الأبعاد المعلنة وغير المعلنة في لقاء أردوغان – أوباما

08-12-2009

الأبعاد المعلنة وغير المعلنة في لقاء أردوغان – أوباما

الجمل: شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي يوم أمس الاثنين 7 كانون الأول (ديسمبر) 2009 م لقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب  أردوغان مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما, فما هي الأبعاد المعلنة وغير المعلنة التي انطوى عليها جدول أعمال لقاء أردوغان – أوباما ؟
* الأبعاد المعلنة للقاء أردوغان- أوباما:
أشارت التقارير إلى أن لقاء أردوغان- أوباما الأخير هذا, قد مثل أول لقاء رسمي بين الطرفين, منذ زيارة أوباما لتركيا التي تمت في مطلع فترة صعود الإدارة الأمريكية الجديدة.
تضمن النقاش بين الطرفين حواراً حول العديد من القضايا والملفات, والتي تمثلت في البنود الآتية.
• الدور التركي القادم في أزمة أفغانستان:أكدت التقارير بأن واشنطن طلبت من تركيا إرسال المزيد من القوات للمشاركة إلى جانب القوات الأمريكية في حرب أفغانستان, وذلك على أساس أن تركيا ليست مجرد عضو في حلف الناتو وحسب, وإنما هي حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية, ولكن, وبالمقابل, فإن أنقرا أبدت المزيد من التحفظات إزاء إرسال المزيد من القوات التركية إلى المسرح الأفغاني, وأضافت المعلومات بأن وجهة نظر أنقرا قد استندت إلى حقيقة أن إرسال المزيد من القوات التركية يتطلب موافقة البرلمان التركي, ومن الصعب في ظروف معارضة الرأي العام التركي المتزايدة للحرب, أن يقدم البرلمان التركي موافقته على أي طلب بإرسال المزيد من القوات, إضافةً إلى أن أنقرا, ترى بأنه من الضروري أن ينحصر الدور التركي في أفغانستان على الجوانب المتعلقة بالجوانب الإنسانية و الإعمار والتدريب, وليس العمليات الحربية القتالية.

حوار أردوغان-أوباما, ركز على مدى إمكانية وكيفية رفع عدد القوات التركية الموجودة في أفغانستان من 1000 عنصر إلى 1750 عنصر, هذا, وبرغم وضوح وجهة النظر التركية, فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونيز ومعه السفير الأمريكي جيمس جنفري, قد أكدا للرئيس أوباما _ وبكل وضوح _بضرورة الضغط على تركيا بكافة السبل الممكنة لجهة الموافقة والقيام بإرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان.

• الدور التركي القادم في أزمة إيران:أكد الرئيس أوباما, على ضرورة أن تقوم أنقرا بدور رئيسي في حل أزمة البرنامج النووي الإيراني ,وذلك, بما يتضمن قيام أنقرا بعملية وساطة حقيقية بين طهران ومجموعة ال (5+1), وأضافت التقارير بأن واشنطن ترى بأن أنقرا مؤهلة لجهة القيام بالوساطة وذلك بسبب ملف العلاقات الثنائية التركية-الإيرانية, والذي يتيح لأنقرا بعض المزايا التي تستطيع تركيا استخدامها ك "رافعة" لدفع طهران باتجاه الموافقة والقبول على شروط عرض مجموعة ال (5+1) بإرسال اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى الخارج من أجل رفع تخصيبه ,ولكن, بدون ضمانات ملزمة بإعادة اليورانيوم المخصب إلى إيران!!
تقوم وجهة النظر الأمريكية على فرضية أن فرض أي عقوبات دولية _وتحديداً جولة العقوبات الدولية الجديدة الرابعة التي سوف تسعى واشنطن إلى فرضها على إيران _سوف لن تؤدي إلى مفعولها المطلوب, إذا لم تلتزم تركيا بتطبيقها, خاصةً وأن تركيا تمثل واحداً من أهم وأكبر الشركاء التجاريين لإيران, إضافةً إلى أن تركيا يمكن أن تلعب دور الممر الخارجي لإيران لكي تفلت من إحكام طوق العقوبات الجديدة عليها.
هذا ومن الواضح, أن إقناع أنقرا لجهة القيام بإرسال المزيد من القوات التركية إلى أفغانستان, سوف لن يكون سهلاً في ظل وجود حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية, إضافةً إلى أن التزام تركيا بفرض جولة العقوبات الدولية الرابعة الجديدة ضد إيران, سوف لن يكون ممكناً لأن الاقتصاد التركي, سوف يتعرض للمزيد من ضغوط الأزمة الاقتصادية العالمية, إذا توقفت المعاملات التجارية-الاقتصادية بين تركيا وإيران, خاصةً أن حجم المعونات الأمريكية المقدمة إلى تركيا, لن يكون كافياً بما يتيح لأنقرا سد العجز الذي سوف يتعرض له ميزان المدفوعات والميزان التجاري التركي.

