التورط الأمريكي-الإسرائيلي في انقلاب الأكوادور العسكري

06-10-2010

التورط الأمريكي-الإسرائيلي في انقلاب الأكوادور العسكري

الجمل: تحدثت التقارير الإعلامية خلال اليومين الماضيين كثيراً عن التمرد العسكري المسلح الذي سعى للإطاحة بالرئيس الأكوادوري رفائيل كورييا، ولما كان هذا الرئيس من كبار خصوم الولايات المتحدة في القارة الأمريكية اللاتينية، فقد حملت المحاولات الانقلابية التي تعرض لها المزيد من التساؤلات حول مدى حجم التورط الأمريكي-الإسرائيلي في القارة اللاتينية، ومدى احتمالات أن يتسع نطاق هذا التورط بما يمكن أن يشمل دول أمريكا اللاتينية الكبرى، وعلى وجه الخصوص البرازيل والأرجنتين؟
* المسرح السياسي الأكوادوري: توصيف المعلومات الجاريةخارطة جمهورية الأكوادور
تقع جمهورية الأكوادور في الجزء الشمالي الغربي من قارة أمريكا الجنوبية، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعلومات الجيو-سياسية الآتية:
- المساحة: 283561 كم2.
- السكان: 14.8 مليون نسمة.
- الناتج المحلي الإجمالي: 62 مليار دولار أمريكي.
- متوسط الدخل السنوي: 4328 دولار أمريكي للفرد الواحد.
هذا، وعلى أساس اعتبارات التركيب الديموغرافي-الإثني، تعتبر جمهورية الأكوادور من البلدان الأمريكية اللاتينية التي تجمع بين التكوين العرقي المختلط (65% من السكان ليس لهم عرق محدد فهم خليط من أعراق هندية-إسبانية-أفريقية) وبقية الـ 35% من السكان يمثلون الأقليات ذات النقاء العرقي (25% هنود حمر، 7% أسبان، 3% أفارقة).
نالت الأكوادور استقلالها عدة مرات، ففي 24 آذار (مارس) 1822م نالت استقلالها من إسبانيا، وفي 13 آذار (مارس) 1830 نالت استقلالها من كولومبيا، وبحلول 16 شباط (فبراير) 1840 تم الاعتراف رسمياً بواسطة ملك إسبانيا باستقلال الأكوادور.
تقع الأكوادور ضمن الجزء الشمالي من قارة أمريكا الجنوبية، وتأسيساً على ذلك، فإن دول هذا الجزء: الأكوادور، كولومبيا، فنزويلا، بيرو، تمارس حضورها القوي لجهة التأثير في بلدان أمريكا الوسطى وبقية دول أمريكا الجنوبية وعلى وجه الخصوص تشيلي والبرازيل والأرجنتين والأرغواي وبارغواي.
* التورط الأمريكي-الإسرائيلي في الأكوادور: ماذا تقول المعلومات
سعى محور واشنطن-تل أبيب إلى نقل إنفاذ مخططاته منذ فترة طويلة إلى بلدان قارة أمريكا اللاتينية وذلك تحقيقاً للعديد من الأهداف والتي من أبرزها:
• استدامة السيطرة والنفوذ الأمريكي بما يجعل من هذه البلدان تقوم بشكل دائم ومستمر بدور المزرعة الخلفية لواشنطن.
• ابتزاز الموارد الاقتصادية الخاصة بهذه البلدان بما يجعلها نهباً للشركات الأمريكية والأقليات اليهودية المقيمة فيها.
• استخدام وتوظيف قدرات هذه البلدان في مسارح السياسة الدولية وعلى وجه الخصوص في منظمات المجتمع الدولي مثل الأمم المتحدة وغيرها بما يعطي وزناً أكبر للتوجهات الأمريكية.
• استخدام بلدان القارة اللاتينية كملاذ آمن لإدارة العمليات القذرة، مثل زراعة المخدرات، منشآت غسيل وتبييض الأموال وإيواء المجرمين إضافةً إلى تدريب الجيوش السرّية وفرق الموت وإجراء التجارب العلمية الممنوعة وغير ذلك.
عانت بلدان أمريكا اللاتينية كثيراً من اختراقات وتغلغل الأجهزة الأمريكية والإسرائيلية وعلى وجه الخصوص جهاز الموساد الإسرائيلي والذي تقول المعلومات بأنه قد خصص العديد من الوحدات السرية ووضع على رأسها كبار الضباط الإسرائيليين لجهة القيام بتنفيذ العديد من العمليات السرية، و زراعة المخدرات وإدارة معامل تركيب الكوكائين وما شابه ذلك. وفي هذا الجانب، نشير إلى أن العديد من لجان الأمم المتحدة المعنية بمكافحة المخدرات قد اكتشفت وجود العديد من كبار الضباط الإسرائيليين المتقاعدين وهم يديالرئيس الأكوادوري رفائيل كورييارون العديد من الشبكات الإجرامية المرتبطة بعصابة ماندلين الكولومبية الشهيرة وبقية عصابات أمريكا اللاتينية.
أدى صعود الرئيس رفائيل كورييا إلى السلطة في الأكوادور إلى إثارة حفيظة محور واشنطن-تل أبيب، وذلك لعدة أسباب من أبرزها:
