تداعيات تعاون الأنظمة الخليجية في قمع التظاهرات الشعبية

15-03-2011

تداعيات تعاون الأنظمة الخليجية في قمع التظاهرات الشعبية

الجمل: دخلت مساء أمس الاثنين 14 آذار (مارس) 2011 قوات درع الجزيرة إلى مملكة البحرين، وذلك من أجل القيام بعمليات حفظ الأمن والاستقرار: فما هي حقيقة وطبيعة دخول هذه القوات؟ وما هي ولايتها الحقيقية لجهة القيام بإنجاز مهامها؟ وما هي ردود الأفعال الداخلية والإقليمية والدولية المتعلقة بدخول هذه القوات؟ وما هي حسابات الفرص والمخاطر المترتبة على دخول قوات درع الجزيرة للبحرين؟خارطة مملكة البحرين وجسر الملك فهد -أو جسر المحبة- الرابط بينها وبين السعودية
* التدخل العسكري الخليجي في البحرين: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات بأن قوات درع الجزيرة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي قد بدأت تقدمها بالأمس ودخلت مملكة البحرين، وفي هذا الخصوص أشارت التقارير الجارية إلى الآتي:
•    حجم القوات: تتكون من 1000 جندي و500 شرطي.
•    جنسية القوات: 1000 جندي سعودي و500 شرطي إماراتي.
•    تسليح القوات: الصنف السائد في القوات السعودية هو استخدام العربات المدرعة أما الشرطة الإماراتية فهي قوات شرطة مجهزة لعمليات مكافحة الشغب.
•    ولاية القوات: القيام بعمليات حفظ الأمن والاستقرار بالتعاون مع قوات الجيش والشرطة البحرينية.
هذا، وأضافت التقارير والمعلومات بأن إرسال القوات السعودية والشرطة الإماراتية كان بسبب طلب رسمي تقدمت به السلطات البحرينية بالاستناد إلى اتفاقية التعاون الأمني المعتمدة التطبيق بين أطراف منظمة دول التعاون الخليجي.
* أبرز ردود الأفعال إزاء تدخل قوات درع الجزيرة
تقول المعلومات والتسريبات بأن الأغلبية العظمى في الساحة السياسية البحرينية قد نظرت بعين الشكوك والريبة إلى الحد الذي دفع رموز حركات المعارضة السياسية البحرينية الشيعية إلى اتخاذ المواقف الآتية:
•    الرفض القاطع لدخول قوات درع الجزيرة.
•    التعامل مع هذه القوات على أساس أنها جاءت لقمع الاحتجاجات الشعبية وحماية النظام الملكي.
•    اعتبار هذه القوات بمثابة نقطة البداية لاحتلال عسكري سعودي تم على خلفية الدعم والسند الأمريكي.
•    النظر لمهمة هذه القوات على أساس أنها تنطوي على أبعاد طائفية تستهدف قمع طموحات الأغلبية السكانية البحرينية الشيعية، خاصة أن قوام هذه القوات من العناصر السنية.
هذا، وقد تعززت ردود أفعال السكان البحرينيين أكثر فأكثر من خلال الأداء العسكري السلوكي الأول لحظة دخول هذه القوات، فقد ذهبت على الفور إلى المناطق السنية حيث تمركزت ثم انطلقت بعد ذلك باتجاه استهداف المناطق الشيعية، وتقول التقارير والتسريبات بأن هذه القوات قامت بعمليات إطلاق عشوائي للرصاص في الأحياء الشيعية.
أما بالنسبة لردود الأفعال الإقليمية فقد تمثلت بالآتي:
-    الرفض الإيراني القاطع للتدخل بواسطة قوات درع الجزيرة في البحرين، إضافة إلى التحذير من تداعيات ما سوف يؤدي إليه وجود هذه القوات في مثل هذا الوقت وأغراض ولاية هذه القوات.
-    القبول والدعم الخليجي غير المحدود لدخول قوات درع الجزيرة في البحرين باعتباره يمثل الخطوة الأولى ليس لجهة الأزمة السياسية البحرينية وحسب، وإنما لجهة ردع الأزمات السياسية الخليجية الأخرى الدائرة حالياً في السعودية وسلطنة عمان إضافة إلى ردع احتمالات تصاعد الأزمات الاحتجاجية المشابهة في الكويت والإمارات ودولة قطر.
هذا، وما كان لافتاً للنظر في الموقف الأمريكي الذي ركز على أن دخول قوات درع الجزيرة لبحرين لا يشكل أي عملية غزو عسكري أو احتلال عسكري للمملكة. وفي نفس الوقت شددت المواقف الأمريكية على ضرورة احترام حقوق وطموحات المحتجين البحرينيين، وصرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مطالبة السلطات الملكية البحرينية بضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
* الأبعاد غير المعلنة لنشر قوات درع الجزيرة في البحرين
