أغاني الفتيات في السودان: مرفوضة جهراً... مسموعة سراً

05-08-2013

أغاني الفتيات في السودان: مرفوضة جهراً... مسموعة سراً

أولت القنوات الفضائية السودانية طيلة أيام رمضان اهتماماً غير معهود بأغاني الفتيات، شبه المحظورة في وسائل الإعلام الجماهيرية. ونفضت عن لون الغناء هذا غبار النسيان، بعد أن كان سجين الأعراس والمناسبات الاجتماعية السعيدة.
وقوبلت خطوة البث المكثف لأغاني الفتيات برفضٍ من بعض المتشددين، الذين ما زالوا ينظرون للغناء والموسيقى من زاوية فقهية ضيقة، بينما تعاملت معها قطاعات كثيرة من المجتمع كنوع من رد اعتبار لفن غنائي كان مغضوباً عليه من دون مبرر.
وتتسم أغاني الفتيات بطابع شعبي وكلمات جريئة، لم يكن من السهل تداولها في المنابر العامة سابقاً. وتستخدم مفردات غاية في البساطة والعادية من الحياة اليومية لجموع الناس في المدن والأرياف.
ويعتبر كثير من الباحثين الذين التفتوا إلى نمط غناء الفتيات مؤخراً أنها ظاهرة اجتماعية وفنية تستوجب النظر والتأمل، بالاقتراب منها بشكل علمي. وفي رأي الكثير منهم، فإن نمط الغناء هذا يكشف الكثير من النواحي الإيجابية والسلبية التي شهدها المجتمع السوداني عبر عقود من الزمن.
وتشمل أغاني الفتيات أنواعاً عديدة، بينها «السباتة» التي ترقص على إيقاعاتها الصاخبة العروس بصحبة نساء فقط. كذلك هناك أغنيات «المناحات» التي تغنّى في المآتم، إلى جانب أغنيات الحصاد والمطر وغيرها.
وطالب الباحث الأكاديمي السوداني عبد الله حمدنا الله الباحثين في الدراسات السوسيولوجية بعدم التعامل باستخفاف مع أغاني الفتيات، كما أنحى باللائمة على المتزمتين، الذين قال إنهم يرفضون أغاني البنات جهراً، ويستمعون إليها سراً.
ورغم النقاشات الساخنة في المنابر الإعلامية العامة بين من يدين أغاني الفتيات ويتهمها بتفكيك النسيج الاجتماعي، وبين من ينظر إليها على أساس أنها نتاج فني اجتماعي، فإن غناء الفتيات ينتشر بسرعة هائلة. ففي غالبية وسائل المواصلات العامة في الخرطوم، يمكن الاستماع إلى نماذج مختلفة من هذا النمط الغنائي. ومن أنجح هذه الأغاني أغنية تقول «لو فاكرة ريدتنا زي مهند نور، تبقى غلطانة عايزا ليك دكتور». وهذه الأغنية ذات الكلمات البسيطة تشير إلى مسلسل مهند ونور التركي، الذي تعلقت به الفتيات السودانيات بشكل كبير. وفيها يخاطب الحبيب حبيبته بقوله إن حبه لها لا يشبه حب «مهند ونور».
وتعدّ الفنانة ندى القلعة أشهر مؤدية لأغنيات الفتيات الشعبية في الوقت الراهن، فهي تمتاز بصوت قوي وتشهد حفلاتها الجماهيرية حضوراً واسعاً لأطياف مختلفة من الناس. وبدأت القلعة تجربتها الغنائية بأداء الأغنيات الخفيفة في منازل العروس، وسرعان ما حظيت بشهرة واسعة بعد أدائها لنماذج مختلفة من الأغنيات القوية والجريئة.
وكشفت القلعة عن كثير من الصعوبات التي واجهتها في بداية طريقها، مشيرة إلى انتشار الأغاني مؤخراً بسبب الطلب المتزايد عليها من المواطنين.
وحسب الباحث حمدنا الله فإن هناك ثلاث فئات اشتهرن بأداء أغاني الفتيات: فرقة «البلابل»، وهن ثلاث شقيقات كن يؤدين أغنيات باهرة منتصف سبعينيات القرن الماضي. كما تؤدي هذا اللون من الغناء نساء من قاع المجتمع، ويصنفن كعديمات أخلاق، والفئة الأخيرة هم أشباه الرجال.
إلا أن حمدنا الله يرى أن أصل الغناء في السودان كان أغاني النساء. وضرب مثالاً بأغنيات «الحكامات» في غرب السودان، موضحاً أن الرجال في ذلك الوقت كانوا يكتفون بكتابة الشعر من دون الغناء. ويشير إلى أن أغنيات الفتيات تغنّى في منازل الأثرياء، رغم أنها تخاطب أحلام بنات الفقراء وطموحاتهن.


(عن «دويتشيه فيلله» بتصرف)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...