- توجهاته اليسارية المعادية للنفوذ الإمبريالي.
- تحالفاته وروابطه الوثيقة مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز والرئيس الكوبي فيدل كاسترو.
- مساعيه المتزايدة لجهة بناء تحالف أمريكي لاتيني قوي معادي للنفوذ الأمريكي الإمبريالي.
- الدعم الكبير الذي ظل يقدمه الرئيس رفائيل كورييا إلى الجانب العربي في معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي، وقد برزت مواقفه التي أغضبت الإسرائيليين والأمريكيين بوضوح خلال أزمة حرب غزة، وإدانته المتكررة لجريمة حصار الإسرائيليين لقطاع غزة، إضافةً إلى مواقفه الرافضة للموقف الأمريكي-الأوروبي-الإسرائيلي المعادي لإيران.
- خلال أزمة زلزال هاييتي كان الرئيس رفاييل كورييا أحد الزعماء اللاتينيين الذين نددوا بمساعي واشنطن لاستغلال عمليات تقديم المعونات من أجل احتلال هاييتي والسيطرة عليها.
- سعى الرئيس رفائيل كورييا إلى الحد من الوجود الأمريكي العسكري-الأمني-الاقتصادي في الأكوادور، فقد أغلق إحدى القواعد العسكرية، إضافةً إلى سعيه إلى فرض المزيد من القوانين والتشريعات المقيدة لحرية إطلاق يد الشركات الأمريكية في ابتزاز موارد الأكوادور.
تقول التسريبات بأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد قامت بزيارة للعاصمة الأكوادورية كويتو والتقت بالرئيس كورييا، وطرحت أمامه وبكل وضوح أن يختار بين أن يكون حليفاً لأمريكا أو حليفاً للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، طالما أن واشنطن ترى أن الجمع بين أمريكا وتشافيز من سابع المستحيلات. وبرغم وضوح تهديدات الوزيرة كلينتون فقد اختار الرئيس كارييا التحالف مع هوغو تشافيز.
* سيناريو الأزمة الأكوادورية: إلى أين؟
أكدت التقارير بأن بؤرة الأزمة السياسية قد نشأت داخل البرلمان الأكوادوري، وذلك بسبب الخلافات المتزايدة حول إصدار بعض التشريعات التي تحد من سيطرة الشركات الأمريكية والأوروبية، وفي هذا الخصوص، فقد ثارت ثائرة الشرطة، والذين سارعوا بقيادة قائدة الشرطة إلى إغلاق الشوارع الرئيسية وإقامة الحواجز، واحتلال بعض المرافق العامة. وتقول المعلومات والتقارير، بأن الرئيس كورييا قد سعى إلى التفاهم من بعض قادة تمرد الشرطة، ولكنه استطاع أن يفلت بعد أن بادر رجال الشرطة بإطلاق النار على موكبه، وتمكن من دخول إلى أحد المستشفيات، وبالفعل بادرت قوات الشرطة بمحاصرة المستشفى ودارت معركة بين قوات الشرطة والقوات المرافقة للرئيس رفائيل كورييا، وبعد عدة ساعات وصلت بعض وحدات القوات الخاصة التابعة للجيش الأكوادوري، واستطاعت فك الحصار وسحب الرئيس كورييا ومرافقيه إلى القصر الرئاسي، وخلال هذه الفترة، نجحت قوات الجيش والمخابرات من إحباط محاولة زعيم المعارضة الأكوادوري القيام برفقة قوات الشرطة واحتلال مبنى الإذاعة والتلفزيون لجهة القيام بإذاعة بيان يعلن فيه القضاء على الرئيس كورييا والدعوة لعقد جولة انتخابات مبكرة.
تشير التحليلات إلى أن نموذج انقلاب هندوراس أصبح يشكل النموذج الذي سوف تسعى واشنطن إلى تطبيقه في العديد من دول أمريكا اللاتينية. وفي هذا الخصوص نشير إلى أن أبرز معطيات نموذج الانقلاب الهندوراسي هو السعي للإطاحة بالرئيس المعادي لمحور واشنطن-تل أبيب، والدعوة لعقد انتخابات سريعة تتيح انتخاب رئيس جديد موالي لمحور واشنطن-تل أبيب، وإذا كانت واشنطن قد نجحت بخبث في هندوراس، فإنها قد أخفقت هذه المرة في الأكوادور، ولكن، وكما تقول التسريبات، فإن أطراف محور واشنطن-تل أبيب سوف تحاول معاودة ذلك مراراً وتكراراً، ولن يتركا لشعوب القارة الأمريكية اللاتينية فرصة الإفلات من الهيمنة الأمريكية، وإذا كان الحل الصحيح واحداً والحلول الخاطئة كثيرة، فسوف لن يسعى الأمريكيون والإسرائيليون إلى اعتماد تطبيق الحل الصحيح إلا إذا فشلوا في تطبيق كل الحلول الخاطئة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...