الفشل الاستثنائي المتوقع لقمة جامعة الدول العربية الاستثنائية في سرت

07-10-2010

الفشل الاستثنائي المتوقع لقمة جامعة الدول العربية الاستثنائية في سرت

الجمل: سوف تشهد مدينة سرت الليبية يوم السبت القادم انعقاد قمة الجامعة العربية الاستثنائية، وتقول التقارير والمعلومات بأن هذه القمة سوف تكون مكرسة لجهة النظر فيما أطلق عليه الخبراء تسمية مشروع أمين الجامعة العربية العام عمرو موسى لتطوير الجامعة العربية: ماذا يقول المشروع؟ وما مدى مصداقية مقاربة عمرو موسى لتطوير الجامعة العربية؟
* جدول أعمال القمة العربية الاستثنائيةشعار جامعة الدول العربية
تقول التقارير والمعلومات، بأن القمة الاستثنائية العربية التي سوف تنعقد في مدينة سرت الليبية سوف تركّز على إنفاذ جدول أعمال يتكون من بندين هما:
• البند الأول: إعادة هيكلة الجامعة العربية.
• البند الثاني: إقامة رابطة الجوار الإقليمي العربي.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذين البندين قد تم التطرق لهما في قمة الجامعة العربية الدورية السابقة، وتم تكليف الأمين العام للجامعة العربية –وزير الخارجية المصري السابق- عمرو موسى بضرورة إعادة مشروع متكامل حولهما، ثم طرحهما أمام قمة استثنائية اخصص لمناقشة المشروع والنظر في المصادقة عليه.
* قمة سرت الاستثنائية: القراءة في تحليل المضمون
على أساس اعتبارات البند الأول والثاني اللذان سوف يشكلان قوام مضمون القمة الاستثنائية يمكن ملاحظة الآتي:
- إعادة هيكلة الجامعة العربية: تقول المعلومات والتقارير بأن إعادة هيكلة الجامعة العربية تهدف إلى إتاحة المجال لجهة تحويل الجامعة العربية ضمن سياق مؤسسي جديد، بحيث تصبح «اتحاد عربي» أو «اتحاد الدول العربية»، وعلى ما يبدو، فإن تجربة نجاح الأوروبيين في الانتقال من سياق تكتلي إقليمي إلى آخر وصولاً إلى صيغة الاتحاد الأوروبي قد أشعلت طموحات الرأي العام القومي العربي لجهة ضرورة تطوير الجامعة العربية لتأخذ شكل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمكن النظر إليه باعتباره المحفز لأمين الجامعة العربية عمرو موسى لجهة إعداد المشروع، ولكن على أساس اعتبارات مصداقية مشروع عمرو موسى، فإن الكثير من الشكوك ما تزال تراوح مكانها، وبتوضيح أكثر يمكن الإشارة إلى العديد من النقاط السالبة المتعلقة بهذا المشروع منها على سبيل المثال لا الحصر: أنه جاء متأخراً كما أنه تم بإشراف شخص واحد، علماً بأن التكتلات والأحلاف لا بد أن يكون ثمرة جهود هائلة بواسطة الخبراء ومراكز الدراسات إضافةً إلى المشاورات، وهو ما لم يقم به الأمين العام.
إن بناء "اتحاد إقليمي" هو أمر ينطوي على سيناريو يتكون من العديد من العوامل الحاكمة، فهناك ملفات اقتصادية وملفات سياسية وملفات اجتماعية وملفات ثقافية وما شابه ذلك، والانتقال من مضمون الجامعة العربية إلى مفهوم الاتحاد يتطلب معالجة كل هذه الملفات بما يتضمن عدة مئات من ورشات العمل ومئات الأوراق البحثية، فضلاً عن جمع المعلومات وتحليلها وتفسيرها، وهو بالطبع ما لم يقم به الأمين العام عمرو موسى.