* الأبعاد غير المعلنة للقاء أردوغان-أوباما؟
تتضح الأبعاد غير المعلنة في لقاء أردوغان-أوباما ,من خلال تتبع التطورات الجارية على خط تل أبيب-باريس ,وفي هذا الخصوص نقلت التقارير التطورات والوقائع التالية:
• تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أكد فيها مرة أخرى بأن إسرائيل لا ترغب في وساطة أنقرا في محادثات إسرائيل مع سوريا, وذلك على أساس اعتبارات أن القيادة الإسرائيلية أصبحت ترى أنقرا باعتبارها "وسيطاً غير نزيه" في المحادثات السورية - الإسرائيلية.
• تصريحات بنيامين نتنياهو لجهة الطلب من الرئيس الفرنسي ساركوزي بضرورة أن تقوم باريس بعملية الوساطة في المحادثات السورية الإسرائيلية بدلاً من تركيا.
ولكي تتضح الصورة أكثر فأكثر, نشير إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما, قد تحدث مع أردوغان, طالباً منه أن تركز تركيا خلال الفترة القادمة على القيام حصراً بالوساطة في ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, أما بالنسبة لرغبة تركيا القيام بدور الوسيط في ملفات الشرق الأوسط, فإن تحقيق هذه الرغبة يتطلب من أنقرا أولاً وقبل كل شيء, العمل لجهة تحسين علاقاتها وروابطها مع إسرائيل.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن وجهة نظر الرئيس الأمريكي أوباما هذه تنسجم مع مضمون ومحتوى زيارة الوزير الإسرائيلي الجنرال بنيامين بن إليعازر التي قام بها خلال الأسابيع الماضية إلى تركيا, والتي ركز فيها الوزير الإسرائيلي على دعوة تركيا لجهة القيام بتحسين علاقاتها وروابطها مع إسرائيل بشكل قابل للتحقق  بالنسبة للإسرائيليين.
وبعد ذلك, فإن إسرائيل سوف توافق على استمرار أنقرا بدور الوساطة في المحادثات السورية الإسرائيلية.
الدور الإقليمي التركي الشرق أوسطي:إلى أين ؟
من الواضح أن تطابق منظور واشنطن مع منظور تل أبيب إزاء اشتراط أن يكون تحسين تركيا لعلاقاتها مع إسرائيل بشكل مقنع للإسرائيليين, كثمن لاستئناف تركيا لوساطتها بين سوريا وإسرائيل ,هو تطابق ينطوي على الأهداف غير المعلنة الآتية:
• إبعاد تركيا ليس عن ملف الصراع العربي-الإسرائيلي وعن سوريا,مع رغبة بالقضاء على مشروع حزب العدالة والتنمية الرامي إلى إدماج تركيا ضمن بيئتها الشرق أوسطية.
• الإيقاع بين تركيا وإيران, وخاصة إذا أدركت طهران بأن الوساطة التركية تهدف إلى ابتزاز القدرات الإيرانية .
• خلق التناقضات بين حكومة حزب العدالة والتنمية والرأي العام التركي ,طالما أن الرأي العام التركي يرفض توجهات محور واشنطن-تل أبيب الرامية إلى استخدام القدرات التركية في دعم الحرب الأمريكية ضد أفغانستان, وأيضاً في دعم الانتهاكات الإسرائيلية ضد دول وشعوب الشرق الأوسط.
وبرغم وضوح خلفيات مشهد لقاء أردوغان-أوباما ,فإن هناك العديد من الآراء الخافتة التي تقول, بأن هناك جهود أمريكية-أوروبية لعقد صفقة مع تركيا وذلك على أساس اعتبارات تسوية الأوراق مع تركيا على أساس الخطوط الآتية:
• التوصل إلى حل لأزمة الملف القبرصي.
• التوصل إلى حل لأزمة الممرات البحرية وجزر بحر إيجة بين تركيا واليونان .
• التفاهم حول كيفية  دعم الاقتصاد التركي.
وأضافت المعلومات, بأن محور واشنطن-تل أبيب, سوف يكثف تفاهماته مع الاتحاد الأوروبي لجهة الوصول إلى موقف مشترك يتيح لأنقرا إطلاق يدها في قمع الحركات الكردية الانفصالية ,وإضافة لذلك, تقول المعلومات والتسريبات, بأن الرئيس الأمريكي أوباما قد حث الرئيس أردوغان على ضرورة أن تقوم تركيا بفتح حدودها الدولية مع أرمينيا فوراً, وعدم إرجاء فتح الحدود إلى حين قيام القوات الأرمينية بالانسحاب من أراضي أذربيجان
ونلاحظ هنا, أن الطلب الأمريكي بفتح الحدود التركية-الأرمينية دون قيد أو شرط, هو طلب سوف يترتب عليه إلحاق الأضرار الفادحة بالعلاقات التركية-الأذربيجانية, وتقول المعلومات بأن أذربيجان قد هددت أنقرا ,بأنها سوف تقوم بتحويل مسار إمدادات غاز ونفط منطقة بحر قزوين بعيداً عن تركيا, وتحديداً عبر الأراضي الجورجية وذلك إذا تجرأت تركيا وفتحت الحدود مع أرمينيا قبل قيام أرمينيا بسحب قواتها من أذربيجان, وحل أزمة إقليم ناغورنو-كرباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.
بعد عودة رئيس الوزراء التركي أردوغان إلى أنقرا, سوف تقوم القيادة التركية ببحث الملفات ودراسة حسابات معادلة الفرص والمخاطر التي سوف تترتب على المطالب الأمريكية.. فهل يا ترى سوف تسعى حكومة العدالة والتنمية إلى اعتماد المزيد من توجهات سياساتها السابقة.. أم أنها سوف تتراجع, بما يجعل من تركيا ورقة في يد محور تل أبيب-واشنطن, أم أن أنقرا سوف تسعى إلى المزيد من المناورة بين الأطراف, وهي المناورة التي أصبح هامشها ضيقاً ومحدوداً للغاية, مع اقتراب نهاية العام, وتزايد تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي إزاء جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...