المتكفل الأول بهؤلاء الأطفال مثلما هو الأمر بالنسبة لكل الأطفال الذين تم التخلي عنهم·

 

 

 

المصدر : الخبر الجزائرية 16/4 و 30/3

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...