أشارت العديد من تحليلات مراكز الدراسات الأمريكية إلى ما أطلقت عليه تسمية «الحرب السرية السعودية-الإيرانية في الخليج» وفي هذا الخصوص أشارت مراكز الدراسات من خلال تقارير تحليلات الحدث الجاري إلى النقاط الآتية:
•    وجود أقلية سنية مسيطرة في مواجهة وجود أغلبية شيعية.
•    تنظيم الأغلبية السكانية الشيعية ضمن كيانات سياسية يتضمن تصنيفها السياسي-المذهبي: حركة الوفاق ويغلب عليها الطابع الشيعي المعتدل، والحركات الأخرى التي يغلب عليها الطابع الشيعي المتشدد هي: حركة حق، حركة وفا وحركة الحرية الإسلامية البحرينية.
•    تم إنشاء حزب الله البحريني عام 1985 بإشراف الزعيم الشيعي هادي المدرسي.
هذا، وأضافت المعلومات التي أوردتها تقارير مراكز الدراسات إلى هادي المدرسي ظل يقوم بعملية التنسيق بين حزب الله البحريني وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إضافة إلى العمل على تعزيز تسليح وتدريب عناصر حزب الله البحريني بالانطلاق من جنوب العراق.
تقول المعلومات بأن الدوائر الخليجية السنية الحاكمة تنظر إلى الأغلبية المجتمعية البحرينية والأقليات الشيعية الخليجية الأخرى باعتبارها وسائط تسعى لنقل نموذج الثورة الإسلامية الإيرانية إلى منطقة الخليج، وبالتالي فقد ظلت الأجهزة الخليجية تقوم بعملية رصد مستمرة لهذه المجتمعات.
أما على الجانب الإيراني، فقد نفت المصادر وجود أي نوايا إيرانية لجهة استخدام المجتمعات الشيعية الخليجية من أجل زعزعة استقرار الخليج، ولكن، ما هو لافت لنظر واهتمام السلطات الإيرانية هو التحركات السعودية والخليجية والأمريكية والغربية لجهة الآتي:
-    تضخيم التصورات التي تسعى لتقديم إيران ليس باعتبارها بلد جار وإنما باعتبارها مصدراً للخطر المهدد لأمن واستقرار الخليج.
-    التعاون مع خصوم إيران الإقليميين والدوليين لجهة حشد الأساطيل العسكرية الأجنبية في المنطقة.
-    شراء المزيد من الأسلحة المتطورة ونصبها في مواجهة إيران.
-    الدخول والمشاركة في المناورات والتدريبات مع القوات الأجنبية في المنطقة.
-    تزايد التحركات السياسية والدبلوماسية الخليجية الزاعمة بالعمل من أجل ردع الخطر الإيراني.
هذا، ويقول الخبير الإستراتيجي جورج فريدمان، بأن خروج أمريكا من العراق سوف يخلق فراغاً إستراتيجياً أمريكياً في منطقة الخليج، وبالتالي، فإن إيران هي الدولة الأكثر قدرة على التقدم وملء هذا الفراغ الأمريكي في العراق، أما بالنسبة للبحرين، فإن الإطاحة بالنظام الملكي السني الحليف لأمريكا سوف يعني بالضرورة أن البديل سوف يكون نظاماً تسيطر عليه الأغلبية الشيعية، بما يؤدي إلى ارتباطه مع إيران، وهو أمر سوف يؤدي بدوره إلى إتاحة الفرصة لطهران لكي تتقدم خطوة إضافية لجهة التمركز في الجانب الغربي من الخليج، وبالتالي، فإن النتيجة سوف تتمثل في انقلاب كامل لبنود معادلة الحسابات الإستراتيجية الأمر الذي لا تخشاه أمريكا وحسب، وإنما السعودية وبقية بلدان الخليج السنية المذهب، وإضافة لذلك، أشارت بعض التحليلات الأخرى إلى أن دخول قوات درع الخليج هو في حقيقة الأمر دخول فعلي للقوات السعودية تحت غطاء تسمية درع الخليج، وبالتالي، فإن المواجهة السنية-الشيعية قادمة لا محالة في البحرين.
وتأكيداً على ذلك، فقد سعت واشنطن منذ فترة إلى الاتفاق مع الرياض على سيناريو يتضمن توزيع الأدوار على النحو الآتي:
•    أن تقوم القوات السعودية بدخول البحرين تحت غطاء قوات درع الجزيرة، بما يوفر للتدخل السعودي غطاء الشرعية الإقليمية.
•    أن تقوم واشنطن على المستوى العلني بالظهور بمظهر الداعم لحقوق الأغلبية السكانية الشيعية.
وتأسيساً على ذلك، يتوقع محور واشنطن-الرياض أن يساعد الموقف الأمريكي في تخفيف روح العداء لواشنطن في أوساط الرأي العام البحريني، ولكن في نفس الوقت يمثل وجود القوات السعودية دور الرادع بما يؤدي إلى دفع المحتجين البحرينيين إلى المفاضلة بين "العصا" السعودية و"الجزرة" الأمريكية ويذهبون باتجاه الحوار وتقديم التنازلات اللازمة لإجراء الصفقة!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...