بديع في «رابعة العدوية»أمر عمليات للعنف

06-07-2013

بديع في «رابعة العدوية»أمر عمليات للعنف

مثل ظهور مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع في قلب اعتصام الجماعة في ميدان رابعة العدوية شرق القاهرة أمس، تحولاً درامياً في مسار حركة الجماهير التي أطاحت حكم «الإخوان» وعزلت رئيسهم محمد مرسي عقب تظاهرات مليونية لأربعة أيام متواصلة.
وجاء اعتلاء بديع المنصة، وإلى جواره القيادي الإخواني، المنفلت الأعصاب، عصام العريان، ذروة التحرك الإخواني المفاجئ طوال أمس لنشر حالة من الفوضى والتوتر، ومحاولة فرض السيطرة على مناطق بعينها في شوارع القاهرة والمحافظات، تمكنهم من إبقاء الوضع خارج السيطرة لفترات طويلة.بديع خلال القاء خطابه في رابعة العدوية في القاهرة امس (ا ف ب)
لكن ظهور بديع شكل لغزاً أمنياً أيضا. فقد صدر بحق الطبيب البيطري والأب الروحي للجماعة، قرار قضائي بضبطه وإحضاره على ذمة اتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين المعارضين لحكم «الإخوان»، بل إن مصادر أمنية أكدت طوال أمس الأول خبر إلقاء القبض عليه عن طريق الشرطة العسكرية التابعة للجيش في مدينة مطروح المتاخمة للحدود الليبية، والتي تعد واحدة من معاقل «الإخوان» والجماعات المتطرفة رغم كونها أحد المصايف الشهيرة. المصادر الأمنية ذاتها أكدت أنه تم نقل بديع من مطروح إلى القاهرة، حيث أودع أحد السجون.
وكان لافتا أن وزارة الداخلية لم تؤكد قط خبر القبض على بديع عن طريقة قواتها، بل ان وزير الداخلية نفسه خرج في تصريحات صحافية ليؤكد خبر إلقاء القبض على المرشد السابق مهدي عاكف. وأرجع كثيرون ذلك إلى أن جهة القبض على بديع هي الجيش وليس الشرطة، ليثير ظهور بديع وسط آلاف من أنصاره تساؤلات عدة حول ما إذا كانت هناك صفقة تم على أساسها الإفراج المؤقت عنه أم لا؟
مصادر متطابقة قالت لـ«السفير» إن هذا ما تم بالفعل، وان بديع ألقي عليه القبض بواسطة الجيش، قبل أن يجرى التفاوض على الإفراج عنه مقابل أن يخطب في أنصاره المعتصمين في رابعة للتهدئة ويدعوهم للانصراف، وهو ما يفسر الغياب التام لبديع عن المشهد طوال الأيام الماضية وظهوره المفاجئ أمس ليخطب في أنصاره محرضاً على البقاء في الميادين حتى عودة «رئيسي ورئيسكم محمد مرسي» كما قال. لكن مصدرا أمنيا بارزا لم ينف أو يؤكد صحة وجود صفقة للإفراج عن بديع.
صفقة أو غيرها، سوء تقدير من الجهات التي ألقت القبض على بديع ثم أفرجت عنه، أو عدم تقدير جيد للأمور بالقبض على قيادات وسطى في الجماعة وترك مرشدها حرا طليقا، رغم وجود بلاغات عدة تتهمه بالتحريض على القتل في ظروف استثنائية بالأساس.
الأكيد أن خطبة بديع في أنصاره كانت إشارة البدء لأعضاء الجماعة للتحرك بعنف زائد في القاهرة والمحافظات، وليكملوا سلسلة من التحركات العنيفة التي بدأت منذ الصباح بالتحرك للاعتصام أمام دار الحرس الجمهوري في ضاحية مصر الجديدة وإطلاق النار والخرطوش على قوات الحرس التي ترابض أمام الدار، والتي يعتقد أن الجيش يتحفظ داخلها على مرسي، وهي الاشتباكات التي وقع ضحيتها أحد المتظاهرين، ورفض الجيش مطلقا تحمل مسؤولية سقوطه، مؤكدا أنه لم يستخدم الرصاص الحي قط مع المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول.
وبلغت ذروة الاشتباكات في الإسكندرية وقنا وأعلى كوبري أكتوبر وسط القاهرة وقرب ميدان التحرير الذي لا يزال فيه بضعة آلاف من المتظاهرين ليحتفلوا بإسقاط نظام «الإخوان».
أما كلمة بديع التي ألقاها، وطوافة عسكرية تحلق فوقه، حتى أنه استفز قائدها قائلا في الميكروفون «صور يا حبيبي صور»، فبدا فيها اهتزاز موقف الجماعة، رغم أن المرشد كان يتحدث وسط عشرات الآلاف من أنصاره.
وتكلم بديع، وهو متحدث تقليدي وغير حماسي بوجه بدا عليه الإرهاق، قائلا إن «عدم عودة مرسي دونها الرقاب ونفدي شرعيته بأرواحنا»، وسط هتافات «الله أكبر»، فيما بدا ترويجا واضحا للعنف وخلطا مستمرا بين الفعل السياسي واعتباره معاداة للإسلام.
وأضاف أن المجلس العسكري الذي تولى إدارة مصر من بعد سقوط مبارك حتى وصول مرسي للرئاسة خاطب المرشد قائلا «تحملوا عبء السياسة، واتركوا لنا تأمين الحدود»، متسائلا «لماذا عاد الجيش إلى السياسة بعد عام واحد فقط من تركها»، من دون أن يلحظ أن بقوله هذا اعترف علانية بوجود صفقة بين المجلس العسكري و«الإخوان» يسلم بمقتضاها قائدا الجيش السابقان المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان البلد للجماعة لإدارتها عقب ثورة 25 كانون الثاني.
وتزامن مع ظهور بديع المفاجئ في ميدان رابعة العدوية، ظهور مماثل للقيادي الإخواني محمد البلتاجي أمام دار الحرس الجمهوري، مخاطبا ضباط وجنود الجيش بقوله «جئنا هنا من أجل إخراج رئيسنا محمد مرسي ولن نعود إلا به»، بينما قاد وزير التموين السابق باسم عودة تظاهرة إخوانية كبيرة تحركت من اعتصام «ميدان النهضة» في الجيزة باتجاه مبنى التلفزيون الحكومي في ماسيبرو، ومنحوا الجيش مهلة للإفراج عن مرسي قبل اقتحام المكان الذي تسيطر عليه منذ ثلاثة أيام قوات من الكوماندوس والحرس الجمهوري.
وتحدث قيادي إخواني في إحدى محافظات الدلتا  قائلا ان عددا إضافيا من أعضاء الجماعة في المحافظات سيتحركون اليوم لينضموا إلى أقرانهم المعتصمين في ميدان رابعة العدوية منذ أيام، للمحافظة على الكتلة العددية ذاتها في الميدان في حالة إذا ما عاد جزء من أعضاء الجماعة المعتصمين في القاهرة إلى محافظتهم لعدة أيام من أجل راحة مؤقتة، في معركة يبدو أن «الإخوان» لن يسلموا فيها بسهولة، مهما سالت الدماء فيها من الجميع، ومهما هزت من استقرار البلد.

محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...