- رابطة الجوار الإقليمي العربي: يبلغ عدد دول الجوار العربي 12 دولة (تركيا، إيران، أرتيريا، أثيوبيا، كينيا، أوغندة، الكونغو الديمقراطية، افريقيا الوسطى، تشاد، النيجر، مالي، السنغال) ونلاحظ أن انتماءات هذه الدول الجمهورية الإقليمية تتضمن قدراً شعار الاتحاد الأوروبيكبيراً من الاختلاف والتباين، فهناك دولتان آسيويتان هما تركيا وإيران، وهناك عشرة دول أفريقية يمكن تقسيمهما إلى مجموعتين هما: مجموعة دول الحزام السوداني (أرتيريا، أثيوبيا، تشاد، النيجر، مالي) ومجموعة دول أفريقية الاستوائية (كينيا، أوغندة، الكونغو الديمقراطية، أفريقيا الوسطى). إقامة رابطة تضم دول الجوار العربي، وإن كان في حد ذاته ينطوي على قدر كبير من الأهمية، فما هو مهم وبالدرجة الأولى، البدء في افتتاح حوار عميق مع هذه الدول لمعرفة مدى رغبتها في التعاون ضمن منظومة الجوار العربي، وما هي تصورات نخبها الحاكمة إزاء هذه الرابطة، وهو أيضاً ما لم يقم به أمين الجامعة العربية عمرو موسى.
لم تساهم مراكز الدراسات العربية المعنية بقضايا التعاون الإقليمي العربي والعلاقات مع دول الجوار العربي بأي جهود حقيقية لجهة وضع بنود "مشروع عمرو موسى" موضع الفحص والتدقيق العلمي، إضافةً لذلك لم تسعَ الجامعة العربية نفسها إلى إطلاق مبادرة تتضمن مشروع إعادة هيكلة الجامعة العربية ورابطة دول الجوار العربي بشكل يقوم على الاتصال بالمغتربين والباحثين العرب لجهة إعداد الأوراق البحثية وتقديم الندوات الفكرية بما يسلط الضوء بالشكل الكافي على مشروع عمرو موسى ويعطيه فاعلية وجدوى أكبر.
* سيناريوهات ما بعد قمة سرت
تطرقت الوسائط الإعلامية العربية لموضوع قمة سرت الاستثنائية بشكل انطوى على قدر كبير من السطحية، إن لم يكن عدم الاهتمام، ولكن علينا أن ندرك أن الفرق كبير بين الوسائط الإعلامية الأوروبية ومدى قدراتها الإدراكية والمعرفية التي تناولت بها مشروع الاتحاد الأوروبي والوسائط الإعلامية العربية التي لا يعرف معظم المسئولين عنها معنى مصطلح الاتحاد، وما هو الفرق بين مفهوم اتحاد عربي ومفهوم جامعة عربية.
لقد عانى العرب كثيراً من جامعة الدول العربية، وعلى وجه الخصوص تجاربها التي أسست لجعل المشروع القومي العربي يتحول من مشروع الوحدة العربية إلى مشروع التفكك العربي، وجعل مشروع العمل العربي المشترك يتحول مشروعاً لإدمان الفشل. والآن، وعلى خلفية مشروع عمرو موسى، والذي افتراضاً يتوجب أن يسعى إلى تحويل العمل العربي المشترك من دائرة الفشل إلى دائرة النجاح، فقد جاء التعليق المثير للاهتمام، والذي سعى لمقاربة نتيجة اجتماع قمة سرت العربي الاستثنائية قائلاً: سوف تقوم قمة سرت العربية الاستثنائية بالمصادقة على مشروع عمرو موسى بكل سهولة وبدون تعقيدات، وذلك لأن مشروع عمرو موسى سوف يسعى إلى إحداث تغييرات شكلية لن تؤثر على آليات عمل الجامعة العربية أو على قراراتها؛ إذاً وبالنتيجة، سوف تستمر القمم العربية في مسيرة إدمان الفشل طالما أن التغييرات سوف تكون شكلية وغير مؤثرة لا على آليات العمل أو على القرارات!؟

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...